حسام كنفاني

الترابط بات سمة الملفات الإقليمية الحامية، من لبنان مروراً بالعراق وصولاً إلى فلسطين . الترابط في هذا المجال لا يمكن أن يكون ثنائياً كما يحلو للبعض تفسيره، فعلى سبيل المثال، كثير من التحليلات والتصريحات السياسية كانت تسعى إلى الربط بين حل الأزمة الحكومية في العراق مع استخراج حلول لمعضلة المحكمة الدولية وقرارها الاتهامي، بينما البعض الآخر يحرص على الربط بين الوضع اللبناني وعملية التسوية في الأراضي الفلسطينية وتعقيداتها ومسارها، على اعتبار أن الحل على مسار التسوية قد يسهم في الحلحلة في بيروت والعكس صحيح .

وجهتا النظر هاتان فيهما الكثير من الدقة والصحة، ولا سيما ما يخص الوضع اللبناني . لكن ليس عبر الفصل بين وضع العراق ووضع فلسطين، بمعنى أن لا التطورات على الصعيد العراقي وحدها قادرة على إحداث الانفراجة في بيروت، ولا المسار التسووي وحده قادر على استنباط مخارج للأزمة اللبنانية . الأصح هو أن الملفين معاً، بتطوراتهما الإيجابية أو السلبية قادران على التأثير في الوضع اللبناني، على اعتبار أن لكلا الملفين امتدادات قد لا تكون بالضرورة متقاطعة، لكنها تتضافر للتأثير في المشهد اللبناني العام .

على سبيل المثال، هناك امتدادات سورية وإيرانية وعراقية وتركية في الملف العراقي، ما يعني أن أي إنتاج لحل يرضي السعوديين سينعكس في الداخل اللبناني انفراجاً في مواقف رئيس الحكومة سعد الحريري لجهة التعاطي مع المحكمة وقرارها الظني وقضية شهود الزور . غير أن الحلحلة هنا تنزع لبنان بالكامل من واقع الأزمة بقدر ما تتيح فترة من التهدئة بين الفرقاء العاملين على الساحة، وهذا ما هو قائم فعلاً في بيروت . فالتهدئة الحالية والتأجيل المتواصل للقرار الظني، وآخرها التأجيل إلى شهر مارس/ آذار المقبل، نابع من مجموعة من التفاهمات السعودية السورية الإيرانية . غير أن هذه التفاهمات لا تلغي الهدف شبه المعلن للقرار الظني، وهو تجريم حزب الله ونزع هالة المقاومة من حواليه، لا سيما أن الغاية دولية أكثر منها خاضعة لتفاهمات إقليمية أو محليّة .

من هنا يدخل ملف التسوية كعامل حاسم في هذا المجال، لا سيما أن الكثيرين من السياسيين الغربيين يرون أن حل مسألة سلاح حزب الله مرتبط بالأساس بإنهاء الصراع العربي ldquo;الإسرائيليrdquo; بشكل عام، والصراع الفلسطيني ldquo;الإسرائيليrdquo; بشكل خاص . على هذا الأساس فإن الكثيرين من المسؤولين الغربيين، على غرار وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، يحرصون على الربط بين لبنان وعملية التسوية باعتبارها مدخلاً للحل .

من ير في العراق عنصراً لبنانياً مؤثراً فهو محق، ومن ير في فلسطين عنصراً مؤثراً فهو محق أيضاً، لكن الأكيد أن هذين العنصرين لا يمكن فصلهما . والحل قد لا يكون إلا بانفراجة عامة .