الكويت


على الرغم من اتجاه الطقس في الكويت إلى الاعتدال والبرودة، إلا أن أجواء مجلس الأمة مع بدء دور الانعقاد الثالث بدت أشد سخونة غير عابئة بأجواء الكويت، فعادت قضية إفراج وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد عن الوافدين الإيرانيين إلى الواجهة مجدداً لتطل برأسها، بعد ما أشيع عن تورط النائبين علي الراشد والدكتورة معصومة المبارك في التوسط للإفراج عنهما، وبات الخالد على مرمى حجر من استجواب ثالث يقدمه النائب مسلم البراك الناطق باسم كتلة ldquo;العمل الشعبيrdquo; التي يترأسها زعيم المعارضة النائب أحمد السعدون، بينما أعلن عضو الكتلة نفسها النائب خالد الطاحوس جهوزية استجوابه إلى وزير المالية مصطفى الشمالي، ليصبح خامس وزير مهدد بالاستجواب بعد رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد الذي أكد عضو كتلة ldquo;العمل الوطنيrdquo; النائب صالح الملا جهوزية استجوابه على خلفية قوانين الرياضة، ووزير الإعلام الشيخ أحمد العبد الله المهدد بالاستجواب من النائب فيصل الدويسان، ووزيرة التربية والتعليم العالي الدكتورة موضي الحمود المهدده باستجواب نواب كتلة ldquo;التنمية والإصلاحrdquo; لها .

في هذه الأجواء، ومع دعوة النائب الدكتور وليد الطبطبائي ldquo;بأن يقصر الله عمر هذا المجلسrdquo;، تمنى أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد أن يكمل المجلس دورته البرلمانية، وشدد على ضرورة أن تمنح الحكومة فرصتها كاملة لتحقيق خطة التنمية .

ونقل رئيس اللجنة التشريعية النائب حسين الحريتي عن الأمير عقب لقائه مكتب مجلس الأمة، بحضور ولي العهد الشيخ نواف الأحمد ورئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي، تشديده على أهمية أن تعطى الحكومة الفرصة الكافية لإنجاز الخطة التنموية من دون أن تكون بعيدة عن الرقابة .

وقال الحريتي: إن الأمير أكد ضرورة استمرار مجلس الأمة بدورته الدستورية، وأن تكون محاسبة أي وزير وفق الأطر الدستورية وبالإثباتات والأدلة الموجبة للمساءلة .

من جانبه، نقل مراقب مجلس الأمة النائب د . علي العمير عن الأمير أنه أعطى توجيهاته لرئيس وأعضاء مكتب مجلس الأمة بالتعاون مع الحكومة، ومساعدتها في تنفيذ المشاريع التنموية التي تبدي الحكومة جدية في تنفيذها .

وقال العمير: إن الأمير أعرب عن ثقته بجدية الحكومة في تنفيذ الخطة الإنمائية، مؤكداً سموه أن الدستور والديمقراطية يتيحان للجميع إبداء الرأي، والرأي الآخر بعيداً عن التشنيع والتعصب ومس الكرامات .

وأضاف أنه رفض التشكيك بجدية الحكومة في تنفيذ الخطة، وأن المجلس سيرى خلال الفترة المقبلة أموراً على أرض الواقع تترجم الجدية الحكومية . وأوضح العمير أن الأمير أكد أن النظام الديمقراطي في البلاد يسمح بتباين الآراء، لكنه أعرب في المقابل عن تطلعاته إلى ألا يسهم هذا التباين في الوصول بالبلاد إلى مرحلة قد تؤدي إلى التشكيك في نجاح تجربتنا الديمقراطية الرائدة .

وقال العمير: إن الأمير أبلغ رئيس وأعضاء مكتب المجلس بتطلعه إلى أن يكمل مجلس الأمة دورته البرلمانية كاملة، وأن يشهد الفصل التشريعي الحالي مزيدا من التعاون بين السلطتين والكفيل بتحقيق تطلعات المواطنين وتحقيق المصلحة العامة التي هي مسؤوليتنا جميعا .

