أورن رايس - يديعوت أحرونوت
لا تُصدقوا حاييم رامون. فهو قام هذا الاسبوع بتنظيم الهجوم الذي شُن ضد سوريا لاستخدامه في المعركة الاستباقية قبل نشر تقرير لجنة فينوغراد، حيث روى ـ استناداً الى مصادر أجنبية طبعاً ـ أن الحضيرات للهجوم تدل على أن حكومة إسرائيل تعلمت من دروس حرب لبنان الثانية. ولست واثقاً ما إذا كان ثمة أحد غير حاييم رامون يؤمن فعلاً بصحة هذه المناورة الدورية، التي ترمي الى انقاذ رئيس الحكومة من بين أسنان لجنة فينوغراد. كما أنني لست واثقاً من أنه كان سيقوم شخصيا بتنظيم هذه المناورة لو كانت تشوشت، لا سمح الله، العملية التي شُنت ضد سوريا، أو قادت الى تدهور عسكري شديد.
الى الجنوب من هناك، عبر مئات آلاف الغزاويين الحدود مع مصر هذا الاسبوع. الجبهة الجنوبية في حال من الغليان وهي تهدد بالاشتعال. العقل التحليلي لوزير الدفاع ايهود باراك، عمل ساعات إضافية واخترع اسلوب الحصار. وكما حصل في الانسحاب المتهور من لبنان، وفي القرار الذي اتخذه عندما كان رئيسا للحكومة بالسماح لزعيم المعارضة آنذاك، أرييل شارون، بزيارة الحرم القدسي، هذه المرة أيضا لم تُسمع اصوات كافية تعيد باراك الى توازنه وتكبحه قبل أن يدهورنا جميعاً الى الهاوية. وهذه المرة أيضاً قد يجد ذرائع، وقد يترك في يد دولة بأكملها قنبلة من دون صاعق. بعد ذلك سيذهب الى عالم الأعمال التجارية الخاصة. ربما يشتري شقة أُخرى في برج راق وبعد عدة سنوات يعود لإنقاذنا من الأزمات التي أوجدها بنفسه، كما لو أن شيئا لم يحصل. شكرا حقا.
لكن المشكلة لا تتمثل في ايهود باراك فقط، الذي لم يقرر ما إذا كان أكثر يمينية من أفيغدور ليبرمان، أم أكثر حبا للسلام من زهافا غلؤون (عضوة كنيست عن حركة ميرتس اليسارية). المشكلة كانت ولا زالت تتمثل في منظومة اتخاذ القرارات لدى حكومة إسرائيل. فلجنة فينوغراد لم تقرر سدى في تقريرها الجزئي، الذي نُشر في شهر نيسان الماضي، أن حكومة إسرائيل فشلت فشلاً ذريعاً عندما quot;اتخذت بتهورquot; قراراً بشن عملية عسكرية شديدة وفورية، من دون فحص مغزاها ومن دون أن تطلب إجراء نقاش جوهري بشأنها وشأن تأثيراتها المحتملة.
هل تغير شيء ما منذ ذلك الحين؟ من المناسب أن نسأل ما إذا كانت المؤسسة الأمنية توقعت، وما إذا كان وزراء الحكومة توقعوا أن يقوم سكان قطاع غزة الجياع باقتحام الحدود مع مصر؟ هل استعدت إسرائيل في الوقت المناسب لمثل هذا السيناريو؟ هل استعدت إسرائيل لاقتحام معبر إيرز بشكل مشابه؟ لماذا لم يؤجل باراك نفسه قرار مواصلة الحصار على غزة، إلى حين العودة من مؤتمر دافوس في سويسرا، بدلاً من أن يترك مثل هذا القرار الثقيل الوزن بين يدي نائبه متان فلنائي.
من المناسب طبعاً أن نسأل الأسئلة التالية: هل أن خلق أزمة انسانية بين السكان المدنيين هو قرار مناسب، مدروس ومعياري. فالغطرسة والكبرياء في هذه القرار، كما تجلت جيداً في كلام أولمرت: quot;من جهتي، ليتنقل كل سكان غزة سيرا على الأقدامquot;، تُذكرنا بما نسيناه في بداية حرب لبنان الثانية، حيث سمعنا وقتها أقوالاً مماثلة: quot;سنعيد لبنان 20 عاماً الى الوراءquot;، وكذلك quot;نصرالله لم ينسَ من هو عمير بيرتسquot;. وهو بالطبع لم ينسَ، وكذلك نحن.
يشير قرار الحصار ضد قطاع غزة إلى أن حكومة إسرائيل لم تتعلم شيئاً من حرب لبنان الثانية. فباراك، الذي يريد أن يبدو الآن كـquot;ناضج مسؤولquot;، يواصل اللعب بتفكيك أجهزة التوقيت في العبوات الناسفة. أحياناً تنفجر العبوة، وأحياناً لا تنفجر.
- آخر تحديث :
التعليقات