الكويت - سميرة فريمش

أكد السفير الفرنسي لدى البلاد جان رونيه جيان ان العلاقات بين الكويت وبلاده توطدت أكثر منذ الزيارة الأولى التي قام بها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى الكويت مطلع العام الماضي والزيارة التي قام بها سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الى فرنسا في ابريل الماضي.

وقال جيان في حوار مع laquo;النهارraquo; بمناسبة العيد الوطني لبلاده ان خير دليل على توطيد هذه العلاقات الاجتماع الأخير لسفراء فرنسا في دول مجلس التعاون اضافة الى كل من لبنان وايران والعراق والأردن الذي عقد في الكويت وكان مناسبة لاجراء اتصالات ثنائية مع المسؤولين الكويتيين.

ولفت جيان الى ان العلاقات بين البلدين لا ترقى الى مستوى العلاقات السياسية مؤكدا ان الكويت دخلت منذ بضعة شهور في مرحلة جديدة، مشيرا الى ان العديد من المواطنين الكويتيين يختارون فرنسا لقضاء عطلة الصيف. وذكر ان الرئيس الفرنسي ساركوزي وعد بزيارة ثانية للكويت كاشفا عن زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الفرنسي خلال الأيام المقبلة. وذكر ان المفاوضات التجارية بين فرنسا والكويت حول طائرات الرافال لم تبدأ بعد مؤكدا ان ما أثير حول فروق أسعار الطائرات مجرد اشاعات. كما تطرق جيان في حواره مع laquo;النهارraquo; الى مواضيع عدة منها التعاون الثقافي بين البلدين وموقف بلاده من قضية الشرق الأوسط وأفغانستان. وفيما يلي نص الحوار: بعد الزيارات التي قام بها مسؤولون كويتيون رفيعو المستوي الى فرنسا خاصة الزيارة الأخيرة التي قام بها سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، كيف تقيمون العلاقات الكويتية الفرنسية بعد توقيع اتفاقية التعاون والتشاور السياسي بين البلدين؟

منذ زيارة الرئيس نيكولا ساركوزي في فبراير 2009 الى الكويت وزيارة الشيخ ناصر المحمد الصباح الى باريس في أبريل الماضي، لاحظنا ان العلاقات بين البلدين توطدت أكثر والبرهان الاجتماع الذي عقد في الكويت مؤخراً للسفراء الفرنسيين المعتمدين في بلدان الشرق الأوسط والذي كان مناسبةً لاجراء اتصالات ثنائية مع السلطات الكويتية. علماً ان التشاور بين بلدينا مستمر عامةً، ويجري في ظل ثقة متبادلة على جميع الملفات، وخاصةً الملفات الاقليمية.

مرحلة جديدة

رغم ان العلاقات بين البلدين تشهد تطورا كبيرا الا ان التعاون الاقتصادي والتجاري لا يرتقي الى هذه العلاقات، هل هناك خطة لتطوير التبادل التجاري بين البلدين وتنويع وزيادة نسبة الاستثمارات الفرنسية في الكويت خاصة وان الكويت مقبلة على خطة تنموية كبيرة ؟

وهل هناك حظوظ للشركات الفرنسية للمشاركة في تنفيذ هذه الخطة؟

أشاطركم الرأي ان العلاقات الاقتصادية والتجارية ليست على مستوى علاقاتنا السياسية أو علاقاتنا في مجال الدفاع. شركاتنا ليست متواجدة كفاية في الكويت. نحن نعمل جاهدين على هذا الموضوع، وخاصةً لكي تعي الشركات الفرنسية ان هذا البلد دخل منذ بضعة شهور في مرحلة جديدة من خلال اعتماد خطة تنمية لأربع سنوات مقبلة تشتمل على مشاريع ضخمة، خاصةً في مجال البنية التحتية، حيث ان الشركات الفرنسية يمكنها ان تقدم خبراتها في هذا المجال، غير اننا موجودون في الكويت بالنسبة لكل ما يتعلق بالمواد الاستهلاكية والكماليات على وجه الأخص. أود أيضاً ان أشير الى أهمية التبادل بين بلدينا في المجال الانساني والسياحي. كما أهنئ نفسي على ان العديد من الكويتيين يختارون الذهاب في كثير من الأحيان الى فرنسا، ومن بينهم من لديه أملاك هناك، ونحن نرحب بهم ونتمنى استقبال عدد أكبر منهم.

وأعتقد أن لكل بلد خبرات خاصة به وأظن بانه يمكننا العمل كثيراً سويا في بعض المجالات حيث الشركات الفرنسية لديها ما هو الأفضل في العالم والتي يمكنها ان تقدم خبراتها به : في مجال البيئة، وتنظيم المدن، والطاقة على وجه الأخص. ففي مجال البيئة ومعالجة المياه نجد أن الشركتين الرائدتين في العالم هما: شركة فيوليا وشركة سويز انفيرونمانت، وهما متواجدتان في منطقة الخليج. أما في مجال الطاقة : فان شركتا أو.دي.أف وجي.دي.أف سويز هما أيضاً رائدتان على الصعيد العالمي. وفي جميع الأحوال فان أوروبا تتميز بالمنتجات ذات النوعية الجيدة وبالخبرة وبكون منتجاتها موثوق بها.

