عقيل سوار


في‮ ‬ضرب من التفكير بصوت مسموع بين كائنين اجتماعيين‮ ‬يتقاسمان نفس الهم،‮ ‬لم أتفق مع مثقف شيعي‮ ‬يرى بدرجة أو أخرى رأيي‮ ‬في‮ ‬ضرورة أن‮ ‬ينهض أحد من داخل الطائفة الشيعية ليخرجها من أسرها في‮ ‬قبضة التراكمات التاريخية التي‮ ‬أحالتها من طائفة تمثل‮ ‬غالبية المجتمع البحريني‮ ‬إلى طائفة تعصف بها مساوئ الشعور بالاضطهاد التاريخي‮ ‬المتوهم منه والواقعي،‮ ‬وتؤدي‮ ‬بها إلى الانحباس في‮ ‬قالب الأقليات‮! ‬بحسب ما‮ ‬يوصف معنى الأقلية في‮ ‬علوم السياسة وفي‮ ‬علوم النفس الاجتماعي،‮ ‬وبحسب ما‮ ‬يمكن أن‮ ‬يلاحظه أي‮ ‬دارس متجرد في‮ ‬شعور الشيعة المبالغ‮ ‬فيه بمظلومية ذات مواصفات مثالية؛ من مظاهرها تمثل مظلومية آل بيت الرسول بدمويتها ودراماتيكيتها الفاجعة‮ ‬يوم الطف والتيه في‮ ‬هذه المظلومية دخولاً‮ ‬وخروجاً‮ ‬من أبوب أحصي‮ ‬منها بسرعة؛‮ ''‬هيهات منا الذلة‮'' ‬و‮''‬يا ليتنا كنا معكم‮!''.‬

لم أتفق مع هذا الصديق حول أن خطب سماحة السيد عبدالله الغريفي‮ ‬والشيخ عيسى أحمد قاسم الأخيرة تلبي‮ ‬الطموح الذي‮ ‬نتمناه للخروج بالشيعة من مأزقهم المركب تجنب تدخل أطراف أخرى لإخراجهم من هذا المأزق عنوة،‮ ‬مع اتفاقنا أن الشيخين‮ ‬يمثلان بدرجة نسبية أو أخرى وكل بسجاياه الشخصية الخاصة ذروة الأهلية الصحيحة للمرجعية الدينية اللائقة بشيعة البحرين،‮ ‬فنحن في‮ ‬حاجة لأن ترفد هذه الأهلية‮ ‬غير المنازعة بتجرد أصحابها وتجريد الناس معهم من لوثة‮ ''‬مشاعر وسلوك الأقلية ومخاوفها‮''‬،‮ ‬فلا‮ ‬يعيدون تدوير توهمات العامة كلما اقترب أحد من التراكمات الاجتماعية التي‮ ‬أحالت سلوك الناس بما اعتراه من تراكم عبر ظرفيات تاريخية لمئات السنين لا‮ ‬يحيلون هذه‮ ''‬المشاعر والسلوك والمخاوف‮'' ‬إلى دين ومقدس لا‮ ‬يمس،‮ ‬ولا‮ ‬يخضع لقانون أو مساءلة‮!‬

سأدون في‮ ‬يوم قادم خلاصات هذه الأفكار ببساطة شعبية لا‮ ‬يشكل فهمها على أحد،‮ ‬لكن من الآن حتى ذلك الوقت سأبيت بنفس النكهة الشعبية خلاصة واحدة فتاكة تتكئ عليها خطب الشيخين الأخيرة؛ وهي‮ ‬ترويج الشعور أن إخضاع أو قوننة سماعات ومكبرات صوت مساجد والمآتم أو ما في‮ ‬حكمها ووزنها من شأنه أن‮ ‬يكون مقدمة لمصادرة حرية تعبير وعبادة ومشاعر الطائفة الشيعية،‮ ‬فليس هذا التحوط‮ ''(‬إن كان تحوطاً‮!'' ‬غير نكتة لا‮ ‬يليق أن‮ ‬يرددها من هم في‮ ‬مقام الرجلين الطليعيين؛ بل هي‮ ‬مظهر متورم من مظاهر فوبيا الأقلية كما‮ ‬يشعرها العامة،‮ ‬والتي‮ ‬يتعين على طلائع المجتمع الصحيحة النفس المكتملة الرشد مداواتها كي‮ ‬لا‮ ‬يتحول شيعة البحرين إلى أغلبية واقعية تضطهد الأقليات الأخرى