حسن أبو طالب

بعد فترة توقف للمباحثات بين إيران ومجموعة الدول الست الغربيةrlm;,rlm; ظهر أمل يشوبه بعض الغموض في أن تعود الروح مجددا إلي عملية التفاوض حول برنامج إيران النوويrlm;,rlm; إذ طرحت إيران فكرة.

أن تستضيف تركيا هذه المفاوضات مجدداrlm;. وهو ما وافقت عليه أنقرة ورحبت بهrlm;,rlm; بينما بدأ التردد في الموقف الأوروبيrlm;,rlm; فهناك من اعتبره مجرد مناورة إيرانية لكسب الوقتrlm;,rlm; وهناك من قال إن المطلوب هو دعوة رسمية محددة المعالمrlm;,rlm; أو وضع الأمور في إطار مقترح محدد المعالمrlm;.rlm;
اقتراح طهران بالعودة إلي المفاوضات يأتي في ظل متغيرات مهمةrlm;,rlm; أولها أن هناك عقوبات دولية مفروضة علي إيران من قبل مجلس الامن الدولي صدرت بالقرارrlm;9291rlm; في يونيو الماضيrlm;,rlm; وبجوارها عقوبات أكثر شمولية وذكاء فرضتها بصورة أحادية كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبيrlm;,rlm; وهي العقوبات التي بدأت تأتي ثمارها علي الداخل الإيرانيrlm;,rlm; وثاني هذه المتغيرات تلك الدعوة التي حملها نيتانياهو أثناء زيارته إلي واشنطن الاسبوع الماضيrlm;,rlm; وطالب فيها إدارة الرئيس أوباما أن توجه تهديدا عسكريا ذا صدقية لايران حتي توقف برنامجها النوويrlm;,rlm; وهو ما رفضه جو بايدن نائب الرئيس ووزير الدفاعrlm;,rlm; اللذان اكدا أن الأولوية الآن هي العقوبات وانتظار نتائجها علي الداخل الإيرانيrlm;,rlm; وثالث هذه المتغيرات تتمثل في نجاح الجمهوريين في حصد أغلبية الكونجرس وتطلعاتهم في تعويق برامج الرئيس أوباما الاجتماعية والاقتصاديةrlm;,rlm; ودعوة بعض رموزهم الفائزة إلي التعامل مع إيران بصورة عسكرية مباشرةrlm;,rlm; ليس فقط من أجل تغيير سلوك إيرانrlm;,rlm; بل من أجل تغيير النظام برمتهrlm;,rlm; وفقا لما قاله السيناتور ليندي جراهام عن ولاية كارولينا الجنوبيةrlm;.rlm;
أما رابع المتغيرات فيتمثل في الإدراك السائد في إيران وقوامه أن لا الولايات المتحدةrlm;,rlm; ولا إسرائيل تستطيعان أن تدشنا حربا ضد إيرانrlm;,rlm; لسبب واضح وبسيطrlm;,rlm; وهو أن الولايات المتحدة أصبحت بمثابة رهينة في أيدي إيران بسبب وجودها في المنطقةrlm;,rlm; حسب ما أفصح عنه الجنرال مسعود جزائري نائب رئيس أركان الجيش الإيرانيrlm;,rlm; وخامس هذه المتغيرات يتمثل في حرص تركيا علي دفع روح جديدة في المفاوضات الإيرانية الغربية منعا للتورط في عمليات عسكرية غير محسوبةrlm;,rlm; وحتما سوف تؤثر علي المصالح التركية المتصاعد في المنطقةrlm;,rlm; وسادس هذه المتغيراتrlm;,rlm; فيتعلق برفض تركيا لمشروعات حلف الناتو بنشر نظام مضاد للصواريخ علي الاراضي التركية يكون موجها للدولة الجارة إيرانrlm;.rlm;
