هآرتس

الفوز المثير الذي حققه عضو الكنيست حاييم اورون في الانتخابات الداخلية لقيادة ميرتس يطرح مرة اخرى مسألة انضمام الحزب الى الحكومة. اورون، المعروف بعلاقات العمل الجيدة مع رئيس الحكومة والذي يحظى بتقدير شخصي من قبل كل مكونات الكنيست، ينبغي أن يدرس بايجاب هذا الاحتمال. صحيح أن الامر الحزبي الضيق يدعو الى بقاء ميرتس في المعارضة وتثبيت مواقفها السياسية والاجتماعية، كي تعود لتكون بديلا يساريا ـ صهيونيا مناسبا كما في الماضي، ولا سيما في ضوء تشوش طريق شقيقها الاكبر حزب العمل ـ ولكن لا ينبغي الانغلاق في هذا الاعتبار الضيق.
ليس هذا وقت الاعتبارات الحزبية. فثمة على جدول الاعمال محاولة هشة، شبه يائسة، لحث المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، التي تسيطر فقط في الضفة الغربية، مهما كانت هذه السيطرة ضعيفة. ومع كل ضعفها، فهذا هو الطريق الوحيد المفتوح الآن نحو المستقبل القريب. محظور تفويت هذه الطريق ايضا.
إن دخول ميرتس الى الحكومة كفيل ببث روح الحياة في الحكومة من خلال تحررها من تهديدات حركة شاس بحلها في حال حصول تقدم سياسي ما. ومن المهم أن تعرف شاس أنه يمكن أن يكون هناك حكومة من دونها: ضم ميرتس ودعم الاحزاب العربية من الخارج سيمنح الائتلاف حتى من دون شاس أغلبية 70 عضو كنيست. ليست هذه اغلبية مثالية، ولكنها افضل بكثير من البديل، الذي هو حكومة شلل سياسي. دخول ميرتس سيوضح لشاس بان قدرتها على الابتزاز السياسي محدودة.
مطلوب الان من رئيس الحكومة الذي قال إنه بدون حل الدولتين فان دولة إسرائيل منتهية، التغلب على العراقيل وضم ميرتس الى حكومته. فهو بذلك يبث بان نواياه السلمية جدية. وفي الوقت الذي لم يتخذ فيه بعد اولمرت وحكومته خطوة عملية لحث المفاوضات باستثناء مجرد وجودها، الوقت ينفد وحماس تتعزز فقط ـ وهذه هي الخطوة العاجلة التي يتعين عليه أن يتخذها.
ضم اورون الى الحكومة سيجلب ايضا صوتا جديدا في مداولاتها، صوتا يقيم علاقات وثيقة وطويلة مع الاسير مروان البرغوثي، الممثل البارز للجيل القادم للقيادة الفلسطينية المعتدلة. والانطباع هو أن البرغوثي هو السد الاخير في وجه السيطرة التامة لحماس على المجتمع الفلسطيني، وهي الخطوة التي لا ترغب فيها إسرائيل والعالم العربي. وعليه، فمن المهم ان يُسمع صوت اورون في الحكومة، وربما ينجح أيضا حتى في اقناعها باطلاق سراح البرغوثي.
يجب أن يترافق دخول ميرتس الى الحكومة مع شروط واضحة: تقدم سريع للمفاوضات السياسية واتخاذ خطوات عملية وفورية لتعزيزها: تحسين شروط الحياة في الضفة، الإفراج عن سجناء ورفع حواجز، تجميد البناء في المستوطنات والسعي الى وقف اطلاق نار تام في غزة وفي الضفة. كما أن استبدال وزير العدل هو شرط ضروري مثلما سبق لقادة ميرتس أن قالوا.
اذا ما أصر اورون على هذه الشروط، فان بوسعه أن يحدث تأثيرا حقيقيا لحزبه الصغير والمحتضر على الوضع السياسي، وهو ما سيسهم في تعزيز ميرتس نفسها ايضا. أمر الساعة، مع كل التحفظات، هو ضم ميرتس الى الحكومة.