جرجيس كوليزادة
كلما فكر قادة الاطراف السياسية في العراق في عملية المصالحة الوطنية وتفعيلها، للخروج من الاختناقات التي تتعرض لها العملية السياسية، كلما ظهرت بوادر أضطراب أمني في بغداد وفي بعض المحافظات، وكأن الاضطراب والتوتر متزامن بتعمد مع اية محاولة أو خطوة صادقة لاجراء المصالحة، بالأمس القريب بدأت اجتماعات مؤتمر جديد للمصالحة والتوافق بمشاركة أغلب الأطراف، مع اعلان البعض الانسحاب منه، ولكن ما بدر من توتر على الساحة، ضيقت من آمال خروج المؤتمر بنتائج مثمرة، وبالتالي مر المؤتمر مرور الكرام دون التوفيق في جمع اتفاق عام للاطراف المعنية لتقوية العملية السياسية الجارية في بغداد.
وبالرغم من تواصل المشاورات بين رئيس الحكومة ورئاسة الجمهورية، لـ quot;بحث الإختناقات السياسية التي تمر بها البلاد وسبل الخروج منها، ضمن سلسلة لقاءات تجري بين هيئة الرئاسة ورئيس الوزراء، للتباحث والتشاور في الوضع السياسي الراهن، والوصول إلى حلول للمشاكل التي تمر بها البلادquot;، فأن الحكومة العراقية الحالية، التي شكلت في نيسان 2006، تعاني حاليا من أزمة إنسحاب سابق لبعض القوى السياسية المؤئرة، أبرزها جبهة التوافق برئاسة عدنان الدليمي التي لها خمس حقائب وزارية ومنصب نائب رئيس الحكومة، والقائمة العراقية الوطنية برئاسة الدكتور أياد علاوي ولها خمس وزارات، والتيار الصدري وله ست حقائب.
استنادا الى هذه العراقيل المطروحة أمام العملية السياسية وتأثر أعمال الحكومة بالانسحابات المذكورة، وعدم وصول مؤتمر المصالحة الى صيغة فعالة للاجماع عليها لابعاد العراق والعملية السياسية عن الازمات والتوترات الامنية والاختناقات التي تتعرض لها، فان باب الاضطراب الأمني والتوتر على الشارع العراقي دائما يكون مفتوحا على مصراعيه، بحضور ميداني، لأعمال عنف في مناطق متفرقة وفي أوقات متفاوتة في المحافظات العراقية التي زالت الوضع الأمني فيها غير مسيطر ويعاني من عدم استقرار.
لهذا فان المشاورات ضرورية بين الاطراف المعنية، لمتابعة مجريات الاحداث بتفاصيلها لايجاد مخارج وحلول آنية لها، وحجب عوامل توسعها، والسيطرة عليها في حدود معينة لامتصاص آثارها، للحفاظ على التحسن الأمني الذي حصل في العراق خلال الشهور الماضية، والعمل على توسيعها بما يلائم لزيادة مساحة الاستقرار والأمان على الساحة العراقية، لضمان أمن العراقيين وابعادهم عن التوترات والاضطرابات، وكذلك فان تفعيل حكومة المالكي بآلية جديدة بعيدة عن المحاصصة الطائفية والتحزب، وتقويتها بكوادر تكنوقراط فعالة والعمل على عودة الجهات المنسحبة منها، تشكل هو الآخر عامل مساعد للمساهمة في تقليل الاختناقات السياسية الحاصلة في بغداد، لأننا ندرك تمام الادراك كلما حصل تلكؤ واختناق في العملية السياسية، فان آثارها تنتقل مباشرة الى الشارع العراقي والى ساحة الميدان وتتحول بلحظات الى توتر واضطراب أمني، والخاسر الأول والأخير من هذا الواقع هو المواطن المدني العراقي لأنه يذهب هو وعائلته وأطفاله ضحية لأعمال العنف التي ترافق التوترات الامنية، لهذا قد حان الوقت للاطراف السياسية العراقية أن تفكر بجدية للسيطرة على المواقف الناتجة من التوترات الأمنية بآليات متسمة بالمدنية والتعقل للحفاظ على أرواح العراقيين وحماية حياتهم.
- آخر تحديث :
التعليقات