جلال عامر

عاد laquo;عباسraquo; من واشنطن خالي الوفاض وأنا خالي laquo;عبد الصمدraquo; والعود laquo;أحمدraquo; وأحياناً laquo;خليلraquo; وسوف يحضر لزيارتنا وسوف يتوقف التاريخ طويلاً ليبحث عن تاكسي يوصله إلى المطار ليكون في استقبال الرئيس عباس الذي تحول إلى رئيس زائر.. فمنذ نصف قرن وبالتحديد أول أمس وفي يوم الجمعة القادم سوف يزورنا الرئيس عباس أبو مازن أوف رام الله فالرجل يزورنا كل خميس وجمعة بعد أن عرف أن مصر مريضة لذلك يحضر كل كام يوم يزورها ويعمل الواجب ويسأل عن حساب المستشفى ويمشي.. أصبح الرجل واحداً منا يحضر ليحلق أو يتكلم في التليفون أو يشاهد العمارات المخالفة ثم ينصرف ويعود مثل فيلم (سأنتقم وأعود) الذي يعرضه التليفزيون كل ست ساعات مثل المضاد الحيوي.. وفي كل مرة يسأل المحللون أنفسهم ببجاحة ماذا في حقيبة عباس؟ وهم أول من يعلم أنه ليس في حقيبة عباس إلا الفوطة والبيجاما ومعجون الأسنان.. ويعلم الله أنني أول المرحبين بزيارات عباس المتكررة فبعضنا قد لا يشعر بالزيارة لذلك من الممكن أن يراها في الإعادة بل أقترح أن نغير اسم مطار القاهرة إلى مطار عباس.. ويزعم البعض أنه يحضر إلى القاهرة كثيراً للاطمئنان على كوبري عباس واقفة وماشية الناس والمية في إيديها وعدوية عطشان.. فنحن عندنا كوبري عباس ونفق حماس لذلك نرى عباس يمشى على الكوبري بينما تسير حماس في النفق تحت الأرض.. هو يقابل المسؤولين علناً وهى تقابل الأمنيين سراً.. أريد أن يستقر عباس قليلاً هناك في السلطة حتى لا ينسى الفرق بين (رام الله) و(حزب الله) و(سبحان الله) وحتى لا يستغل الساعي غيابه الطويل ويقوم بانقلاب يستولي فيه على المكتب والتليفون والمروحة، وإذا كانت سلطته كما يشاع قد انتهت فإن laquo;توني بليرraquo; بعد أن ترك الحكم أصبح رئيساً للجنة الرباعية ولا مانع أن يرأس laquo;عباسraquo; اللجنة الثلاثية التي يتظلم أمامها العمال المفصولون، وإذا كان البعض يتهم حماس بأنها تقود الشعب الفلسطيني إلى الموت البطيء فإن عباس يقودهم إلى النوم العميق، لي صديقان.. أحدهما عنده laquo;مليار جنيهraquo; والثاني عنده laquo;جديري مائيraquo; وفي كلٍّ خير، وإن كان المؤمن الغني أحب إلى الناس من المؤمن المريض لأن زيارة الأول تحملك الهدايا وأنت راجع من عنده، بينما زيارة الثاني تحملك الهدايا وأنت ذاهب إليه.. ومبادئ حقوق الإنسان تملي عليك أن تعدل بينهما أو تحتفظ بأحدهما وتخصص صاحب الجديري، بعد تمهيد مدفعي مكثف من المشايخ بأن فوائد البنوك حرام، عبر صديقي الأول مع المشاة من رجال الأعمال وأقام رأس كوبري لتلقي الأموال وتوظيفها بعيداً عن البنوك واتبع نظرية الاقتصادي الكبير laquo;جحاraquo; بأن الحلة تلد حلة صغيرة ثم تموت وهي تلد laquo;المقلايةraquo;، أما صاحبنا الثاني فقد باعوا المصنع الذي يعمل به كباشمهندس وأخذوا منه الخوذة الحديدية الملونة، والجوانتى وأعطوه مائة ألف جنيه كمؤخر صداق ثم قام بصفته صاحب الحلة -المكافأة- بتسليمها إلى صاحبنا الأول على أساس أنه إمام الجامع، بينما الثاني كان مصلياً عادياً يقف في الصف خلفه، وقال: laquo;نحن نأتمنه على ديننا أفلا نأتمنه على حلةraquo;.. في الشهر الأول ولدت الحلة توأماً (ألفي جنيه) وفي الشهر الثاني قلت نسبة الخصوبة عندها فولدت ألفاً واحداً، ويبدو أنها في الشهر الثالث أجهضت قبل الميعاد فنزل الجنين مشوهاً (خمسمائة جنيه) وفي الشهر الرابع ماتت الحلة الأم على فرشتها دون أن يلمسها مخبر أو يعذبها ضابط، وأوصت بأن تدفن بجوار laquo;سقراطraquo;، فسافر laquo;الإمامraquo; بها إلى laquo;الاتحاد الأوروبيraquo; واستقر هناك وترك لنا صكاً بغطاء الحلة، بينما استقر صديقنا الثاني في المطار يغني laquo;ستفتش عنها يا ولدي في كل مكان وستعرف بعد رحيل العمر أنك كنت تطارد خيط دخانraquo; وراح الرجل يراقب وجوه العائدين من أميركا والعائدين من أفغانستان لعله يعثر على حرامي الحلة دون جدوى، وأخيراً وهو يشاهد العائدين من laquo;واشنطنraquo; لاحظ أن laquo;عباسraquo; يحمل صكاً بغطاء حلة وأنه ضحية مثله، فهانت عليه مصيبته.