زيارات مرتقبة

هل نرتقب زيارات قريبة لمسؤولين فرنسيين الى الكويت خاصة بعدما كُشفتْ بعض المعلومات ان الرئيس ساركوزي سيزور الكويت قريبا؟

الشيء الوحيد الذي يمكن ان أقوله عن هذا الموضوع هو ان الرئيس ساركوزي قال بوضوح انه سيعود الى الكويت. وهناك أيضا مشروع لزيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الفرنسي السيد فرانسوا فييون الى الكويت، فقد دعاه رئيس وزراء دولة الكويت، سمو الشيخ ناصر المحمد، الحضور الى الكويت وذلك خلال زيارة سموه الأخيرة الى فرنسا.

ابرام اتفاق تعاون بين البلدين في مجال الطاقة السلمية هل من جديد لتنفيذ هذا المشروع؟ وما الذي ستقدمه فرنسا للكويت في هذا المجال؟

ان اتفاق التعاون الذي وقعناه في مجال الطاقة النووية للأغراض السلمية خلال زيارة الشيخ ناصر المحمد الى باريس يتيح لفرنسا تقديم كافة خبراتها في هذا المجال للمساعدة على التفكير والتحضير لبرنامج نووي محتمل في الكويت. في هذا الاطار، جرى وسوف يجري خلال الأشهر المقبلة تبادل خبراء ومشاركة في الدراسات التي تقوم بها اللجنة الكويتية للطاقة النووية. وأكثر من ذلك تعهد الرئيس الفرنسي بان تشارك أفضل شركاتنا، أو.دي.أف، التي هي أول مدير لمحطات نووية، على الصعيد العالمي، أو شركة أريفا، أو المفوضية الأوروبية للطاقة النووية (CEA) وتقدم مساهمتها لدولة الكويت لمساعدتها، في حال قررت السلطات الكويتية الشروع في التنمية في مجال الطاقة النووية المدنية.

تعاون برلماني

التعاون البرلماني بين البلدين شهد في الآونة الأخيرة تطورا ملحوظا، هل هناك خطوات مستقبلية للمزيد من هذا التعاون ؟

بالفعل لقد حصلت تبادلات وزيارات عدة، وخاصةً الزيارة التي قام بها منذ بضعة أشهر مقرر لجنة الشؤون المالية في مجلس الشيوخ، والتي أدت الى تبادل خبرات مع زملائه الكويتيين. كما ان النواب الكويتيين ذهبوا بدورهم الى فرنسا لاقامة دراسات وللقاء مسؤولين سياسيين وبرلمانيين فرنسيين. علينا بالتأكيد العمل أكثر وهذه احدى أولوياتنا.

صفقة الرافال

هناك تعاون او تجديد لاتفاقية التعاون بين الكويت وفرنسا، وكان هناك لغط حول صفقة طائرات الرافال، هل من جديد حول هذه الصفقة خاصة وان المشاكل التي اثيرت حولها كانت حول مبلغ الصفقة لا جودة طائرات الرافال، وهل هناك تغيير للمبلغ المطلوب بعدما بيعت نفس الطائرات الى دول اخرى وبمبالغ اقل من التي عرضت على الكويت؟

بدايةً أود التذكير انه في الوقت الحالي لم تبدأ المفاوضات التجارية بعد. وفيما يخص سؤالكم عن فروقات الأسعار أود القول ان الاشاعات عن هذا الموضوع ليست صحيحة. هنالك حالياً مفاوضات مع عدة دول ومن بينها ما هو قريب جداً من الكويت وتستطيع السلطات الكويتية ان تستعلم بسهولة عن موضوع الأسعار. في هذا الشأن، أود التذكير ان المشروع لا يقتصر على شراء طائرة إذ انه من خلال هذا البرنامج هناك قرار تعاون بين القوة الجوية الكويتية والقوة الجوية الفرنسية، كما ان هذا القرار سوف يلزمنا من جهة ومن أخرى لسنوات عديدة مقبلة وحتى لعشرات من السنين. وهكذا برنامج سوف ينتج عنه تعاون وثيق في مجال التأهيل والعمليات، والدعم اللوجستي. مما يعني ان الأمر يتخطى بكثير شراء طائرة. لهذا السبب يتصل هذا الملف باتفاقية التعاون في مجال الدفاع بين بلدينا.

تعاون ثقافي

اين اصبح مشروع اقامة مركز ثقافي فرنسي في الكويت من اجل تطوير التعاون الثقافي بين البلدين؟

بالنسبة لانشاء مركز ثقافي فرنسي في الكويت، فقد تمت مناقشة هذا الموضوع خلال زيارة الشيخ ناصر الى باريس واتخذ القرار الذي من شأنه ان يؤدي الى انشاء مركز فرنسي كويتي ثقافي في اطار تعاون بين السلطات الكويتية والسفارة الفرنسية. نحن حالياً نناقش كيفية وضع هذا المشروع حيز التنفيذ. فقد تم قبوله من قبل رؤساء وزراء بلدينا. كما أتمنى ان نستطيع الاعلان عن فتح هذا المركز في سبتمبر 2010. وهذا من شأنه ان يؤدي الى انطلاقة جديدة لعلاقاتنا الثقافية، وكذلك تقديم المزيد من دورات تعليم اللغة الفرنسية العامة والمتخصصة ومساعدة الطلاب الذين يودون متابعة دراساتهم في فرنسا.