وربما نضيف متغيرا سابعاrlm;,rlm; وهو ما ورد في الوثيقة الأساسية للامن القومي التركي بعد إدخال تعديلات مهمة في بعض بنودهاrlm;,rlm; والتي نشر بعض محتوياتها فيrlm;82rlm; أكتوبرrlm;0102,rlm; فقد تم رفع كل من سوريا وإيران من قائمة مصادر التهديد أو الخطر العسكري أو القومي المحتمل لتركياrlm;,rlm; غير أن إيران ذكرت مرة أخري في قائمة خطر الأسلحة النووية إلي جانب إسرائيلrlm;,rlm; وهو ما يمكن تفسيره في أن تركيا سوف تعتبر إيران مساوية في الخطر النووي مثل إسرائيل إذا ما امتلكت أسلحة نووية لاحقاrlm;,rlm; وهذا الموقف المزدوج التركي ما بين رفع إيران من مصادر التهديد في المرحلة الراهنةrlm;,rlm; ولكن اعتبارها مصدرا محتملا للخطر إذا امتلكت أسلحة نوويةrlm;,rlm; يكشف المستويات المختلفة التي تدرك بها أنقرة جارتها الكبري إيرانrlm;,rlm; ويكشف عن الغموضrlm;,rlm; واللا يقين الذي يحيط بالبرنامج النووي الإيرانيrlm;,rlm; فضلا عن أن احتمال تطوره لاحقا إلي برنامج عسكري من شأنه يزيد المخاطر علي الأمن والاستقرار الإقليمي عامة وأمن الدولة التركية خاصةrlm;.rlm;
هذه المتغيرات السبعة التي تحيط بدعوة إيران العودة للمفاوضات تعني أن إيران التي نجحت في الأعوام الخمسة الماضية في استهلاك الزمن عبر الاقتراحات والمبادرات المختلفة سواء تحت مظلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو من خلال اجتماعات جنيف التي تكررت خمس مراتrlm;,rlm; فإنها تسعي في الوقت الراهن لتطوير هذا الاسلوب عبر دمج أو إلحاق دولة تركيا الجارة لها في صلب التفاوض مع الغربrlm;,rlm; بغية أن يكون هناك نوع من المعادلات الجديدة لهذه المفاوضات بغض النظر عن احتمال نجاحها من عدمهrlm;,rlm; وهو الأمر الذي يعتبره محللون أوروبيون ليس سوي مناورة ذكية لا أكثر ولا أقلrlm;.rlm;
المتغيرات السبعة المشار إليهاrlm;,rlm; وكما هي وثيقة الصلة بالسياسة الإيرانيةrlm;,rlm; فإنها امتداد لبعض عناصر التغير في السياسة التركية نفسهاrlm;,rlm; لاسيما مبدأ صفر نزاعاتrlm;,rlm; والتي يعني ببساطة شديدة إنهاء الخلافات التي تكون تركيا طرفا مباشرا فيهاrlm;,rlm; والقيام بمبادرات لمنع تفاقم الصراعات والنزاعات بين الدول المجاورة للدولة التركيةrlm;,rlm; وبما يهدد المصالح التركية نفسهاrlm;,rlm; غير أن الاستطراد هنا مطلوب بشدةrlm;,rlm; فالقيام بعدد من المبادرات في أكثر من اتجاه بغرض تدعيم الدور التركيrlm;,rlm; ومساعدة الاطراف المختلفة علي احتواء صراعاتها ونزاعاتها المختلفةrlm;,rlm; لا يخفي ان هناك نوعا من التنافس الصامت مع إيرانrlm;,rlm; وهو تنافس بين نموذجين في واقع الامرrlm;,rlm; يستهدف كل منهما الاقليم نفسهrlm;,rlm; والمساحة والقضايا المتفجرة فيهrlm;,rlm; وتشمل مجالات التنافس كلا من العراق وجمهوريات آسيا الوسطي الإسلامية التي تشكلت عقب انفراط عقد الاتحاد السوفيتيrlm;,rlm; وبينما تمارس إيران سياستها الخارجية بطريقة ثورية وتجاهر بمعارضة الغربrlm;,rlm; وتمد يدها إلي قوي المعارضة السياسية تستند السياسة التركية إلي القوة الناعمةrlm;,rlm; وتطرح نموذج التعاون مع الحكومات في المجالات الاقتصادية والتجارية والسياسية والثقافيةrlm;,rlm; فضلا عن كونها وثيقة الصلة بالسياسات الغربية بوجه عامrlm;.rlm;
وتبدو صعوبة المهمة بالنسبة لتركيا في كون إيران في حالة صدام مع الغرب بوجه عامrlm;,rlm; ومع الولايات المتحدة بوجه خاصrlm;,rlm; في حين أن مصالح تركيا الكبري وتحالفاتها التاريخية هي مع الغرب والولايات المتحدةrlm;,rlm; وهو ما تجسده عضويتها في حلف الناتوrlm;.rlm;
