محمد المزعل

من الأخبار الجميلة في هذا الأسبوع خبر عن نية شركة ليثوانية بناء منتجع وفندق في إحدى جزر المالديف تقتصر على الشقراوات. جزيرة كاملة لن يسمح لغير الشقراوات بالعمل فيها. وتهدف شركة laquo;أوليالياraquo; إلى استقطاب رحلات جوية وبحرية لتنشيط السياحة في الجزر laquo;وكذلك لتصحيح الفكرة الخاطئة عن الشقراوات أنهن غبياتraquo;، كما صرح رئيس الشركة.
الفكرة شقراء جدا. وذكية في نفس الوقت. لكن ليس من الواضح كيف ستنتهي إليه حيث أن قوانين جزر المالديف تفرض على المستثمرين توظيف خمسين بالمائة من العمالة على الأقل في أي مشروع استثماري من مواطني الجزر. وهم ليس شقرا والعياذ بالله. بل كلح ملح كباقي خلق الله في هذه المناطق.
وإلى أن يحسم أصحاب الجزيرة الشقراء أمورهم، نعود إلى واقعنا الأجلح الأملح. فليس منا من هو أشقر والحمد الله. وليس منا من يريد أن يعمل لوجه الله شيئا لتنشيط السياحة في بلاد العرب أو تنويع مصادر الدخل.
فأشكالنا، قبل أعمالنا، طاردة للبشر. القريب قبل البعيد. لذلك تجدنا مطلع فصل القيظ هاربين زرافات زرافات نحو بلاد الشقر. وأظن والله أعلم أنه لولا أن المدارس تفتح في سبتمبر لما عاد أحد من بلاد الشقر والعيون الزرق قبل ديسمبر.
ليس هذا الموضوع. بل هي حسرة في عدة سطور على غياب المرح من بلادنا، واختفاء laquo;الشقرraquo; من بيننا. الموضوع هو الهجمات الجريئة المتكررة على خطوط إمداد الناتو في أفغانستان. فهذا الموضوع يليق بنا أكثر. ويتلاءم مع طبيعتنا السوية. ومع سمرة وجوهنا. وزنودنا المفتولة.
فخلال ثلاثة أيام تم تفجير أكثر من أربعين شاحنة وقود لحلف الناتو وهي في محل جمعها في باكستان قرب الحدود الأفغانية. الهجمات تثير عدة تساؤلات حول استعادة حركة طالبان وحلفائها زمام المبادرة. وتساؤلات حول عجز الحلف العسكري، بقيادة الولايات المتحدة، عن صد هجمات تزداد ضراوة يوما بعد يوم. لا سيما في ظل تراجع ثقة الأفغان بالرئيس حميد كرزاي وتزايد الاتهامات الموثقة بالصوت والصورة بالفساد المستشري في حكومته، ويرعاه أفراد من أسرته.
ضعف الرئيس كرزاي، والشلل الذي أصاب حكومته، دفعه إلى عرض شجعته واشنطن قبل يومين بالحوار مع طالبان من جديد. وكانت جولة من الحوار انتهت قبل أشهر من دون نتيجة. فطالبان لا تقبل بأقل من عودة الرئيس كرزاي وأسرته إلى واشنطن. لتتسلم الحكم من جديد. ويمكن للرئيس أن يأخذ معه تلك الأموال التي laquo;حوشتهاraquo; أسرته بالعمل الشاق خلال التسع سنوات الماضية. كما بإمكانه أن يأخذ مدارس البنات معه إذا أراد. فحكومة طالبان لن تستفيد منها على أية حال.
واقعا لم يرشح شيء رسمي حول الهمس الجاري بأن واشنطن فتحت بالفعل حوارا، تقول مصادر خليجية أنه لا يزال laquo;خجولاraquo;، مع laquo;معتدلينraquo; من طالبان. هذا التحول بدأ إثر تسلم المقاتل المخضرم والخبير بالمنطقة ديفيد بترايوس قيادة القوات الأمريكية. وكانت له تجربة مماثلة مع العناصر المسلحة في العراق، والتي أصبح معظمها في ما بعد من laquo;الصحواتraquo; التي قضت تقريبا على سيطرة القاعدة وحلفائها على غرب العراق.
بصراحة، قد تكون مؤلمة بعض الشيء، وربما تغضب بعض laquo;الشبابraquo; هنا، لا يمكن فهم قبول الشعب الأمريكي صرف كل هذه المبالغ الهائلة لإدامة حرب خاسرة في بلد ليس منه أية فائدة حاضرا ومستقبلا. ماذا يمكن أن يخرج من أفغانستان اليوم أو حتى بعد خمسين عاما؟ بالتأكيد لن يخرج فائزون بنوبل أو فريق كرة قدم ينافس البرازيل أو مصنع للسيارت الفخمة أو حتى مصنع صغير لخلاطات laquo;المولينكسraquo;.
أقصى ما يمكن أن تنتجه قندهار وضواحيها وهلمند وحواريها بضعة من laquo;الأفغان العربraquo;. مستقبلهم عزلة مماثلة في جنوب اليمن أو صحراء النيجر، المقر الجديد لشركة القاعدة.
لذلك قد يكون من الأجدى للولايات المتحدة ان تفكر في حل آخر. حل خلاق مثل تلك الحلول التي كانت تجيدها كوندوليزا رايس. أنا اتفق مع طالبان في ضرورة عودة كرزاي إلى أمريكا. ومن ثم يتم تقسيم أفغانستان قسمين.
قسم، يكون قريبا من باكستان، يعطى إلى طالبان تحكمه كما تشاء. وتمنع النساء من دخوله. وللحركة أن تعمل به ما تشاء. تبني أبراجا وتدمرها. تعلق المشانق للمدخنين. هي حرة تعمل ما تشاء.
أما القسم الآخر، ويكون أقرب إلينا، فتحكمه شركة laquo;أوليالياraquo; الليثوانية. فيصبح كل سكانه من الشقراوات، ويمنع من دخوله أتباع طالبان وكل ذوي الشعر الكثيف.
أراهن أن أفغانستان ستستقر بسرعة تفوق سرعة هروب الملا عمر على دراجة نارية من مقر laquo;الحكومةraquo; حين بدأ القصف الامريكي في العام 2001. وتصبح من الدول laquo;الجاذبةraquo; للسياح. وسيتنوع دخلها.
بالمناسبة دخل حكومة طالبان سيتضاعف كذلك. حيث يمكنها عندئذ زراعة ما تشاء من كميات من الأفيون وما يشبه الأفيون. الأهم أننا سنرتاح جميعا. ونصيف في أفغانستان.