سعد محيو

ماذا كانت حصيلة زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد للُبنان؟

الحصيلة محصلات عدة في الواقع، لأن هذه الزيارة كانت أصلاً مُتعددة الأهداف، ومُتشعبة الأغراض .

لبنانياً، وعلى رغم الحملات المضادة والمُعارضة، نجح أحمدي نجاد في السير على حبل مشدود ودقيق بين اعترافه باستقلالية الدولة اللبنانية وسيادتها، وبين احتفاليته بصعود القوة العسكرية والسياسية لحليفه الرئيس في المشرق العربي حزب الله .

وهكذا، كان الرئيس الإيراني يتكلّم في بعبدا والسراي الحكومي في وسط بيروت بلغة العلاقات الثنائية الهادئة بين دولتين مستقلتين ويصف رئيس الوزراء سعد الحريري بrdquo;الأخ العزيزrdquo;، ويهتف في الضاحية وجنوب لبنان بلغة القائد الثوري الذي يريد إزالة ldquo;إسرائيلrdquo; من الخريطة وتغيير وجه الشرق الأوسط عبر المقاومات الشعبية .

الشق الأول من هذا التوجّه قد يُسفر، في حال نجحت المشاورات الإيرانية السعودية الحالية، عن فتح ثغرة في جدار أزمة المحكمة الدولية، سواء بتأجيل صدور القرار الظني مجدداً، أو ببيان من الحريري يتنصّل ضمنياً من مضمونه بعد صدوره، لتجنّب انزلاق البلاد إلى حالة لا استقرار سياسي ودستوري مديدة .

أما الشق الثاني من الزيارة فقد يكون سلبياً في معظمه بالنسبة إلى ldquo;إسرائيلrdquo; والغرب وبعض الدول العربية .

فقد أدى وجود الرئيس الإيراني، الذي يدعو إلى تدمير ldquo;إسرائيلrdquo;، على مرمى حجر من الحدود الجنوبية، إلى إثارة حنق شديد وتوتر أكبر في تل أبيب، خاصة أنه دعا ldquo;يهود الدولةrdquo; إلى مغادرة ldquo;الدولة اليهوديةrdquo; والعودة إلى أماكنهم الأصلية .

أبرز مؤشرات التوتر تجسّد في رد نتنياهو على نجاد . فقد وجد الأول نفسه مضطراً إلى الدفاع عن وجود ldquo;إسرائيلrdquo; بالحديث عن بروز أمة ودولة وجيش قوي فيها منذ عام ،1948 وكأنه بذلك يعترف بأن هذا الكيان في حاجة بالفعل إلى تبرير وجود من هذا النوع .

أما الحنق ldquo;الإسرائيليrdquo; فهو قد يترجم نفسه لاحقاً في مخططات عسكرية لضرب كل لبنان، بعد أن اتّفق معظم القادة ldquo;الإسرائيليينrdquo; على القول إن زيارة نجاد ldquo;أنهت استقلال لبنان وحوّلته نهائياً إلى محمية إيرانيةrdquo; .

أمريكياً، لم تكن الصورة أقل توتراً عنها في ldquo;إسرائيلrdquo; . وربما كان أهم ردود الفعل فيها هو ما أعلنه الناطق باسم البيت الأبيض عن ldquo;الطريقة الإيرانيةrdquo; التي استقبل بها حزب الله نجاد، يعني أنه اختار أن يكون جزءاً من السياسة الإيرانية لا مكوّناً من مكونات الوطنية اللبنانية . وهذا يشي بأن واشنطن (ومعها لندن) ربما تطويان خيار الحوار مع حزب الله الذي كانتا تنويان القيام به، وتنحازا كلياً إلى وجهة النظر ldquo;الإسرائيليةrdquo; في طريقة الإطلالة على كيفية حل ldquo;مشكلة حزب اللهrdquo; (وفق تعبير مجلس العلاقات الخارجية) .

تبقى الأبعاد العربية للزيارة . وهنا قد لا يكون من المبالغة القول إن الانطباعات فيها كانت سلبية عموماً . فمن الدول العربية ما شعر بقلق حقيقي من احتمال امتداد النفوذ الإيراني إلى أراضيه، ومنها (كسوريا) ما ربما شعر بالغيرة لمدى نفوذ طهران في لبنان، خاصة على الصعيد الإيديولوجي الذي لايتوافق مع الثقافة العلمانية القومية العربية .

والمحصلة النهائية؟

إنها بسيطة وواضحة: الزيارة دلّت على أن منطق المجابهة مُستمر وسيتصاعد في الشرق الأوسط . ولبنان قد يكون مجدداً ساحة الصراع الرئيسة فيه .