تعانيان من وضع صعب جدا بعد سيطرة الحركة الاسلامية علي القطاع

داني روبنشتاين - هآرتس


مهما بلغت خطورة حكم حماس في غزة بالنسبة لاسرائيل، إلا أنها لا ترقي الي مستوي الخطورة التي يُشكلها بالنسبة للسلطة الفلسطينية.

حماس لا تعترف من الناحية المبدئية بحق اسرائيل في الوجود، وتهدد بخوض صراع عسكري وشن العمليات، إلا أن القدرة الاسرائيلية للدفاع عن النفس في مواجهة هذه التهديدات واضحة للعيان. إلا أن حماس من الناحية الاخري تعتبر تهديدا وجوديا بالنسبة للسلطة الفلسطينية وم.ت.ف، ومن الصعب عليها أن تدافع عن نفسها في وجهه. اذا انتصرت حماس فقد يتغير جوهر الحركة الوطنية الفلسطينية كليا. ومن الممكن التيقن من ذلك من خلال الاتهامات المتبادلة بين الناطقين بلسان حماس وبين الناطقين بلسان السلطة الفلسطينية (م.ت.ف وفتح)، والتي تزداد حدة وتصاعدا في كل يوم.
أغلبية الامور التي يقولها نشطاء حماس عن أتباع فتح معروفة: أنتم فاسدون، سرقتم اموال الشعب حتي تعيشوا حياة الترف والملذات. أنتم وُشاة وعملاء للشاباك الاسرائيلي والاستخبارات الامريكية. أنتم تعيشون حياة استباحية وتتصرفون علي الطراز الغربي المترف (تشربون حتي الثمالة ولا تحرصون علي قواعد وأصول الاحتشام وما الي ذلك). أنتم تُرسلون أبناءكم للدراسة والتمتع في الخارج في الوقت الذي يقاتل فيه أبناؤنا ويموتون أو يذوون في السجون الاسرائيلية. الناطقون بلسان فتح يردون عليهم: أنتم متعصبون متطرفون تخدمون الشيعة في ايران. تنازلتم عن الفكرة الوطنية من اجل اقامة دولة شريعة اسلامية. أنتم لا تكترثون اذا أُقيمت دولتكم الاسلامية في افغانستان أو في فلسطين. أنتم لا تحافظون علي القيم الديمقراطية وقد نفذتم انقلابا دمويا واحتللتم الحكم في غزة من خلال القتل والارهاب. حاولتم قتل أبو مازن وقادتكم يُرسلون الفتيان لتنفيذ عمليات انتحارية، ولكنهم لا يُرسلون أبناءهم هم (هذا اتهام وجهه توفيق الطيراوي، رئيس المخابرات العامة في الضفة، لأحد قادة حماس وغزة، والمقصود هو عبد العزيز الرنتيسي علي ما يبدو إذ قام بمنع ابنه من تنفيذ عملية انتحارية).
في قيادة حماس تسود خلافات، ومن الممكن التمييز بين المتطرفين والأقل تطرفا بينهم ـ الا ان قيادة فتح في المقابل هي كومة من الأنقاض المدمرة. مجموعة كبيرة من قادة فتح في غزة تُجري حوارا وديا مع حماس، وهناك من بينهم حتي من يتعاون معها بصورة علنية. في قيادة فتح في الضفة توجد مظاهر تعاطف مع حماس، وفي نهاية الاسبوع الماضي صرح نبيل عمرو، مستشار أبو مازن المقرب، بأن عضو اللجنة المركزية لفتح، هاني الحسن، قد تدهور الي الحضيض في تعاونه مع حماس (بسبب مقابلة أُجريت معه في قناة الجزيرة ).
الإرباك والبلبلة في قيادة فتح ينبعان قبل كل شيء من الانطباع الواضح بأن الشارع الفلسطيني انما يتعاطف مع حماس. علي هذه الخلفية تبلور وضع أصبح فيه نشطاء فتح في الضفة الغربية بانتظار قيام اسرائيل والجيش الاسرائيلي بتنفيذ المهمة القذرة بدلا عنهم، أي قمع وتصفية حماس في غزة. دولة اسرائيل تعاقب غزة من خلال فرض الحصار وتحديد كمية الكهرباء والماء، وكذلك الغذاء، بدرجة معينة. الجيش الاسرائيلي يقصف ويغتال من بيت حانون حتي رفح. الدول العربية كذلك، التي تشجع استمرار وتواصل حكم حماس في غزة، المعارضة الاسلامية فيها ستربح من ذلك هي ايضا.
من سيخسر هو دولة اسرائيل التي ستتهم مرة اخري بجرائم ضد الانسانية والمدنيين. في قيادة السلطة الفلسطينية وفي اغلبية الأنظمة العربية وفي اوروبا وامريكا، واسرائيل بالطبع ـ لا يرغب أحد بحماس التي ينبع تأييدها من الجمهور الفلسطيني العريض بالأساس. من الواضح لكل فلسطيني اليوم انه اذا كانت حماس في اللعبة فليست هناك لعبة. أبو مازن لا يستطيع أن يلتزم بأي اتفاق مع اسرائيل من دون تسوية مع حماس. أبو مازن وم.ت.ف والانظمة العربية ملزمون بتدبير أمورهم مع حماس عبر التفاهم معها وليس من خلال الحصار والتصفيات والتجويع التي تنفذ بيد اسرائيل.