أنور صالح الخطيب

من يدعي انه فوجئ بعبور آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة إلي الأراضي المصرية بعد إزالة جزء من الجدار الأسمنتي علي الحدود بين مصر وقطاع غزة يكون كاذبا أو مخطئا علي الأقل.

quot;آلاف المواطنين اجتازوا الحدود ودخلوا إلي الأراضي المصرية بعد أن تم تدمير الجدار الأسمنتي علي الحدودquot; لم يعد أمامهم من خيار سوي هذا الخيار بعد أن أقفلت الأبواب في وجوههم وذهبت صيحاتهم أدراج الرياح أو رددها رجع الصدي.

لقد أيقن عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين اقتحموا الحدود أن هذه هي الطريقة الوحيدة أمامهم لإنقاذ حياتهم وحياة أحبائهم بعد أن بدأوا يتساقطون ضحية الحصار واحداً تلو الآخر والعالم يتفرج عليهم الأمن المصري الذي كان يشاهد اندفاع آلاف المواطنين الفلسطينيين إلي رفح المصرية لم يكن أمامه من خيار سوي المراقبة وعدم التدخل فهؤلاء من أبناء الأرض ونبتها وليسوا غريبين علي أهل غزة أو طارئين عليها.

حين تعجز الحكومات عن الإنصات لنبض الناس يأتي دور الناس في تحقيق ما تعجز عنه الحكومات وهذا ما حصل في غزة وما حصل قبل عقود في غير غزة حينما سقط جدار برلين وكما سيحصل مستقبلا حينما يتهاوي جدار الفصل العنصري الإسرائيلي الذي يبتلع أراضي الناس وبيوتهم وأحلامهم في الضفة الغربية المحتلة.

لقد اثبت أهل غزة أنهم قادرون علي قلب المعادلة مرة أخري وقادرون علي إفشال مخطط اولمرت وباراك ومعهما حكومة الاحتلال التي تجد في الشعب الفلسطيني في غزة أرقاما زائدة يمكن التخلص منها دون أن تسمع احتجاجا من احد حينما يصل التهديد إلي لقمة العيش وحبة الدواء لا يمكن أن يلام احد علي ما يفعله ومن هنا كان الموقف المصري المتسامح تجاه آلاف الفلسطينيين الذين عبروا الحدود نحو وطنهم الآخر الذي كان وطنا واحدا قبل أن تقسمه اتفاقيات سايكس بيكو ويقسمه الاحتلال الإسرائيلي الذي جعل العائلة عائلتين والمنزل الواحد منزلين.

ما حدث في غزة أمس له ما بعده والمهم البناء عليه من قبل الفلسطينيين أنفسهم ومن قبل المصريين أيضا والمطلوب البناء عليه باتجاه إيجاد ترتيبات فلسطينية مصرية مشتركة تسمح بفتح معبر رفح بشكل دائم وتنهي حصار العار علي مليون ونصف مليون فلسطيني لم يجدوا حلا سوي كسر الحصار الظالم بالقوة بعد أن شعروا بأن الجميع تخلي عنهم وتركهم يواجهون وحدهم أعتي آلة حربية عنصرية لا تقيم وزنا لحياة إنسان. لا يحق لأحد أن يحرم الفلسطينيين من معبرهم مهما كانت المبررات فمعبر رفح أصبح بالنسبة للفلسطيني يساوي الحياة ومن اجل ضمان هذا الحق تجب المبادرة لإيجاد ترتيبات فورية لفتح المعبر وضمان استمراره مفتوحا.