سعد محيو
انتهت الهدنة وبدأ تسلق سُلّم التصعيد، الذي يُنتظر أن يتم الآن درجة درجة، وخطوة خطوة .
هكذا بدا المشهد اللبناني، بعد أن أعلن السيد حسن نصر الله الحرب رسمياً على المحكمة الدولية، مطالباً الحكومة والسلكين القضائي والأمني بقطع كل/ وأي علاقة معها . وأيضاً بعد أن بدا أن كل الجهود الدبلوماسية التي بذلتها السعودية وسوريا وإيران لمحاولة التوصّل إلى حل وسط ما، أو تكاد، إلى طريق مسدود .
التصعيد إلى أين؟
الأرجح أن تكون البداية من داخل المؤسسات: من الحكومة أولاً، حيث سيطالب وزراء تيار 8 آذار في أول اجتماع لها أن تبت في طلب نصر الله قطع العلاقة مع المحكمة، ثم في مجلس النواب إذا لم تسر الأمور في الحكومة كما تشتهي سفن التيار، عبر طرح مسألة لادستورية المحكمة .
لكن، وإذا مافشلت كل هذه الضغوط، يكون اللجوء إلى الشارع بشطريه الشعبي والمُسلّح، أمراً وارداً بقوة . وهنا يطرح دبلوماسي عربي بارز في بيروت السيناريوهات التالية:
الأول، أن يتم ldquo;انتقال السلطةrdquo; من الموالاة إلى المعارضة ldquo;سلماًrdquo;، من خلال استقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة جديدة تقوم بالتنصّل من المحكمة، وتُعيد تشكيل القوى والأجهزة الأمنية والقضائية من جديد .
الثاني، أن يتم ldquo;انتقال السلطةrdquo; عنوة، أي عبر تحريك الشارع لمحاصرة السراي الحكومي وشل البلاد .
والثالث، أن يُكرر سيناريو ldquo;انتفاضة 6 فبراير/شباطrdquo; 1984 المسلحة التي أجبرت خلالها القوى التي تشكّل الآن قوى 8 آذار (عدا التيار الوطني الحر) الرئيس أمين الجميل على إلغاء اتفاق 17 مايو/أيار مع ldquo;إسرائيلrdquo; .
في كل هذه السيناريوهات، لا حديث عن تغيير النظام، بل عن تغيير الحكم فقط . وهذا ماقد يكون مطمئناً إلى حد ما للمواطنين اللبنانيين الذين يشعرون هذه الأيام بقلق عالي الوتيرة من احتمال تجدد الحرب الأهلية على نمط تلك التي اندلعت عام 1975 . وهو اطمئنان في محله، فالانقسامات الراهنة في لبنان ليست أيديولوجية، وهي (حتى إشعار آخر) تكاد تقتصر على السياسة الخارجية . وحتى حين يتم الانقسام حول تقاسم السلطة فإنه، خاصة لدى حزب الله، يرتبط ارتباطاً حاسماً بهذه السياسة الخارجية .
هذه نقطة . وثمة ثانية لاتقل أهمية: الأطراف الإقليمية الفاعلة، من سوريا وإيران إلى السعودية ومصر، لا مصلحة لها في حرب أهلية واسعة النطاق: الطرفان الأولان لأنهما سيخسران كثيراً من جراء هكذا حرب ليس عسكرياً بل سياسياً ودولياً، والطرفان الأخيران لأن موازين القوى في لبنان لا تميل لمصلحتهما .
الطرف الوحيد الذي له مصلحة ، وكبرى أيضاً، في انفجار لبنان من الداخل هو ldquo;إسرائيلrdquo; التي قد تقطف عنباً يُجنّبها شرب الكأس المر لحرب جديدة مع حزب الله . والخشية، كل الخشية، الآن أن تقنع ldquo;تل أبيبrdquo; أطرافاً مؤثرة في مراكز واشنطن بأن إشعال الحرب الطائفية، قد يكون الوسيلة المُثلى لضرب حزب الله، وضعضة النفوذ الإيراني في لبنان وسوريا وفلسطين . إذ حينها سيرتدي ارتباط لبنان بأزمات إيران والعراق وفلسطين بُعداً دموياً مفتوحاً على مصراعيه .
والخلاصة؟ إنها واضحة: لبنان دخل في سباق واضح بين الانقلاب السياسي المحدود وبين الفتنة الطائفية المفتوحة . وكلما تأخر موعد الانقلاب، قويت أوراق الفتنة .
الله يستر .
التعليقات