محمد الرميحي
تحتضن أرض الكويت اليوم ممثلي 29 دولة في اجتماعات على مستوى وزراء الخارجية، في إطار مؤتمر دول الجوار الموسع الثالث الذي سبقه اثنان؛ أولهما عقد في إسطنبول والثاني في شرم الشيخ المصرية.
تترأس الكويت المؤتمر بشخص نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد الصباح كي ترسل بلادنا إشارة واضحة لكل من يريد أن يعرف أن استقرار العراق جزء أساسي بل ومركزي من استقرار المنطقة. وتحضر هذا المؤتمر دول جوار العراق ودول مهتمّة بالأمن في هذه المنطقة.
لعل اللافت أن الولايات المتحدة وإيران، على ما بينهما من بعد سياسي، ينام ممثلوهما على مستوى الخارجية تحت سماء الكويت، التي ترغب، وكانت دائما ترغب، في أن يسود الاستقرار هذه المنطقة، لأن الاستقرار هو مطلب الشعوب، ولأنه ثانيا سبيل التنمية.
لقد زُجّت هذه المنطقة في العديد من الحروب خلال الثلاثين سنة الماضية، منها ما هو بيني، ومنها ما هو داخلي، كما شهدنا في العراق مؤخراً، ولم تترك تلك الحروب وراءها إلا الألم والدموع والأشلاء والدمار والفقر والتخلف.
ويتزامن عقد هذا المؤتمر مع ذكرى مرور خمس سنوات على الحرب في العراق، ومرور 33 عاما على الحرب الأهلية في لبنان، وهذه مناسبة لكي يقف الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية، بعد أن ذاق شعبا هذين البلدين مرارة القتل والموت.
ويأتي تجمّع دول الجوار الموسَّع في الكويت فرصة أخرى لنا ليطل ممثلو هذه الدول، وأيضا ممثلو الصحافة والإعلام العالمي المصاحب، على الساحة الكويتية التي تنبض بالحياة والتفاعل من جراء الاستعداد لانتخابات مجلس الأمة الثاني عشر في تاريخ الكويت الحديثة، وقد ترى بعض وسائل الإعلام أو بعض الدبلوماسيين أن هناك سلبيات من جراء التفاعل الديموقراطي، إلا أنها -بالنسبة لنا- سلبيات تطفو على ضفاف الديمقراطية، أما العمق فهو تأصيل مبادئ عميقة وإنسانية استقر الكويتيون عليها. وهي مبادئ الشورى والديمقراطية التي تقود إلى تنمية أكثر أصالة.
نتمنى أن ينتهي حوار الجوار بتوافق على المبادئ، وتحديد خطوات عملية تعزز استقرار العراق، كي تلتفت شعوب المنطقة إلى تنمية طال انتظارها، وإلى اغتنام فرص ضاعت أكثر من مرة.
وعلى جانب آخر من هذا الاجتماع سيعقد اجتماع للنظر في الموضوع اللبناني، الذي أضاف ملفا مفتوحا على الجروح إلى الملفّين الفلسطيني والعراقي.
ويعول أهلنا في لبنان على أن يحقق لهم اجتماع الكويت نافذة فسيحة من الحرية والأمن، من أجل أن يتجاوزوا الأجواء التي يعيشونها. وتنذر بعواقب وخيمة إن لم تمتد لهم أيد صديقة تنقذهم مما هم فيه، بعد أن عانوا كثيرا من أيد وصلت إلى المعدة اللبنانية فأربكتها.
قد يتمكن اجتماع الكويت من تقديم شيء إيجابي للملف اللبناني، لأن الفرقاء المعنيين موجودون هنا، وربما توحي لهم أجواء الكويت المسالمة بأن الصراعات العبثية مكلِّفة للجميع، وشرورها لا تقتصر على الفرقاء، بل تتعداهم إلى منطقة أصبحت قابلة للاشتعال.
مؤتمر اليوم يجمع جميع الأجندات المعلنة وغير المعلنة، العربية والإقليمية والدولية، وهو فرصة للجميع من أجل كشف الأوراق، وتنبع أهميته، كما قال وزير الخارجية لـlaquo;أوانraquo; قبل أيام من عاملين؛ الأول هو خلفية النقاش الدائر بين الولايات المتحدة وحكومة العراق حول ترتيبات ما بعد الانسحاب الجزئي أو الكلي للقوات الدولية العاملة في العراق، والثاني أنه آخر مؤتمر موسَّع لدول الجوار في فترة الإدارة الحالية في الولايات المتحدة، حيث يذهب الناخب الأميركي إلى صناديق الانتخاب في الثلث الأخير من هذا العام لتحديد شكل الإدارة القادمة في الولايات المتحدة.
التعليقات