قاسم حسين

تنطلق اليوم عند الثامنة صباحاً انتخابات 2010، وتختتم عند الثامنة مساءً، فنصف يومٍ سيحدّد تشكيلة البرلمان لمدة 4 سنوات.

انتخابات 2002 انطلقت تحت ضغط المقاطعة فلم تزد المشاركة رسمياً عن 53 في المئة، بينما تأثرت انتخابات 2006 بقوةٍ بعاملي الفتوى والتقرير المثير، فارتفعت المشاركة إلى ما فوق التسعين في بعض مناطق المعارضة؛ أما انتخابات اليوم فتنطلق تحت هاجس المخاوف والخشية مما هو قادم.

لو أجري استطلاع أولي قبل شهر رمضان المبارك، فربما كان سيشير إلى ميل 70 في المئة من الجمهور للمقاطعة، بسبب الإحباطات العامة من العملية السياسية برمتها. أما بعد الإجراءات الأمنية واستمرار التصعيد (تعطيل أقدم جمعية حقوقية، والتضييق على وسائل التعبير، وسياسة التحريض المكشوف، انتهاءً بتجميد حسابات الصناديق الخيرية)... فمن المتوقع أن ترتفع المشاركة إلى نسبة محترمة، وخصوصاً في المناطق التي تعيش واقع التهميش والحرمان، ويستولي عليها الشعور بالإقصاء والاستهداف.

الناخب اليوم ليس أمامه خيارات كثيرة، فقد حُسمت خمسة مقاعد نيابية مسبقاً من مجموع أربعين، ولن يكون هناك من تنافسٍ حقيقي إلا في دوائر محدودة، يخشى الكثيرون أن تتدخل فيها المراكز العامة فتقلب نتائجها. أما بقية الدوائر فقد لا تختلف كثيراً عن مخرجات 2006.

في دوائر laquo;الوفاقraquo;، كان المتوقع أن يجري تقليص مقاعدها، لكن بعد أحداث رمضان وما تلاها من تصعيد أمني وهجومٍ إعلامي خرج عن حدود اللباقة والأخلاق، جرّا إلى استنفار المخاوف وعودة الروح الجماعية، ولذا فإن الحال ربما تكون مقاربة لما مضى .

الخيارات إذاً محدودة جداً، فليس هناك من ينتظر تغييراً كبيراً في صورة البرلمان، اللهم إلا من خلال من يُسمّون بـ laquo;المستقلينraquo;، الذين اندفع أو دُفع بأعدادٍ كبيرةٍ منهم في هذه الانتخابات.

التجربة التاريخية السابقة جعلت من laquo;المستقلينraquo; عقدةً تثير الشكوك، أكثر مما تبعث على الاطمئنان، ففي كثيرٍ من المواقف كانوا أكثر سلطويةً من السلطة، وحتى في laquo;تقرير أملاك الدولةraquo; الذي حظِي بإجماعٍ من الكتل الثلاث، لم يشذّ عنه إلا ثلاثة يعتبرون أنفسهم laquo;مستقلينraquo;!

تقرير laquo;أملاك الدولةraquo; أهم إنجازٍ للبرلمان السابق، وهو ما يفسّر إجماع الكتل في البرلمان (الوفاق والأصالة والمنبر الإسلامي) على تبنيه. هذا الإجماع كان موضع ترحيبٍ شعبي كبير، لكنه مثّل صدمةً كبيرةً لمن بنى حساباته على تناقضات الكتل، وقد نشهد عملية استبدال بعض اللاعبين ببعض الاحتياط (المستقلين).

هناك من المراقبين من يذهب إلى أبعد من ذلك، بالقول إن هناك نية لتفتيت الكتل وإضعافها، بحيث لا تعود تمتلك قوةً مؤثّرةً، سواءً على مستوى المفاوضات أو حتى المطالبات. فالتعامل مع النائب الفرد أسهل وأسلس من التعامل مع كتلة. كما أن الفرد يسهل الاستفراد به وتمييع مواقفه أو تطويعه كالخيزرانة المشهورة، أو تعريضه للإغراءات، بعيداً عن ضغوط والتزامات الكتلة الواحدة الموحّدة.

آلام المخاض طالت واشتدت... وغداً سيخرج المولود الجديد القديم.