جابر الحرمي انطوت صفحة عام هجري آخر، وانقضت بما احتوت، وتبادل البعض- وان كانوا قلة- التهاني عبر الرسائل الالكترونية بمناسبة العام الجديد، في ظاهرة ربما تكون غير مألوفة، الا ان الاحتفاء بالعام الهجري لا يتساوى ابدا بالاحتفاء بالعام الميلادي، وما يصاحبه من صخب وهرج واحتفالات دخيلة على مجتمعاتنا.
عام مضى قد تكون به ومضات على مستوى الافراد والامة، ولكن في كثير من لحظاته وايامه واشهره، كان عنوانا لمزيد من التقهقر والتراجع والكبوات، وما حل بنا كأفراد وكأمة خلال العام الماضي من مآس وآلام هي كثيرة لا مجال لحصرها او سردها، ولكن بداية عام جديد قد تكون فرصة لفتح صفحة جديدة على مستوى الافراد، وهو ما نحن بحاجة اليه، فالتغيير يبدأ من الافراد، ثم ينتقل الى الامة الصغيرة- الاسرة-، لتتوسع الدائرة فتشمل الامة الكبيرة.
اذن بناء الافراد هو الحلقة الاهم في بناء الامم، وهو ما يتطلب النظر اليه من قبل الافراد انفسهم، فلا يجب الانتظار لقرار حكومي من اجل تنمية الفرد، او تغيير اهتماماته، او كيفية بناء اولوياته في الحياة...، اشكالية الشعوب العربية انها تنتظر قرارات حكومية، وقرارات عليا من اجل تغيير نمط حياتها.
جميعنا ندعي اننا نرغب بأن يكون ابناؤنا افضل منا، ولكن لم نسأل انفسنا ما هي الافضلية التي نريدها لابنائنا؟ وهل نعمل جديا لايجاد هذه الافضلية ام ان الامر متروك للظروف والتقلبات حسب ما تأتي بها الايام دون تخطيط او عمل جدي فاعل؟.
اشكاليتنا اننا تعودنا على العمل الارتجالي في حياتنا، دون تخطيط، وهو ما نورثه- للاسف الشديد- لابنائنا بقصد او دون قصد، فالابن مثلا يرى غياب البرمجة في حياة والديه، ويرى ان والده يقدم على شراء الادوات الخاصة بابنه- مثلا- قبل افتتاح المدرسة بيوم او يومين على احسن الاحوال، مع العلم بموعد المدرسة قبل ذلك بأشهر، وغيرها من النماذج التي قد نراها بسيطة ولا تستحق التوقف عندها، ولكنها تمثل نموذجا في حياتنا كلها، فمن يغفل صغائر الامور، من المؤكد ان عظائم الامور ستكون غائبة تماما.
تصحيح مسار الامة لن يكون الا بعد ان يصحح الافراد مسار حياتهم، واذا كان هذا الجيل عاجزا عن تغيير مسار حياته، فلا اقل من ان يبدأ التغيير من خلال غرس ذلك في الجيل القادم من خلال ابنائه واحفاده، laquo;ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهمraquo;، صدق الله العظيم.
التعليقات