شملان يوسف العيسى
عُقد في مدينة أبوظبي المنتدى السنوي الخامس لجريدة quot;الاتحادquot;، يومي الأربعاء والخميس الماضيين، وكان محور الحوار يتعلق بالعرب ودول الجوار، وقد قُدمت فيه ست أوراق عمل رئيسية كانت تتعلق بإيران ودول الجوار، العلاقات العربية التركية، العرب والجوار الإفريقي، العلاقات العربية الأميركية، ثم محور إسرائيل، وأخيراً مشروع عربي لتطوير التعاون الإقليمي. وعقّب على الأوراق المقدمة أكثر من عشرة مشاركين، عدا عن النقاش في قاعة المؤتمر.
المنتدى الذي كان يهدف إلى وضع رؤية عربية مشتركة لكيفية التعامل مع دول الجوار من منطلق المصالح العربية المشتركة، تحول إلى نقد لواقع العلاقات العربية مع دول الجوار بسبب القصور والتهاون وعدم الاكتراث مع كل ذلك الجوار الإقليمي؛ فبدلاً من أن تتوحد السياسات العربية، والخليجية مثلاً، في وضع تصور واضح إزاء السياسة الإيرانية في المنطقة، نجد ردود الفعل العربية تجاه إيران متفاوتة وغير واضحة. فالعرب، رغم إقرارهم بوجود نفوذ إيراني في العراق ولبنان وفلسطين والخليج، لم يضعوا أي استراتيجية واضحة في هذا الخصوص، فغياب الإرادة السياسية الفاعلة في الوطن العربي جعله يفقد مواقفه تجاه الآخرين.
وعن العلاقات مع تركيا، أبدى المشاركون في المنتدى قبولاً للسياسة التركية في المنطقة، وإن كانت هناك مشاكل معلقة بين العرب وتركيا، أهمها مشاكل السدود التركية على نهري دجلة والفرات، والتي قلل وجودها من كمية المياه الواصلة لدولتي المصب العربيتين، سوريا والعراق. وتحتل هذه الأخيرة أولوية في السياسة التركية الجديدة للمنطقة، وذلك لموقعها الجغرافي وثرواتها الطبيعية ولامتلاكها احتياطياً كبيراً من الطاقة. وتهتم تركيا بزيادة التعاون مع العراق في المجالات التجارية والاقتصادية والتكنولوجية، وتتطلع إلى أن تصبح هي، وليس الأردن أو سوريا أو أي من بلدان التعاون الخليجي أو إيران... البوابة الاقتصادية الرئيسية للعراق.
أما فيما يخص إفريقيا وعلاقتها بالعرب... فقد أكد المتحدثون أن هناك إهمالاً متعمداً للساحة الإفريقية رغم تزايد الاهتمام العالمي بالقارة السوداء، وأن صورة إفريقيا لدى العرب مغلوطة ومشوهة. وتساءل المختصون بالشؤون الإفريقية: ماذا ستفعل الدول العربية مجتمعة عندما يعلن جنوب السودان استقلاله عن البلاد؟ وتوقع الجميع أن تشتعل المنطقة كلها وأن تحدث حروب واضطرابات جديدة مما سيثير قضية دارفور. ودعا المحاضر إلى الاهتمام بالصومال وعدم إهماله وإلى القيام بتدخل عربي لإيجاد صيغة لحل الخلافات بين الأطراف الصومالية المتصارعة.
الجلسة الخامسة خصصت لمناقشة العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، حيث اختلف المؤتمرون، فرأى بعضهم أن السياسة الأميركية معادية للعرب ولقضيتهم الرئيسية (فلسطين)، وأن الموقف الأميركي من إسرائيل هو ما يغذي الغطرسة الصهيونية... بينما رأى البعض الآخر أن الولايات المتحدة هي الراعي الرئيسي لعملية السلام في الشرق الأوسط، وأنه لولا الموقف الأميركي لما بدأت عملية السلام. وتساءل الاتجاه الأخير عن الخيارات المتاحة أمام العرب بدون التواجد الأميركي، خاصة عرب الخليج الذين أكد بعضهم أنه لا يمكن الاستغناء عن التواجد الأميركي، لأن أمن بلدانهم ومصالحها مرتبطة بالتواجد الأميركي في المنطقة.
جلسة المناقشة حول إسرائيل كانت أكثر الجلسات صخباً وضجة، حيث اعتبر الجميع أن هناك نية عربية رسمية لتقديم تنازلات كبيرة لإسرائيل، بدليل استمرار عملية التفاوض رغم استمرار إسرائيل ببناء المستوطنات. وأكد المؤتمرون على أهمية طرح رؤى وسيناريوهات جديدة في التعامل مع الصهاينة.
إن فراغ القوة الذاتية في الوطن العربي هو قضية عربية تتحمل مسؤوليتها الدول والشعوب العربية... فالعرب يعيشون اليوم في حالة خلل وعدم اتزان فكري وثقافي، وقد فقدوا هويتهم الجماعية، وما أدى إلى تدهور أحوالهم.
التعليقات