مجيد السامرائي
كثير من القصص الباسلة خرجت من معطف البرد؛ قلت هذا فيما مر من ايام رزحنا خلالها؛ تحت ثقل الوعيد بقدوم ايام تعصف بنا ريح صرصر عاتيه؛ بعض دوائر الانواء؛ قالت انها ليس لها سابق وليس لها، مثيل قضي عدد من الخلق في الصين ونفقت بهائم في اقاص شتي من العالم وهذه الانباء والانواء؛ لم تمنع متسلقاً بحرينيا من رغبته في اعتلاء قمة ايفرست؛ مع سيدتين من مواطنيه منحتاه الامارة عليهما؛ في رغبه من اعلاء شأن العرب؛ في بلوغ المني واجتياز المنايا تدك طبلات آذانهم اغنيه تعزف مع الحرب quot; ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر quot; وانا صغير كنت اسمعها هكذا quot; في منحدرquot;...
اقول قولي هذا وانا انعم بشمس الشميساني بعمان بعد ليله هطل فيها البرد كالحصي وقدمت سيارات من عجلون علي قمراتها بضعة سنتمترات من ثلج لم يفلح قادة هذه المركبات في ازاحتها؛ او ربما رغبة في التباهي؛ انهم استطاعو ان يشقوا عباب الثلج الذي لم تنعم عمان به كما حضها الله في quot; ليلة الثلج quot; التي جعلتها بلقاء بيضاء؛ كأنها حليب الامهات. ورغم ان الثلج في حسابات دوائر الري هو كالمطر؛ من حيث انه يستطيع ان يعبئ خزانات الماء؛ ويسير بعد سيلانه في الشعاب والوديان؛ والمنحدرات؛ والمنخفضات؛ والسهوب؛ والسهول؛ التي صلت كل المخلوقات النابتة علي اديمها صلاة الاستسقاء العظمي؛ بحيث ان قبرص كلها؛ قد دفعت بكتلتها الجليدية نحو عمان؛ كأنها تقول انتم اولي منا بكل هذا الثلج؛ لذلك فكانت عين عمان ترنو الي لارنكا؛ وكذا عيني؛ وعينها؛ وعيون الخلائق من الوافدين الهابطين النازحين اللاجئين علي هذه الارض؛ التي تحن الي الماء مثل شوق الشواطي لماء دجلة كما يقول ياس خضر في اغنيه quot;اعزازquot; نحن ايها quot; الاعزاز quot;لم نكن نشعر بالطمأنينه فقد ضاق خلقنا؛ وشعرنا كما شعر الناس؛ بالرغبة في التسوق الذي يسبق النوادب التي مرت علي بلاد النهرين علي مدي توالي الايام والشهور؛ والفصول؛ والسنين؛ والدهور.
فلقد فعلنا كما يفعل النمل؛ سبتنا؛ ومعنا زاد يكفي ليومين او ثلاثة؛ وقالت امرأة لعزيز علي قلبها؛ لاتبق وحيداً في الشارع quot;لن ينفعك المعطف السميك فإن الريح ستخطفك؛ ولن تستطيع ان تدرأ السيلquot;.
أحس العزيز بأن زليخة تحبه؛ وقلبها عليه؛ وود لو يبقي تحت الريح؛ وضد الانواء؛ حتي يناديها وهو الرجل؛ حتي تمد له كفها ليمر من خلال الموج؛ مدت لغريق...
الشمس التي محقت كل التوقعات كانت سافرة تماماً؛ بحيث انه دار علي معارض الألبسة التي كانت في الليلة الفائتة عامرة؛ بكل انواع العروض الباذخه لآخر صيحات المعاطف السوداء؛ والزيتونيه quot;البتروليهquot; الفيرانية؛ والسكنية؛ والنهدية؛ وتلك تسميات محلية دارجة في عمان؛ وجدها؛ وقد رفعت دفعة واحدة؛ كأن اصحابها؛ قالوا: وداعاً ايها الشتاء؛ كمثل تلك العجوز التي سخرت من البرد؛ وقالت في حقه كلمات نابيه فعاد اليها؛ ليصفعها بسبع ليال عجاف؛ قاسيات كأنهن صفائح من ثلج صلد.
جربت مرة ان اسير بمفردي في ليل بهيم في اطول شوارع المملكة؛ وحيداً منفرداً متجرداً كالسيف تمر بي المركبات؛ تعرض رغبتها في ايصالي الي حيث اريد؛ لكني بمعطفي الثقيل؛ وانا اسير تحت ضوء القناديل؛ استذكرت قصصاً لم تخطر علي قلب بشر.
- آخر تحديث :
التعليقات