وفي قضية الوافدين الإيرانيين نفى النائب علي الراشد أن تكون له أي علاقة بالإفراج عنهما وإلغاء قرار الإبعاد الإداري بحقهما، متوعداً نائباً لم يسمه (مسلم البراك) برد قاسٍ وقوي في جلسة مناقشته للاستجواب المزمع تقديمه لوزير الداخلية الشيخ جابر الخالد .

وقال الراشد: إن ldquo;القصد من إثارة هذه القضية أبعد من ذلك، فهناك من أقسم لناخبيه بأن يزيل وزير الداخلية عن منصبه، لكن إلى هذا اليوم لم يبر بقسمه ولذلك حاول مرة ومرتين وفشل في البر بهذا القسم، وأنا أقول له: صم يا أخي وأنا أزكي عنك، لكن أن تدخل البلد في قضايا من هذا النوع وتشغلها وكأن هناك فساداً وابتزازاً سياسياً بهذه الطريقة فهذا أمر سأرد عليه في الجلسة المزمع تقديم الاستجواب لوزير الداخلية فيها وسيكون لي دور ورد قويrdquo; .

وأضاف: ldquo;لم يجد شيء على علي الراشد ولم يجد في ملفي إلا البياض وهذا فضل من ربي، وrdquo;إذا كنت خاشيا أوراقا فاحنا خاشينrdquo;، وإذا كان هناك استجواب فسيكون لنا كلمة أقوى وأقسى من الكلمات التي وجهت في الاستجوابات السابقةrdquo; .

واستغربت النائب الدكتورة معصومة المبارك الزج باسمها في قضية الوافدين الإيرانيين، والمشكل لها لجنة تحقيق برلمانية، قائلة إنه أمر مرفوض ومعيب وغير أخلاقي أن يذكر اسمي في قضية الإيرانيين، علماً بأنه لا توجد لي علاقة بالقضية على الإطلاق .

ودعت المبارك إلى ضرورة أن يتوقف البعض عن إطلاق التهم على عواهنها .

من جانب آخر، سيطرت على مجلس الأمة قضية إلغاء لجنة الشباب والرياضة المؤقتة في وقت أقرتها بقية اللجان، حتى إن كان الأمر ظاهرهُ تصويت النواب والممارسة البرلمانية، إلا أن باطنه رغبة الحكومة في إيقاف استجواب الرياضة، وفق ما صرح النائب حسين القلاف .

ويبدو أن ذلك سيزيد من إصرار بعض نواب كتلة العمل الوطني وفي مقدمتهم صالح الملا ومرزوق الغانم وأسيل العوضي وعبدالرحمن العنجري على المضي قدماً على طريق الاستجواب، وفي المقابل قال النائب سعدون حماد إنه بعد إلغاء لجنة الشباب والرياضة سيحول الملف إلى اللجنة الصحية وأن التقرير الخاص بقوانين الرياضة سيكون جاهزا بعد أسابيع عدة، لافتا إلى أنه سيعرض للتصويت عليه كمداولة ثانية ما ينهي أزمة الرياضة .

من جانبه، أشار النائب صالح عاشور إلى توجيه اللجنة الصحية دعوة لوزير الشؤون ومدير هيئة الشباب والرياضة الأسبوع المقبل لمناقشة قانون الرياضة حتى يحال إلى المجلس ويفصل فيه نهائيا .

واعتبر النائب صالح الملا إلغاء لجنة الشباب والرياضة البرلمانية بمثابة رسالة مفادها بأن الحكومة عازمة على رعاية الفساد في البلد، وقال الملا في تصريح للصحافيين: ldquo;إن الرسالة التي استقرت في أذهان الرياضيين وغيرهم تشير إلى أن الإقصاء سيكون عقاباً لكل لجنة تتجرأ على فضح الفسادrdquo;، معرباً عن سعادته بالإلغاء الذي فضح الحكومة ورعاة الفساد فيها، مؤكداً أن اللجنة لم تكن تعتني بشؤون الرياضيين فحسب، وإنما سلطت الضوء على مشكلات الشباب كافة .