أزمة اقتصادية

ما الخطط المستقبلية خاصة ونحن مقبلون على احتفال فرنسا بعيدها الوطني، هل لا تزال فرنسا تسير بمبادئ الثورة الفرنسية، ام ان الظروف التي تعيشها القارة الاوروبية من تدهور في الاقتصاد بسبب الازمة الاقتصادية الراهنة قد اسهمت في تراجع هذه المبادئ؟

وفيما يتعلق بسؤالكم الثاني، لا يجب تضخيم الأزمة الاقتصادية. اذا ذهبتم الى باريس سوف تلاحظون ان الحياة مستمرة. من ناحية أخرى، فرنسا بلد قديم مر بصعوبات عديدة في تاريخه وعرف كيف يتخطاها. وأذكركم ان فرنسا كانت جزءا من أوائل الدول الكبرى الاقتصادية في بداية القرن العشرين. وهذه هي حالها بعد أكثر من 100 سنة.

سياسة فرنسا الجديدة

ما الذي حققته فرنسا في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي بسياسته الجديدة تجاه العديد من القضايا الدولية والاقليمية؟

على الصعيد الدولي لعبت فرنسا دوراً مهماً فيما يتعلق بمواجهة الأزمة المالية. فان فرنسا، بالاضافة الى الدول الأوروبية الأخرى، وخاصةً ألمانيا، مع اصلاح ادارة وقواعد النظام المالي العالمي من أجل تجنب أزمة مالية جديدة. على الصعيد الأوروبي تلعب فرنسا دوراً مهماً خاصةً من أجل تقوية المؤسسات من خلال وضع معاهدة لشبونة حيز التنفيذ. ولدينا لأول مرة رئيساً للاتحاد الأوروبي، كما اننا في طور انشاء دائرة للعمل الخارجي. سوف تلعب هذه الدائرة دور وزارة للشؤون الخارجية الأوروبية.

أما على الصعيد الاقليمي، أود ان انوه بالعمل الذي قامت به فرنسا عند اعتداء اسرائيل على غزة وبفتح الحوار مع سوريا. أود ايضا التنويه بالأهمية التي يشكلها اليوم للسياسة الفرنسية، الحفاظ على الأمن والاستقرار في منطقة الخليج، الأمر الذي تجسد بفتح قاعدة عسكرية في أبو ظبي.

الوضع في الشرق الأوسط

كيف ترى فرنسا الوضع في منطقة الشرق الاوسط وهي من اكثر المتحمسين لرفع الحصار على غزة وصاحبة مبادرة تولي تفيش السفن المتوجهة الى القطاع؟

كما تعلمون كانت ردة فعل فرنسا قوية تجاه اعتداء اسرائيل على سفن الاغاثة التي كانت متوجهة الى غزة. وعرضت نظام تحقيق دولي. ونطالب برفع الحصار عن غزة كما اننا نعمل أيضاً مع شركائنا على تخفيف النتائج السلبية على سكان القطاع حيث ستتوجه قريباً الى هناك الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية أشتون ووزراء عدة من الاتحاد الأوروبي، من بينهم برنارد كوشنير. ويمكنني ان أؤكد لكم ان الدبلوماسية الفرنسية ولو لم يكن ذلك ظاهرً دائماً، ملتزمة بقوة ازاء هذا الموضوع لأسباب انسانية وسياسية.

أزمة جديدة

الاوضاع في منطقة الشرق الاوسط تتجه الى ازمة جديدة بفعل فرض عقوبات جديدة على ايران من قبل الاتحاد الاوروبي ومجلس الامن هل تعتقدون ان فرض عقوبات جديدة سيحل الازمة الايرانية؟

كما قيل عدة مرات فان العقوبات ليست هدفاً بحد ذاتها وانما وسيلة لتقود ايران الى التفاوض حول برنامجها النووي. وفي هذا الصدد، فان الاشارات اليوم متناقضة، اذ اننا اذا تحدثنا عن تراجع فاننا لم نفقد الأمل بانه، كما قال الرئيس ساركوزي مؤخراً عند زيارته لروسيا، يمكن المبادرة بحوار.

الوضع في أفغانستان

الوضع في افغانسان متدهور هل ستعلن فرنسا انسحابها من قوات التحالف قريبا مثلما اعلنت العديد من الدول؟

فرنسا جزء من قوات التحالف المتواجدة في أفغانستان. وتتمنى ايجاد الوسائل التي تمكن الحكومة الأفغانية من تأمين الأمن والسلام. وهذه احدى النقاط الأساسية لعملنا من خلال تقوية وتأهيل قوات الأمن الأفغانية.