عائلة طارق عزيز : حكم الاعدام سياسي لتصفية الحسابات ويثبت مصداقية معلومات ويكيليكس

عمان

احدث حكم المحكمة الجنائية العليا ببغداد الثلاثاء بالاعدام 'شنقا حتى الموت' على المسؤولين العراقيين السابقين الثلاثة طارق عزيز وسعدون شاكر وعبد حميد حمود بعد ادانتهم في قضية 'تصفية الاحزاب الدينية' صدمة وسط عائلاتهم، حيث قال زياد عزيز نجل نائب رئيس الوزراء العراقي الاسبق طارق عزيز لوكالة فرانس برس الثلاثاء ان صدور حكم الاعدام بحق والده 'انتقام من كل شيء له علاقة بالماضي' ويثبت 'مصداقية المعلومات' التي نشرها موقع ويكيليكس' حول العراق
وقال زياد عزيز في اتصال هاتفي من عمان حيث يقيم ان 'صدور حكم الاعدام بحق والدي يمثل انتقاما من كل شيء له علاقة بالماضي في العراق ويثبت مصداقية المعلومات التي نشرها موقع ويكيليكس' حول العراق. واضاف ان 'والدي لم يكن له اي دخل بالاحزاب الدينية بل على العكس هو كان ضحية حزب الدعوة'، في اشارة الى تعرض عزيز الى هجوم بقنابل يدوية خلال حضوره تجمعا طلابيا في الجامعة المستنصرية في بغداد في نيسان (ابريل) 1980 ما ادى الى اصابته بجروح وانتقد صدور هذا القرار، مشيرا الى ان والده 'لم يحظ بمحام للدفاع في هذه القضية' وتابع متسائلا 'بأي منطق يحكمون عليه بهذه الصورة؟' من جهته، انتقد بديع عارف عزت محامي طارق عزيز المقيم في عمان الحكم، معتبرا انه 'جائر' لكنه كان 'متوقعا'.
وقال لفرانس برس ان 'الحكم رغم انه جائر الا انه كان متوقعا'، مشيرا الى ان 'طارق عزيز سبق وان ابلغني شخصيا انه سيقتل ولن يطلق سراحه'
واوضح بديع انه لم يتمكن من حضور جلسات المحاكمة للدفاع عن موكله منذ حضوره آخر جلسة في 15 آذار (مارس) 2007 عندما 'اعتقلت بتهمة اهانة المحكمة ثم اطلق سراحي من الجانب الامريكي في السابع من نيسان (ابريل) الذي اعادني بطائرة الى عمان'.
ووصف قيادي في حزب 'الدعوة الاسلامية' العراقي بزعامة نوري المالكي امس الثلاثاء قرار المحكمة الجنائية العراقية العليا بأنه ' قرار قضائي مستقل استند الى معطيات ووقائع' وقال النائب كمال الساعدي، في اتصال هاتفي مع وكالة الانباء الالمانية 'نحن نتعامل مع القضاء العراقي على انه جهة مستقلة تتخذ قراراتها وفق معطيات تدين المتورطين في الجرائم بحق الشعب العراقي ونحن في البرلمان والقوى السياسية لا شأن لنا بقرارات المحكمة'.
وأضاف 'أعتقد ان قرار المحكمة هو تطبيق للعدالة ضد كل من اجرم بحق الشعب العراقي والقرار اتخذ بناء على معطيات مقدمة ضحايا النظام السابق'. واصدرت المحكمة الجنائية العليا ببغداد الثلاثاء احكاما بالاعدام 'شنقا حتى الموت' على عزيز ومسؤولين سابقين آخرين سعدون شاكر وعبد حمود بعد ادانتهم في قضية 'تصفية الاحزاب الدينية'، على ما افاد تلفزيون العراقية
وقال التلفزيون ان 'المحكمة الجنائية العليا في بغداد اصدرت احكاما بالاعدام شنقا حتى الموت بحق طارق عزيز وسعدون شاكر وعبد حمدي حمود في قضية تصفية الاحزاب الدينية'
وكان طارق عزيز (74 عاما) وزيرا للاعلام ونائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للخارجية وقد حكم عليه في آذار (مارس) 2009 بالسجن 15 عاما لادانته بارتكاب 'جرائم ضد الانسانية' في قضية اعدام 42 تاجرا عام 1992
وفي آب (اغسطس) حكمت عليه المحكمة الجنائية العليا في العراق بالسجن سبع سنوات بسبب دوره في الارتكابات التي حصلت بحق الاكراد الفيليين الشيعة في ثمانينات القرن الماضي


