سعد العجمي


إيران ليست دولة عدوة لكن هذه الحقيقة لا تعني بالضرورة أنها دولة صديقة، فعداوة أو صداقة إيران لنا، وعلاقتنا معها تحددها وتتحكم بها نوعية القضايا المطروحة على الساحة الإقليمية، وهذا النوع من العلاقات معقد وlaquo;متقلبraquo;، وهنا تكمن الخطورة في التعامل مع إيران كدولة كبيرة في المنطقة.

السياسة الخليجية مع إيران ليست متطابقة، فهناك تباعد سعودي إماراتي بحريني مع طهران، يقابله تقارب عماني قطري معها يصل إلى حد الحميمية في أحيان كثيرة، بينما السياسة الكويتية تجاه إيران تعتمد مبدأ laquo;مسك العصاraquo; من المنتصف في محاولة لخلق حالة laquo;بين الحالتينraquo; فلا تباعد مطلقا ولا تقارب مريبا!

معلوم أن هناك تباينا في وجهات النظر بين السعودية والإمارات على خلفية مقر البنك الخليجي المركزي، وكذلك في قضية بطاقة التنقل بين مواطني الدولتين، لكن كل ذلك الخلاف تلاشى عندما تعلق الأمر بتحديد المواقف تجاه إيران، فانحازت أبوظبي إلى الموقف السعودي تجاه إيران، وجاءت تصريحات الشيخ عبدالله بن زايد الأخيرة لتصب في هذا الإطار، لأن الإمارات أدركت أن تبنيها موقف الرياض يمنحها القوة عند إثارة موضوع الجزر الإماراتية المحتلة.

على العكس من ذلك نرى أن وفدا عسكريا قطريا حضر كمراقب للمناورات العسكرية الإيرانية الأخيرة في مياه الخليج العربي، وحسب بعض الأنباء فإن وفدا عمانيا سيحضر المناورات التي تعتزم القوات الإيرانية إجراءها في الخليج وبحر العرب في الفترة القليلة المقبلة.

هناك من يقول إن اختلاف السياسات الخليجية تجاه إيران يمنح دول التعاون هامشا من المناروة السياسية، والتحرك في إطار رسم العلاقات وتحديد المواقف من القضايا الإقليمية مع طهران، وأن أي معسكر على ضفتي الخليجndash; السعودية وإيران- قد لا يستطيع إيصال رسائل مباشرة إلى المعسكر الآخر فإن بعض الأطراف ستقوم بمثل هذا الدور.

مثل هذا الطرح قد يكون مفيداً إذا كان هناك اتفاق وتنسيق خليجي على كيفية إدارة الملف السياسي والتعامل مع طهران وفق استراتيجية خليجية تقوم على أساس تبادل الأدوار، أما إذا كان ما يحدث من وجهات نظر دول خليجية مختلفة تجاه إيران يأتي من قبيل laquo;التغريد خارج السربraquo; فإن الوضع أصعب بل أخطر مما يتصوره البعض.

في المقابل فإن أغلب المحللين الخليجيين يرون أن ممارسات إيران وتعاملها مع قضايا المنطقة وخطابها الدائم الموجه إلى دول الخليج على حد سواء لا يبعث على الارتياح إطلاقا، وعليه فإن سياسة دول الخليج يجب أن تتغير وتتوحد لجهة التعامل مع طهران كندّ وليس كتابع، فتدخلات إيران في العراق واحتلالها للجزر الإماراتية، والحديث عن حقوق تاريخية في البحرين، ودعم الحوثيين، والتكهنات عن علاقة طهران بشبكة التجسس المقبوض على عناصرها في الكويت، كلها أحداث تثير القلق والريبة والتوجس.

على أي حال لا يمكن التكهن بفترة بقاء القوات الأميركية في المنطقة، ولا أحد يعرف المدة الزمنية التي قد توفر فيها واشنطن الحماية لنا، ولا أحد يستطيع أن يخمن ملامح خارطة التحالفات الدولية في المنطقة خلال الفترة المقبلة، فلا أعداء ولا أصدقاء دائمون في عالم السياسة، لكن الأهم من ذلك كله أن نعرف ويعرف غيرنا حقيقة مهمة تنفعنا وتنفعهم، مفادها أن إيران ليست الشيعة، وأن الشيعة ليسوا إيران.