زيّان

في حديثه الى quot;النهارquot; في 23/ 9/ 1976 يقول الرئيس انور السادات كلاما دقيقا يعكس واقع الحال اليوم، ويلقي ضوءا على دور الانانيات والاهداف الخاصة للزعامات والمسؤولين اللبنانيين.
ومما جاء في جواب له عن الدور العربي غير المؤثر، وغير الفعال: quot;ان عدم فاعلية العرب تجاه الازمة اللبنانية لم تكن تقصيرا من العرب. بل ان زعماء لبنان هم المسؤولون. وحكومة لبنان هي المسؤولة. ورئيس لبنان هو المسؤول. وسوريا مسؤولة. كل هؤلاء منعوا فاعلية العرب. ولكل منهم هدف يخصّه. كل واحد من الزعماء يريد ان يحقق اهدافهquot;...
لا تغيب عن عقلي وذاكرتي ومعرفتي العوامل والاسباب والمصالح التي تتحكّم بالوضع اللبناني حتى اعماق اعماقه. وفي كل شاردة وواردة.
سواء من داخل البيت، أو من خارجه.
وسواء من جهة هذا المسؤول او تلك المرجعية وسواء من صوب العرب والعجم او من لدن الشرق والغرب معا.
إنما لبّ الموضوع يكمن في الدور المؤثّر للأهداف الخاصة، وللشخصانية، وللشهوات المنفتحة دوما على منصة السلطة. أياً يكن الثمن. وأياً تكن التضحية.
من هنا سهولة العبور أمام التأثيرات والأطماع الخارجية، التي لا تجد أية عوائق في ايجاد quot;المستجيبquot; لها والمتعاون معها. فأصحاب الشهوات والمصالح الشخصانية أكثر من ان يُحصى عددهم.
هكذا تتراكم الصراعات والثارات والاحقاد. وهكذا يتحضّر المسرح اللبناني المفتوح لشتى انواع الازمات والاضطرابات والمواجهات.
اذاً، لا بد من اعادة النظر في الواقع وموجباته. وليس بالعودة الى التلهي باللقاءات العابرة، والحوارات التي لا يطلع عليها الضوء، وبالتفاهمات والاتفاقات التي لا تصمد مسافة الطريق من الدوحة الى بيروت.
فالمصارحة، ثم المصالحة هما الدواء الذي يُستطبّ به، لا الحوارات والممالحات ورسائل التودّد عبر الحمام الزاجل.
المصالحة مع الذات. مع لبنان. مع اللبنانيين، مما يمهّد السبل والطرق امام مصالحة كبرى مستندة الى جلاء كل الجوانب التي ترشح، عادة، ازمات ومطبات وألغاماً.
وبين القاطع واهل جبال المجد. بين 8 آذار و14 آذار. بين قبائل الميمنة وقبائل الميسرة. بين الطوائف والمذاهب الواقفة على سيوفها وخناجرها. بين الاقوياء بالسلاح وبالجيوش والاعداد واولئك الذين لا يملكون سوى ايمانهم بلبنان، وبالعيش المشترك والميثاق الوطني، وتقاسم المناصب والوظائف والمقاعد والكراسي بالعدل والقسطاس، ووفق ما ينص عليه الطائف، وما تدعمه صيغة الثماني عشرة طائفة.
مصالحة تبنى على اسس صريحة ونيات صادقة، تزيل هذه الجبال الراسيات من البغضاء والاحقاد، والمتراكمة داخل النفوس والقلوب والصدور.
ثم تنفيس الاحتقان الطوائفي ورفعه من التداول والعودة بالوطن الرسالة الى سابق عهده وعاداته التي طالما كان موضع حسد ومضرب مثل بفضلها.
هذا الاقتراح المرفق بالتمني والامل، اود ان اضعه في عناية اولئك المسؤولين والزعماء الذين اتهمهم الرئيس السادات قبل اربع وثلاثين سنة بالتقصير تجاه لبنان. وحمّلهم هم بالذات لا العرب مسؤولية هذه التراجيديا المفزعة.