طارق عزيز الرجل الوفي لصدام حسين والوجه الآخر للنظام السابق

تولى طارق عزيز المسيحي الوحيد في فريق الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مهمة الدفاع عن هذا النظام لعقود عدة وخصوصا امام الاوروبيين بوصفه الوجه الاخر له.
وكان عزيز واسمه الحقيقي حنا ميخائيل، وزيرا للاعلام في السبعينيات ونائبا لرئيس الوزراء بين 1991 و2003 بالاضافة لتوليه وزارة الخارجية بين العامين 1983 و1991 .
ولد عزيز المولع بتدخين السيجار الكوبي الفاخر وبافضل اصناف الويسكي في 1936 في سنجار غرب الموصل وسط عائلة فقيرة، لكنه تمكن بفضل عمله الدؤوب واتقانه اللغة الانكليزية وما يتمتع به من قدرات قيادية من الانتقال الى حياة افضل
ومثل عزيز الوجه الاخر للعراق في التعامل مع الغرب، واستطاع بحنكته السياسية ان يحشد دعمها لبلاده خلال الحرب التي استمرت ثماني سنوات ضد ايران
وقد استقبله الرئيس الامريكي رونالد ريغان في البيت الابيض باعتباره مهندس العلاقات الدبلوماسية بين بغداد وواشنطن عام 1984 كما استقبلته موسكو وباريس اللتين لم ترفضا ابدا مطالبه في تقديم الدعم للعراق .
لكن دور عزيز المربوع القامة صاحب النظارات الطبية السميكة، بدا اكثر صعوبة واقرب الى المستحيل بعد غزو العراق للكويت في اب/اغسطس 1990 الذي شكل خطأ استراتيجيا افقد النظام الدعم الروسي وشكل بداية انحدار للعراق كلاعب اقليمي مهم.
وحاول عزيز بطريقة لبقة تحذير صدام حسين من مخاطر التحدي المباشر للنظام العالمي الجديد بهيمنة الولايات المتحدة، لكن لم يكن في استطاعة احد في العراق ان يخالف رغبة الرئيس آنذاك وكانت تقارير اعلامية عربية نقلت عن صدام قوله بعد هزيمته في الكويت ان 'طارق عزيز اعتبر البقاء هناك بمثابة فخ للعراق وكان عزيز ممثل الاقلية المسيحية مخلصا لصدام حسين.
وقد التحق بالعمل السري في حزب البعث العربي الاشتراكي نهاية خمسينات القرن الماضي، لمحاربة النظام الملكي الذي كان يتلقى الدعم البريطاني.
وعمل عزيز صحافيا وتولى العمل الدعائي في البعث الى ان خرج الحزب الى النور في انقلاب اطاح بالزعيم عبد الكريم قاسم في 1963 ونفذه عسكريون بعثيون وقوميون تحالفوا ضد الشيوعية. وبعد ان تولى البعث مهام القيادة في البلاد اثر انقلاب عام 1968، وجد عزيز نفسه في مناصب قيادية العام 1977 من خلال توليه عضوية مجلس قيادة الثورة، اعلى سلطة في العراق آنذاك.
وفي العام 1979، ربط عزيز مصيره بصدام حسين الذي كان نائبا للرئيس الاسبق احمد حسن البكر قبل ان يتولى رئاسة العراق. ولم يكن دور عزيز ملموسا في القرارات الامنية والعسكرية للنظام السابق وخصوصا تلك التي استهدفت الاكراد والشيعة اكثر من غيرهم .
ويقول احد المقربين من المسؤول البعثي السابق انه الوحيد الذي نصح صدام حسين اكثر من مرة بعدم مهاجمة الاكراد ونقل عنه قوله في هذا الصدد ان 'الغرب يتهمنا بممارسة الارهاب اذا ضربناهم اما اذا هاجمتهم تركيا فسيقولون حينها ان الاكراد ارهابيون'.
واكد عزيز خلال جلسات محاكمة صدام حسين في ايار(مايو) 2006، انه سيدافع عن حتى اخر لحظة، واصفا اياه ب'الرجل الطيب الكريم الذي احب شعبه'
وعلى غرار العديد من القوميين العرب، كان عزيز يشدد على عبارة 'اكذوبة كبيرة' في ما يتعلق باتهام الدول الغربية حيازة العراق اسلحة دمار شامل، واختصاره اجتياح العراق العام 2003 بعبارة 'النفط واسرائيل' في اشارة الى دوافع هذا التحرك
وبعد اجتياح العراق في اذار/مارس 2003، سلم عزيز نفسه اواخر نيسان/ابريل للقات الاميركية التي سجنته في معسكر كروبر الاميركي قرب بغداد
ونقل عزيز في 13 تموز/يوليو الماضي من معتقل كروبر الاميركي الى سجن الكاظمية شمال بغداد
وقد طالبت عائلته اكثر من مرة باطلاق سراحه لاسباب صحية
وكانت الحكومة العراقية سمحت لزوجة طارق عزيز وابنته اللتين تعيشان في الاردن مع باقي افراد اسرته منذ الغزو الاميركي للعراق، بزيارته في سجن الكاظمية مرتين في 30 تموز/يوليو و29 آب/اغسطس الماضيين