حليمة مظفر

ما رأيكم بهذا القول؟! quot;إذا ما أراد المنحلون وأعداء الإسلام أن يعرفوا شيئا عن منزلة المرأة في الإسلام فليمدوا أبصارهم إلى تشييع جنازتها والصلاة عليهاquot;!!.
هذا الجزء استقطعته من كتاب quot;الحقوق والواجبات على الرجال والنساء في الإسلامquot; يستشهد من خلاله المؤلف وهو شيخ معروف؛ على علو منزلة المرأة؛ وأتساءل هنا باستغراب؛ ألا يوجد استشهاد أفضل من ذلك للدلالة على علو منزلة المرأة في الإسلام؟! ألا توجد أدلة في حياتها يمكن أن توضح علو منزلتها؟! هل تتحقق مساواتها للرجل وعدالة الإسلام فقط في طريقة تشييع جنازتها!! فيا لها من منزلة فعلا!!.
وبحق؛ لا يمكن التوقف في هذه المساحة الصغيرة للرد على مضمون كل ما في هذا كتاب من مغالطات متعصبة ضد المرأة؛ ألبست لباس الإسلام فيما هي مجرد آراء اجتهادية تنبع من فهم المؤلف الخاص وتحيزه لآراء علماء دون آخرين في مسائل خلافية، ينحو بعضها باتجاه الغلو والانتقاص من المرأة؛ فمع أن المؤلف يقرر في الكتاب أن الإسلام اعترف بإنسانية المرأة ورفع عنها الظلم والاستعباد، إلا أن المؤلف مارسه في توزيع ما لها من حقوق وما عليها من واجبات خلال نظرة quot;فقهية ذكورية quot;في كتابه؛ وهي رؤية معظم المحدثين.
ها هو المؤلف يقول (ص 15) quot;إني مع إيماني بفضل الرجل على المرأة فإني أحترم المرأة سواء كانت أما أم بنتا أم زوجة أم أختا... إلخquot; وكأنه يرى بعبارته هذه التي تؤكد تحيزه للرجل أن احترام المرأة في الإسلام أمر غير واجب وإنما يتفضل به الرجل عليها؛ إن فعل له فضل وإن تركه فليس بمهم؛ فلماذا هذا التحقير من شأنها وكأنها قطعة أثاث؟! ويمكن ردّ رأيه ببساطة؛ بأن الفضل هنا ليس بالمطلق أبدا؛ ففضل الابن كونه quot;ذكراquot; لن يفوق فضل quot;الأمquot; كونها أنثى؛ كما أن الزوج والزوجة والأخ والأخت يتفاوت فضلهما على بعضهما بما يمتاز أحدهما عن الآخر؛ فلن يكون الجاهل أو العاطل أو المدمن كونه quot;ذكراquot; أفضل من المتعلمة أو العاملة المسؤولة عنه أو الصالحة..
ومن هذه الرؤية يمكن إعادة اعتبار المؤلف للقوامة بأنها quot;من الحقوق المشروعة التي فضل فيها الرجال على النساءquot;، لأن القوامة ـ كما هو معروف ـ تعتمد شرطين هما المفاضلة ثم الإنفاق؛ لقوله تعالىquot;الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْquot;؛ وأتساءل لتأكيد المعنى: هل يمكن أن يكون الرجل قواما على المرأة وهو عاطل لا يصرف عليها ولا على أولاده منها؛ بينما تقوم هي بدوره من مالها!؟ هل تتحقق القوامة للرجل إذا كان جاهلا لا يفك الخط على امرأة متعلمة!؟ هل يتحقق له ذلك إذا كان سكيرا أو مدمنا أو فاسدا؟! ولهذا تعتبر القوامة تكليفا لخدمة المرأة لا تشريفا للرجل، تتحقق له حتى لو لم تتوافر فيه شروطها.
المساحة لا تكفي؛ وستكون لي مع مضمون الكتاب وقفات متتابعة هنا غدا.