وكانت مصادر نيابية أكدت نجاح الحكومة في تكتيكها الذي لجأت إليه خلال الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد الحالي، والذي تعمدت من خلاله إيقاف استجواب الرياضة، عن طريق إلغاء لجنة الشباب والرياضة البرلمانية، وعدم حصول الطلب المقدم بتشكيلها على عدد أصوات يكفي لتشكيلها .

وأشارت المصادر إلى التعمد الواضح في اختيار وقت التصويت على اللجنة، والذي تزامن مع إقامة صلاة العصر حتى تضمن الحكومة ذهاب نواب كتلة التنمية والإصلاح ونواب السلف لأداء الصلاة، وهو ما حدث بالفعل، حيث ذهب إلى الصلاة 9 نواب (د . وليد الطبطبائي، فلاح الصواغ، د .علي العمير، خالد السلطان، حسين مزيد، محمد المطير، الصيفي مبارك، حسين القلاف ومخلد العازمي) .

ومن جانبه، أكد النائب الدكتور وليد الطبطبائي تلك المعلومات، حيث قال: خرجت من القاعة لتأدية الصلاة وعدت مرة ثانية فوجدت أن التصويت قد انتهى، لافتاً إلى توقيعه على طلب إعادة تشكيل اللجنة . ومع إعلان ldquo;كتلة التنمية والإصلاحrdquo; جهوزية استجواب وزيرة التربية والتعليم العالي الدكتورة موضي الحمود على خلفية ما اعتبرته الكتلة تسييساً من جانب الوزيرة للأمور داخل التربية، وحددت الكتلة بعد عيد الأضحى موعدا لتقديم الاستجواب عقب استجوابي الرياضة والإعلام، أصبح استجواب النائب مسلم البراك الثالث لوزير الداخلية على مرمى حجر، بعد الهجوم الذي شنه النائب علي الراشد والمحامي يعقوب الصانع على البراك، بسبب موقفه من إفراج الوزير عن الوافدين الإيرانيين المشتبه فيهما بتجارة المخدرات والعمل في مهنة الطب من دون ترخيص، وهو ما أدى إلى إدانة لجنة الداخلية والدفاع البرلمانية للوزير .

وقالت مصادر برلمانية إن الاستجواب المفترض لوزير الداخلية الشيخ جابر الخالد في حال تقديمه سيدفع الحكومة إلى إجراء تغيير وزاري محدود لحماية الوزراء المهددين بتقديم النواب استجوابات بحقهم، وهم: وزير الإعلام، ووزيرة التربية، ووزير المالية، بالإضافة إلى وزير الداخلية .

وكشفت المصادر عن أن هجوم الراشد والصانع على ldquo;البراكrdquo; دفع الأخير إلى ممارسة ضغوط شديدة على النائب الصيفي مبارك الصيفي لحسم معركة لجنة الداخلية والدفاع لاختيار رئيس ومقرر اللجنة، ليكون لصالح المعارضين لوزير الداخلية، خصوصاً في ملف الوافدين الإيرانيين، وهو ما يعد دعما قويا لأي استجواب يقدم للوزير مستقبلاً، وهو ما حدث بالفعل بتأييد الصيفي للنائب شعيب المويزري لرئاسة اللجنة والذي أعلن أنه سيكون أول المؤيدين لاستجواب الوزير، مؤكداً أن اللجنة أدانته في قضية الإيرانيين وسيتلو التقرير أمام مجلس الأمة حتى لو طلبت الحكومة جلسة سرية .

وتوقعت المصادر أن يقوم المويزري والنملان بتقديم طلب إلى رئيس مجلس الأمة لسحب تقرير لجنة الداخلية والدفاع الذي كان قد أحاله رئيس اللجنة السابق وعضوها الحالي النائب عسكر العنزي إلى رئيس المجلس، وهو التقرير الذي أعلن المويزري في السابق أنه مختصر جدا ولا يعبر عن حقيقة ما دار في التحقيق مع الوزير وقيادات الوزارة في قضية الإفراج عن الوافدين الإيرانيين .

