ناصر المطيري

لايمكن النظر لزيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد كزيارة رسمية تقليدية إلى لبنان سواء من جهته التوقيت والظروف الراهنة أو لجهة الدور الإيراني وتأثيراته الواضحة في المنطقة، فالرئيس نجاد يحط قدميه على أرض لبنانية ساخنة تغلي بين قواها السياسية وطوائفها مع امتدادات لقوى اقليمية تعبث بالداخل اللبناني في مقدمتها ايران..

احمدي نجاد المحتفى به في لبنان وترتفع له يافطات الترحيب العملاقة المكتوبة باللغة الفارسية في الجنوب الشيعي وبنت جبيل، فالجنوب اللبناني اليوم يرتدي حلة فارسية ويفرش سجادة ايرانية لاستقبال laquo;ولي حزب اللهraquo;.

الملفت أن بيروت لم تعلن في أي بيان بروتوكولي أساس وهدف زيارة الرئيس الإيراني هل هي بدعوة من الدولة اللبنانية أم برغبة ايرانية وافق عليها لبنان، وهل laquo;الفرض يتغلب على الرفضraquo; لهذه الزيارة، وفقا لما نفهم من سياق الحدث اللبناني اليوم يبدو جليا أن الزيارة جاءت بناء على طلب من حزب الله laquo;الوكيل الإيراني المعتمدraquo; في لبنان ! هذا الطلب لم يكن بمقدور بيروت رفضه أو تأجيل الاستجابة له لاسيما في خضم الظرف اللبناني الدقيق حاليا لأن حزب الله اليوم يمتلك القوة الضاغطة والسلاح الرادع وإن اجتياح بيروت في مايو من عام 2008ليس بعيدا عن ذاكرة الرئاسة اللبنانية..

أسئلة كبيرة وعديدة تطرحها إطلالة الرئيس نجاد في لبنان وبشكل خاص زيارته للضاحية الجنوبية، هل يسعى الرئيس الإيراني إلى احتواء الوضع المتفجر في الداخل اللبناني أم لتقوية شوكة الحزب في مواجهة الدولة اللبنانية من أجل طي ملف التحقيق الدولي في اغتيال الرئيس الحريري.. ثم ماهي الرسالة التي يريد نجاد ايصالها وهو يقف على تخوم اسرائيل مطلا عليها من تلال جنوب لبنان المدجج بأسلحة ايرانية ؟

وبرأينا إن حضور الرئيس الإيراني في لبنان في ظل ظروفه الراهنة الملتهبة يحمل رسالة رمزية ودلالة سياسية تعبر عن laquo;احتلال ايراني دبلوماسي raquo; لأي دور عربي داخل لبنان بما يجعل لطهران سلطة التحكم والقيادة عن بعد.. نجاد الذي انتهى من laquo;تخصيبraquo; مفاعلات ايران النووية على ضفاف الخليج يأتي للبنان اليوم لتخصيب مفاعلات الأزمة بوقود ايراني!

إطلالة احمدي نجاد على المنطقة والعالم من بيروت خصوصا بعد زيارته السابقة إلى بغداد ستطرح بالتأكيد اسئلة استراتيجية عن موقع لبنان الاقليمي والدولي في المرحلة المقبلة وكذلك عن التوازنات داخل لبنان وعما لحق بالدور العربي في الإقليم. دول كثيرة ستراقب هذا الدور الإيراني الممتد من مضيق هرمز الى جنوب لبنان.. وعلى أية حال سيغادر الرئيس أحمدي نجاد بيروت غدا ولكن علينا أن نقرأ ما بعد الزيارة وما ستتركه من آثار وتأثيرات لجهة الداخل اللبناني المتأزم، ولعل ما هو حتمي أن هذه الزيارة ستمنح حزب الله مزيدا من أوراق القوة مما سيسهم في توتير الحالة اللبنانية لمزيد من التدهور.. ولننتظر ونراقب ونتعلم.