فهيد الهيلم

حينما شارك الإسلاميون في العمل السياسي فإنهم لم يعتبروه نزهة أو ترفاً فكرياً بل شاركوا ليغيروا قناعة المجتمعات التي حملت بين طياتها بذور الجاهلية الجديدة، أو ما يسمى جاهلية القرن الحادي والعشرين.
لقد شارك الإسلاميون وهم يحملون قيم العدل والمساواة والحرية وتكافؤ الفرص وغيرها من القيم الأخلاقية التي حث عليها ديننا الحنيف، وقد حققوا جزءاً كبيراً من التقدم في شتى البلاد الإسلامية... في تركيا وبعض دول المغرب العربي والخليج وبعض دول شرق آسيا، وإزاء كل هذا التقدم وبالطرق السلمية إلا أن بعض الموتورين من المفكرين في عالمنا العربي والإسلامي حاولوا مجتهدين أن يشوهوا تصوير سعي الإسلاميين للوصول إلى الحكم بأنه خطرٌ عظيم ورجس من عمل الشيطان يجب اجتنابه ومحاربته وتقويض أركانه!
قد نتفق أو نختلف مع بعض الإسلاميين، لكننا حتماً لن نعتبرهم هجيناً غريباً على مجتمعنا، أو دعاة لتقويض المجتمعات ووأد الحريات، أو أنهم قادمون من عصور الظلام لينشروا كل صور القمع والتخلف التي كانت تعانيه أوروبا الكنيسة والرهبان، نحن في هذا البلد لن ننجر لتصديق كل تلك الأوصاف التي يطلقها دعاة الليبرالية والعلمانية وغيرهم من ببغاوات الصحافة المحلية والعالمية ممن يسمون زوراً وبهتاناً بالمفكرين والناشطين العرب.
نحن لن ننجر في الكويت لتلك الأطروحات العلمانية الغبية، لأننا ندرك أن طرح الحركات الإسلامية والتيارات الدينية أكثر واقعيةً وملامسة لهموم الناس من طرح التيارات التغريبية ودعاة الانسلاخ من القيم الاجتماعية والدينية والأخلاقية، ممن مارسوا الإرهاب الفكري حينما طرحوا العلمانية كحل وحيد لمشاكل المجتمعات العربية والإسلامية، بينما الواقع العملي والإدراك العقلي والحسي يكشف لنا جميعاً زيف و كذب تلك الدعوات، فالعلمانية لم تكن يوماً من الأيام علاجاً ناجعاً يفي باحتياجات الإنسان المادية والمعنوية والروحية، بل لا تعدوا كونها إغراقٌاً في الماديات على حساب الروح، وتعظيماً للفردية على حساب القيم الأخلاقية.
laquo;الإسلام السياسيraquo; ليس محاولة للوصول للحكم والضغط عليه بالوسائل السلمية المتاحة فحسب، بل هو محاولة جادة وحثيثة لربط واقع الأمة بتاريخها الزاخر، وحثها على سد الثغرات والهنات العلمية والعملية كافة وفق منهج قيمي يراعي حاجات المجتمع المادية والمعنوية والروحية دون طغيان وتغليب لأحد الجوانب على الآخر... فنحن خلقنا لعمارة الأرض ومراعاة حق الخالق وحق المخلوقين، ولقد جاء إسلامنا ونبينا عليه الصلاة السلام إنقاذا للبشرية ورحمة للعالمين قال تعالى laquo;وما أرسلناك إلا رحمة للعالمينraquo;.