وأشارت إلى أن المويزري سيقوم بإرسال التقرير الأصلي، المكون من 22 صفحة، إلى رئيس المجلس، في حين أن التقرير المعروض على المجلس حاليا مكون من 9 صفحات فقط، بعد استبعاد آراء الشهود من التقرير الأصلي، وهو ما اعتبره المويزري محاولة لخديعة بقية النواب وتغيير قناعاتهم بخصوص إدانة وزير الداخلية، من خلال حجب أقول الشهود عنهم .

وقال النائب الصيفي ldquo;إن التأخر في حسم منصبي رئاسة لجنة الداخلية والدفاع والمقرر كان بهدف التريث للوصول إلى توافق بين أعضائه على أجندة عمل وطنية تخدم الوطن والمواطنrdquo; .

وأشار إلى أن رئاسة اللجنة ليست مدعاة للخلاف والتشاحن، بقدر ما هي منفذ لممارسة الدور النيابي داخل اللجنة والارتقاء بدورها، باعتبارها من اللجان المهمة التي لابد أن تخدم المؤسسة البرلمانية وتسهم في تحقيق إنجازات تشريعية حقيقية .

وأكد الصيفي في هذا السياق أنه لا يوجد من يستطيع التأثير فيه ldquo;سوى مخافة الله وقناعاتنا الخاصة، وأن مواقفه تجاه كل ما يهم الوطن والمواطنين واضحة ولا تتأثر بأي ضغوط، وما علينا إلا الرجوع إلى الوراء ونستذكر المواقف لنعرف من يتأثر ومن لا يتأثر بالضغوط والإغراءاتrdquo; .

وأضاف: بعد الاطمئنان إلى أن من سيحظى بهذين المنصبين ستكون لديه أولويات تتفق مع ما نتمناه وفق آلية تعتمد على المهنية وتبني مشروعات وقضايا تدعم التشريع والرقابة، فإننا نؤكد دعمنا لترشح النائب شعيب المويزري لمنصب رئاسة اللجنة، والنائب سالم النملان مقررا لها، متمنيا لهما التوفيق والسداد لخدمة الوطن والمواطنين .

بدوره قال وزير المواصلات وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة محمد البصيري في تصريح للصحافيين على هامش ملتقى الكويت المالي الثاني: إن ldquo;التحدي الذي يواجه السلطتين التشريعية والتنفيذية هو العمل على إنجاز الخطةrdquo;، مضيفا: ldquo;لقد تعاهدنا كسلطتين (تشريعية وتنفيذية) خلال دور الانعقاد الحالي على أن نثابر من أجل تنفيذ الخطة من دون عراقيل أو مشكلاتrdquo;، متوقعاً أن يكون دور القطاع الخاص إيجابياً ومحورياً ومركزياً في مشاريع التنمية، لافتاً إلى إجماع تم في دور الانعقاد الثاني يجعل أمامنا نوعا من التحدي لكي ننجز ما يمكن إنجازه من الخطة لأن الوقت يمر، متمنيا أن ldquo; تضع السلطتان أيديها بأيدي بعض ليمضي قطار التنمية كما أراد له المجتمع الكويتيrdquo;، ومشيراً إلى أنه لا تزال هناك استحقاقات تشريعية لخطة التنمية، تم إنجاز نحو 55 في المئة منها، بينما لا يزال هناك نسبة من التشريعات موجودة في جدول أعمال المجلس سواء مع اللجان أو في قاعة عبد الله السالم، موضحا أنها تشريعات خاصة بالمناقصات وتمويل الخطة .

وأضاف: أن ldquo;الحكومة لا تزال بصدد دراسة عملية التمويل وستقدمها خلال الفترة القليلة المقبلة، وكل هذه المسائل موجودة قيد البحث وتلقى أعلى مستويات الاهتمام لدى الحكومة والمجلس، معرباً عن أمله بأن تأخذ هذه التشريعات التي لم تنجز حتى الآن سواء داخل اللجان أو خارجها صفة الأولويةrdquo; .