مقتدى .. مقتدى .. مقتدى ..
هذه هُتافات عراقيين مؤيدين لمقتدى وأزمان ابيه محمد صادق الصدر الذي قتل بالرصاص وهو يصلي .
وهذه الهتافات تعود عليها العراقيون، فلطالما سُمِع هاتِفٌ في الاعالي ... صدام .. صدام .. صدام .
ولعلها الاصوات ذاتها وان اختلفت الحناجر .
ولعلها الصوت الاخر ...
لكنها لزمنين مختلفين متناقضين قلبا وقالبا، فيهما الـخِيارُ من كل شيء. الاول زمن البعث، والثاني لمّا يعرف بعد، لكن علمانيين ومعتدلين يسمّونه زمنا ديمقراطيا، ومتشددين ومتدينين يصفونه زمنا اسلاميا . وغير هؤلاء كٌثْر، يرونه زمنا اميركيا استعماريا .
لكن مايتفق عليه .. انه زمن حاضر اليوم في صور امراء حرب وقادة احزاب وزعماء طوائف وسياسيين ورجال دين . زعماء من الخارج جاءوا مع الدبابة، واخرون في الداخل حاربوا وهادنوا صدام، واخرون استيقظوا من النوم فوجدوا انفسهم زعماء .. ومنهم مقتدى..
والقِدوة: الأُسْوة. يقال: فلان قدوة يقتدى به. ويقال: فلان لا يُقاديه أَحد ولا يُماديه أَحد ولا يُباريه أَحد ولا يُجاريه أَحد، وذلك إِذا بَرَّز فـي الـخِلال كلها. والقِدْية: الهِدْيةُ، يقال: خُذْ فـي هِدْيَتِك وقِدْيَتِك أَي فـي ما كنت فـيه.
هذا الشاب سعت اليه السلطة سعيا، ولم يتأهل دراسيا لينال درجة المجتهد، ولما يزل طالبا بعد، لكن ارث ابيه وعائلته والأَمر العَتِـيق، جعلت الناس ترفع صوره وتقدس شخصه وتهتف : مقتدى ... مقتدى .. مقتدى
مقتدى الذى راى بأم عينيه جماهير تنقاد امامه، انتبه الى مكمن ضعفه في نيل درجة دينية تتناسب ودور الزعيم، فأعلن انهماكه في دراساته الفقهية، كما اعلن اكثر من مرة أنه ليس مرجعية مقلدة بل وكيل المرجع آية الله كاظم الحائري حسب وصية والده. ولعل الحصول على لقب اية الله عبر الدراسة الفقهية حلقة في تنافس عائلتي الحكيم والصدر ذلك ان عمار الحكيم يسعى ايضا للحصول على درجة اية الله ، وهو لقب يمكن رجل الدين من الافتاء واستنباط الاحكام الشرعية .
مقتدى الشاب ولد عام 1973 وهو الابن الثالث للمرجع الديني محمد صادق الصدر الذي كان يرتدي الكفن الأبيض في خطبة الجمعة واُغتيل عام 1999 برفقة ولديه مصطفى ومؤمل في النجف .
لم يعرف الكثير عن مقتدى قبل سقوط بغداد، غير توليه رئاسة تحرير مجلة quot;الهدىquot; وعمادة جامعة الصدر الإسلامية في عهد والده . مناوئون له يسرون انه تلقى هدية من صدام بعد اغتيال والده ، وانه كان مضطرا لعلاقة ما مع اجهزة السلطة تقيه شر السلطان . لكن اتباعه يكفرون من يؤتي بذلك .
يرتدي الزعيم الشاب العمامة السوداء دلالة على انتسابه واهله لال البيت ، ويرتدي ايضا .. الكفن والمعارضة شعارا له واتباعه وهو دلالة التحدي وعدم التردد في قبول الموت . يطالب مقتدى بجلاء القوات الاجنبية، وإِفْسادُ ما أَبْرَمْتَ من عَقْدٍ، وينتقد تعاون الاحزاب معها، ولكن ما ان تنجلي القوات حتى تبدأ معارك تصفية الحسابات بين الاطراف الشيعية ومنها الصدر والحكيم وفق زعيم شيعي، ذلك ان التربص والوعد والوعيد سمة غالية بين زعيمي الشيعة البارزين ولابد من معركة كسر عظم .