إن حرص تركيا علي احتواء النزاع الإيراني الغربيrlm;/rlm; الامريكي يجد مبرراته في كون تركيا حريصة علي الحفاظ علي التوازن الاقليمي السائد في المنطقةrlm;,rlm; وعدم الاخلال به بطريقة قد تدفعها إلي الانغماس في عملية سباق تسلح قد تضر بمسارات التنمية التي حققت فيها تركيا انجازات كبري في السنوات العشرة الماضيةrlm;,rlm; ويأتي ذلك في ظل إدراك تركي بأن التوازن الاقليمي القائم يتمير بالحساسية الشديدة لأية تغيرات في الموازين العسكرية التقليديةrlm;,rlm; وفوق التقليديةrlm;,rlm; ومن هنا فهي ترفض امتلاك أية قوة في المنطقة أسلحة نوويةrlm;,rlm; وتعتبرها تهديدا خطيرا لامنها الذاتيrlm;,rlm; كما هو تهديد للاستقرار الاقليمي ككلrlm;.rlm;
وبرغم عدم وجود دليل قاطع ينفي عن إيران نية السعي لامتلاك أسلحة نوويةrlm;,rlm; فإن أنقرة تدافع عن حق إيران في امتلاك برنامج نووي سلميrlm;,rlm; ولكنها تربط ذلك بضرورة الاستمرار بالحوار بين طهران والقوي الغربية من أجل تبديد كل الشكوك لدي الغربrlm;,rlm; وانهاء المشكلة سلمياrlm;,rlm; وكثيرا ما يبدي المسئولون الاتراك قلقهم من انقطاع الحوار والمفاوضات الإيرانية ـ الغربيةrlm;.rlm;
واستنادا إلي أولوية احتواء النزاعات ومصادر الصراع المحيطة بتركياrlm;,rlm; سعت تركيا في العامين الماضيين إلي تقديم عدة مبادرات من شأنها أن تجعل مبدأ الحوار والتفاوض هو الأسلوب الوحيد للتوصل إلي حل يرضي كلا من إيران والغرب معاrlm;,rlm; ومن هنا جاء الالحاح التركي علي الاستمرار في المفاوضات بين إيران والغربrlm;,rlm; ثم القيام بمساع للتوصل إلي صيغة مقبولة تخص عملية تبادل الوقود النووي بين إيران والغرب تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذريةrlm;,rlm; وتعد المبادرة التي اشتركت فيها تركيا مع البرازيل في مايوrlm;0102rlm; لوضع صيغة لتبادل الوقود النووي هي الأكثر وضوحا في هذا الصددrlm;,rlm; ونظرا لان الوصول إلي هذا الاتفاق لم يكن مقبولا من الغربrlm;,rlm; وجاء قبل فترة وجيزة للغاية من إقرار عقوبات دولية في مجلس الأمن علي إيرانrlm;,rlm; فقد تعامل الغرب بقيادة الولايات مع الاتفاق الثلاثي باعتباره كأن لم يكنrlm;,rlm; أو في أفضل الأحوال أنه مسعي لكسب الوقت بالنسبة لايران ولوقف العقوبات التي كانت قد شهدت زخما كبيرا بفعل الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة علي كل أعضاء مجلس الأمن آنذاكrlm;.rlm;
وقد أظهر الموقف الغربي أنه غير راض علي السياسة التركية إزاء إيرانrlm;,rlm; خاصة أن انقرة امتنعت عن التصويت علي العقوبات التي اقرها مجلس الأمن فيrlm;9rlm; يونيوrlm;0102,rlm; وكثيرا ما أكدت تركيا أنها ضد العقوبات كسياسةrlm;,rlm; وأن المسار الأفضل هو الدبلوماسيةrlm;,rlm; لأن العقوبات ببساطة هي سياسة عقيمة تضر الشعوبrlm;,rlm; ولا تنهي نزاعا أو صراعا وفقا لتأكيدات رئيس الوزراء اردوغانrlm;,rlm; غير أن التزام تركيا بالشرعية الدولية لا يترك لها خيارا آخر في الالتزام بهذه العقوبات إذا ما صدرت عن الامم المتحدةrlm;,rlm; وصار الالزام الجماعيrlm;,rlm; وهو ما صرح به أحمد داود أوغلو فيrlm;52rlm; يوليوrlm;0102rlm; بأن بلاده ستلتزم بالعقوبات التي يفرضها مجلس الأمن الدولي علي إيران إذا كانت تلك العقوبات ملزمةrlm;.rlm;