سعد محيو
هل انتصر ايهود باراك في حربه الغزاوية؟
ldquo;إسرائيلياًrdquo; نعم. فاستطلاعات الرأي تشير إلى أن شعبيته قفزت بعد بدء العمليات العسكرية من القعر إلى القمة: 54% من الناخبين ldquo;الإسرائيليينrdquo; راضون عنه وعن أدائه. وهذا يُفترض أن يترجم نفسه في انتخابات 10 فبراير/ شباط المقبل في صورة أصوات تصب لمصلحة حزب العمل.
الدم الفلسطيني، إذاً، خدم بالفعل كوقود ناجع للآلات الانتخابية ldquo;الإسرائيليةrdquo;. لكن مهلاً. نحن الآن في الربع الأول من يناير/ كانون الثاني. ومن الآن وحتى 10 فبراير مسافة زمنية طويلة لأن الزمن في الحروب طويل وبطيء ويبدو بلا نهاية. وهذا يصح على وجه الخصوص في حرب غزة التي لا يتم القتال فيها حتى الآن بين جيش وجيش، وبين جندي ومقاتل، بل بين طائرات وأطفال، وبين عسكريين ومدنيين. لكن في مرحلة ما، ربما باتت قريبة، سنصل إلى الحرب البرية حيث الشجاعة ستوازي التنظيم والتخطيط العلميين، وحيث الحياة يجب أن ترقص على شفا الموت كي تنتصر.
هل باراك، المنتصر استطلاعياً، مستعد لخوض غمار هذه المغامرة التي قد تكلّفه (كما المضاربة في البورصة) كل رصيده الانتخابي المستجد، في حال بدأ الدم ldquo;الإسرائيليrdquo; يسيل إلى جانب الدم الفلسطيني؟
لو أن هذا السؤال طرح على أي سياسي محترف لسارع إلى الإجابة بأن باراك سيفضّل الحفاظ على مكاسبه السياسية الراهنة عبر السعي إلى وقف ما لإطلاق النار بدل وضع رهانته على مقامرة عسكرية ملتهبة. والواقع أن الأنباء المتسرّبة من الدولة العبرية تشي بأن باراك، ومعه رئيس الأركان أشكينازي، مترددان في خوض معارك برية ldquo;حقيقيةrdquo;. لكن، وإذا ما تطلب الضغط الدبلوماسي والسياسي على حماس لدفعها إلى قبول ترتيبات أمنية جديدة في غزة ممارسة ضغط عسكري أكبر، فقد يلجأ هذا الثنائي إلى عمليات برية مباغتة تستخدم فيها أعداد كبيرة من القوات لفترة زمنية قصيرة.
هذا الخيار تبدو له اليد العليا الآن في مقر القيادة العسكرية المشتركة في تل أبيب. لكن، هل سيكون كافياً لتحقيق الأهداف ldquo;الإسرائيليةrdquo; أو لدفع حماس إلى العودة إلى سياسة التهدئة؟
الأرجح أن باراك لا يريد الإجابة عن هذا السؤال لأنه مخيف بما فيه الكفاية. إذ في حال لم تنجح العمليات البرية في تحقيق ما عجزت عنه العمليات الجوية، أي ضعضعة خيار المقاومة، فإن القوات ldquo;الإسرائيليةrdquo; ستكون مرشّحة للغرق في لجج المستنقع الغزاوي إلى آجال غير محددة، إلا بالطبع إذا ما قررت زج كل الجيش ldquo;الإسرائيليrdquo;، ومعه كل سلاح الطيران، في حرب شاملة لإعادة احتلال كل قطاع غزة، في معركة يعتبرها المخططون الاستراتيجيون ldquo;الإسرائيليونrdquo; هامشية أو تكتيتكية مقارنة مع الاستعدادات العسكرية ldquo;الإسرائيليةrdquo; لخوض حرب محتملة مع إيران.
هل تسلل الأحداث على هذا النحو يُذكرنا بشيء ما؟
يفترض ذلك. فالأسبوع الأول من حرب غزة يشبه تماماً الأسبوع الأول من الحرب على لبنان العام ،2006 حين اعتقد ldquo;الإسرائيليونrdquo; أنهم انتصروا عبر السماء، فإذا بهم يفاجأون في الأسبوع الثاني باستمرار المقاومة وبخسائر غير محسوبة على الأرض، فيتخبطون في التردد ويبدأون بالبحث عن استراتيجية خروج.
حرب غزة تقترب الآن من هذا ldquo;الأسبوع الثانيrdquo; نفسه. وهي تنتظر الآن قرار ايهود باراك لتقرر هي مصيره لا أقلام الاقتراع ldquo;الإسرائيليةrdquo;. وايهود يعرف ذلك تماما.
التعليقات