القاهرة - عبدالغني عبدالرازق
يعيش الشارع المصري الآن حالة من الغضب بعد إغلاق عدد من القنوات الفضائية وبالأخص القنوات الدينية التي يحرص الجمهور المصري والعربي على متابعتها، خاصة أن قرار الإغلاق جاء بدون أي مقدمات وكان المبرر الوحيد الذي قيل هو أن هذه القنوات لم تلتزم بالتراخيص الممنوحة لها.. فإذا كانت هذه القنوات قد خالفت التصريح فكان الأولى أن يتم إنذارها فإذا لم تلتزم كان يتم غلقها. ولذلك أرجع البعض ذلك إلى أن هناك مؤامرة وراء الموضوع. وحتى لا تدع وزارة الإعلام المصرية فرصة لأصحاب هذه القنوات فقد أعلن وزير الإعلام أنس الفقي أن القنوات التي تم إغلاقها كانت تحرض على الفتنة الطائفية وتروج للشعوذة والخرافات..
وقد جاءت هذه القرارات بعد دراسة ومراجعة متأنية من قبل القائمين على الـ laquo;نايل ساتraquo; للتأكد من خروج المادة الإعلامية التي تبثها هذه القنوات حيث ثبت أن هذه القنوات تعمل على نشر آراء دينية متطرفة وتحض على عدم التسامح بين أطراف الأمة المصرية حيث كانت تدعو إلى التشدد الطائفي ولم يقتصر دورها على أهل السنة فقط بل امتدت إلى الفكر الشيعي أيضا، ووصل إلى حد الدعوة الصريحة في إحدى المناسبات إلى القتل بما جعل تدخل الدولة أمرا ضروريا حماية للسلام الاجتماعي من ناحية وحفظا للمجتمع من التطرف الديني. ومن ناحية أخرى فإن بعض القنوات غيَّرت من طبيعة نشاطها حيث كان مرخصا لها بث برامج ثقافية وترفيهية ثم تحولت إلى بث ديني مباشر مستخدمين في ذلك عمليات نصب واحتيال واضحة مستخدمين في ذلك الدين، فبعض القنوات سعت إلى نشر طب بديل مبني على الدجل والشعوذة ولذلك فالدولة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام دعاة دجل يهدفون إلى التربح من وراء الدين والاحتيال على المواطن العادي فالدولة واجبها أن تحمي المواطن العادي.
أما اللواء أحمد أنيس رئيس مجلس إدارة النايل سات فأكد أن هذه القرارات جاءت في إطار التزام شركة النايل السات بالمسؤولية الأخلاقية والاجتماعية ولذلك يجب تصحيح مسار هذه القنوات التي استغلت مناخ الحرية لتحقيق أرباح طائلة من خلال وسائل مضللة تضر بمصالح المجتمع والأسرة.
أما رئيس المنطقة الحرة أسامة صالح فأكد أن حرية التعبير لا تعني تقديم مواد تثير الفتن والكراهية أو تنشر ما هو غير صحيح علميا أو فكريا أو عقائديا بين الناس وإنما الاستفادة من ارتفاع سقف الحريات لتحقيق ما فيه نفع الوطن وصالح المواطنين.
اضطهاد أهل العلم والدين
في تطور مثير لغلق القنوات الدينية قرر الشيخ محمد حسان أن يخرج عن صمته، مؤكداً أن ما حدث مع قناة laquo;نسائم الرحمةraquo; في 19 أكتوبر ومن قبل مع قناة laquo;الرحمةraquo; يدل على أن أهل العلم والدعاة هم أحرص الناس على استقرار أمن مصر، نافيا بشدة صحة ما أعلنته شركة النايل سات حول قيام القنوات الدينية بالتحريض على الفتنة وتهديد استقرار المجتمع.
أما الداعية الإسلامي صفوت حجازي فيتعجب من القرار بشدة، مؤكداً أنه إذا كانت هذه القنوات تدعو للتطرف وإذا كان بعض العاملين في
القنوات الدينية متطرفين كما يدعي البعض مثل الشيخ محمد حسان وأبوإسحاق الحويني إرهابيين ولا يجوز أن نستمع إلى ما يقولونه فلماذا تركتهم الدولة من البداية ولم تمنعهم من الظهور ولماذا تركت الدولة هذه القنوات طوال الفترة الماضية.. فما يحدث يدل على أن أهل العلم أصبح يستهان بهم.
تراجع عن الحرية
الدكتور عدلي رضا، رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون بجامعة القاهرة، يقول إن إغلاق أي قناة يعد رجوعا عن مبدأ الحريات لأن الجمهور إذا منعت عنه قناة يبحث عن غيرها تقدم نفس المادة إضافة إلى شيء مهم وهو كيف يمكن أن يتم غلق عدد كبير من هذه القنوات فجأة وبدون أي مقدمات فهو أمر يثير الشك وحتى إذا كانت هذه القنوات مخالفة فكان يجب أن يتم إنذارها أولا.
السبب الرئيسي لإصدار القرار
الجدير بالذكر أن السبب الرئيسي الذي دفع شركة النايل سات إلى اتخاذ هذا القرار غير معروف إلى الآن فلا يعقل أن تكون إدارة النايل سات قد استيقظت فجأة من نومها وأدركت أن أكثر من ثلاثين قناة مخالفة للتراخيص الممنوحة لها، ولكن البعض أكد أن الإعلامي خيري رمضان هو السبب الرئيسي في صدور القرار حيث ناقش المشكلة في برنامج laquo;مصر النهاردهraquo;، مؤكداً أن القنوات الدينية يعمل بها أفراد غير مؤهلين للتحدث في الدين وهو ما دفع الحكومة إلى مراجعة التراخيص الممنوحة لهذه القنوات وإصدار قرار بوقفها.
من ناحية أخرى كان الخلاف مع الشيعة سببا رئيسيا أيضاً حيث كانت قناة laquo;صفاraquo; الفضائية قد شنت حملة ضد الشيعة بالكويت بعد تطاول الشيعي ياسر الحبيب على السيدة عائشة (رضي الله عنها) وهو الأمر الذي دفع الشيعة بالكويت إلى شن حملة ضد قناة laquo;صفاraquo; الفضائية بدعوى تطاولها على الشيعة.
وذكرت بعض المصادر أن وزارة الإعلام الكويتية قد بدأت بإجراء حصر لملاك ونشطاء القنوات الفضائية الدينية لتتصاعد الأزمة بعد ذلك عندما وجه عضو مجلس الأمة الكويتي حسين القلاف سؤالا برلمانيا إلى وزير الإعلام الكويتي الشيخ أحمد العبدالله الصباح يستعلم فيه عن الإجراءات الحكومية التي اتخذت عبر وزارة الإعلام في التصدي لما بثته قناة laquo;صفاraquo; الفضائية من برامج حملت تطاولا على الشيعة وأتباعها وما هي الإجراءات التي قامت وزارة الإعلام باتخاذها ضد قناة laquo;صفاraquo;. ولذلك كان الخلاف مع الشيعة أحد الأسباب المهمة لصدور القرار.
التعليقات