جيش المهدي المؤسس في 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2003 .. ميليشيا مهمتها تطبيق الشريعة وطرد القوات الاجنبية، لكنها متهمة باعمال قتل طائفية، منافستها قوات بدر، وكلاهما طرفان مهمان في معادلة كرسي حكم الشيعة .
بدأ الصدر معارضته بتنديد مجلس الحكم الانتقالي وعده غير شرعي، وأعلن نيته تشكيل حكومة موازية للمجلس سماها quot;حكومة الظلquot; تضم وزارات العدل والمالية والإعلام والداخلية والخارجية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وحين رفض بريمر الإسلام مصدرا رئيسا للتشريع في العراق هدد الصدر بإعلان الثورة على الأميركيين. لكن بريمر اغلق صحيفة الحوزة الأسبوعية الناطقة بلسان الصدر لاتهامها بنشر مقالات تحرض على العنف ضد القوات الأميركية.
رفض مقتدى قانون إدارة الدولة الموقت واعتبره وثيقة غير شرعية كتبت في غفلة من الزمن . وعبر السنوات الخمس كانت مواجهات دامية بين أنصار الصدر والقوات الاميركية والحكومية راح ضحيتها صدريون فقراء وجنود عراقيون وجدوا في الانتساب للجيش فرصة لكسب لقمة العيش .
حاول مقتدى ان يؤثر اقليميا فأعلن بعد اغتيال الشيخ أحمد ياسين وضع نفسه تحت تصرف المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله اللبناني، قائلا انه ذراعهم الضاربة في العراق. واشيع عنه انه مرتبط بايران وينسق معها .
وبين هدنة ومعركة، ودعوات المقاومة واخرى بالكف عنها، تبين ان ثمة رؤى غير واضحة يطرحها الزعيم الشاب، وبدت في احايين كثيرة كما لوانها تخبط او تكتيك .
انفجار الوضع مؤخرا وبصورة عنيفة في النجف ومدينة الصدر والبصرة يؤشر بدايات حرب لاتحسمها معركة ..
يرى مقتدى انه الناطق بين سكوت المعممين والمرجعية التي وصفت بالساكتة من قبله .واتاح فراغ في الساحة لشاب معارض يلبس عباءة الدين وعمامة المعارضة وسط حشد القادمين مع القوات الاجنبية ان يمسك بزمام معارضة وسط نخبة شيعية سعت لاستلام السلطة مهمشة مقتدى .
وحيث كان الجميع جذلان بسقوط صدام، كان مقتدى يخطط لإثبات الوجود مؤسسا تيارا ذي شعبية لم يحسن مقتدى استخدامه . وبينما مثلت اطراف شيعية اخرى ومنها الحكيم بمجلسه الاعلى الموالاة الشيعية المشاركة، مثل الصدريون المعارضة، وحيث تغلغل اتباع الحكيم في مؤسسات الدولة والشرطة والجيش ومؤسسات النفوذ، بسط التيار الصدري نفوذا له وسط الجماهير والحارات الشعبية والفقراء .
والتنافس بين عائلتي الصدر والحكيم على كرسي الزعامة الشيعية قديم ، ويعود الى الثمانينات ، ففي عام 1998 حدثت مشادة وعراك بين اتباع العائلتين في المسجد الاعظم في مدينة قم . محمد صادق الصدر لحظة اغتياله عام 1999
مقتدى ظاهرة سياسية أثارت الجدل، ذو كاريزما اساء استخدامها في معارك بدت خاسرة ضحيتها اتباعه الفقراء .
وربما كان مقتدى ضحية صراع الكراسي والاتفاقات السرية بين معارضي الخارج وواشنطن، الذين حاولوا تهميشه فكان ذلك خطأ فادحا كلف حكام العراق الجدد الكثير، وكلف الشيعة دماء وصراعات بدأت في البصرة ومدينة الصدر وقبلها في كربلاء .. والبقية تأتي
يقول مقتدى :
*
اذا كان من الضروري رفع التجميد من اجل تنفيذ اهدافنا ومبادئنا الدينية والوطنية، فسنعلن عن ذلك
*
الأشخاص المستعدون للعمل داخل إطار العملية السياسية لا يعدون أعداء لأميركا. وغيتس شخص ارهابي
*
نعلن براءتنا ممن يحمل السلاح ويستهدف الاجهزة الحكومية ومكاتب الاحزاب
*
لو اني اشتركت معهم لما فعلوا معي هذا ولما استهدفوني
اقرأ ايضا : أسم في الحدث
التعليقات