لندن

المحنة الأيرلندية، وأزمة quot;اليوروquot;، وشبح الحرب في شبه الجزيرة الكورية، وأجندة أهداف الائتلاف الحاكم في بريطانيا... موضوعات نعرضها ضمن هذه الإطلالة الأسبوعية على الصحافة البريطانية.

محنة أيرلندا

بدأت quot;الأوبزرفرquot;افتتاحيتها يوم الأحد الماضي تحت عنوانquot; أيرلندا تعرضت للخيانة من قبل قادتهاquot; بالقول إن أيرلندا لم تعد quot;نمراً كلتياًquot; Celtic Tiger بعد أن تحول الازدهار الذي شهدته خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي إلى عسر مالي، كان السبب فيه تلك الفقاعة العقارية التي ساهمت البنوك السيئة الإدارة، والمنظمون الكسالى، ورجال الأعمال المقربون من الساسة في تضخمها لدرجة أن أسعار المنازل ارتفعت خلال الفترة من 1994 إلى 2006 بنسبة 520 في المئة. ومع اقتراب نهاية سنوات النمو التي شهدها الاقتصاد، أصيب القطاع المالي في أيرلندا بحالة من الجنون المطبق راح فيها يمنح القروض بسخاء ودون الحصول على الضمانات الكافية، كما اقترض من أسواق المال العالمية بمستوى يفوق بكثير الناتج الاقتصادي للبلاد وعندما انفجرت الفقاعة في نهاية المطاف تدخلت الدولة لإنقاذ البنوك، ولكن ديون تلك البنوك كانت أكبر بكثير من قدرة الحكومة على توفير الموارد اللازمة لتمويل عملية الإنقاذ، ولذلك بدأت أيرلندا في الانزلاق تدريجياً نحو هاوية العسر المالي والإفلاس. وتقول الصحيفة إن قصة انحدار أيرلندا تكاد تكون متشابهة مع ما حدث مع اليونان، ومع ما حدث مع دول النمور الآسيوية من قبل، ولكن أيرلندا تنفرد بطابع خاص وهي أن قادتها حطموا الاقتصاد بسوء سياساتهم وإهمالهم ثم راحوا بعد ذلك يقلبون القوارب التي جاءت لإنقاذ بلادهم من الغرق. ومع ذلك ترى الصحيفة أن إيرلندا لم تعد دولة مفلسة بصفة رسمية بعد - تتوقع وزارة الخزانة أن تخلو خزينة البلاد من الأموال في الربيع القادم - كما أن الحكومة تحاول وضع العجز تحت السيطرة لإرضاء المستثمرين العصبيين، كما أن شركاء أيرلندا في منطقة quot;اليوروquot; سوف يتدخلون بحزمة إنقاذ يتوقع أن تكون بعشرات البلايين من اليوروات مقابل قيام أيرلندا بإجراء إصلاحات كرفع الضرائب وخفض النفقات. وتختتم الصحيفة بالقول إن الإفلاس الاقتصادي لأيرلندا سيتم معالجته على نحو أو آخر، ولكن المشكلة التي سيواجهها هذا الإنقاذ هو الإفلاس السياسي لقادتها، الذين أوردوها موارد التهلكة. وأن الإفلاس الاقتصادي ربما يعالج عن طريق حزمة إنقاذ أما علاج الإفلاس السياسي، فيجب أن يكون من خلال انتخابات حرة تغير الحكومة وقادتها الفاسدين.

أزمة اليورو

في افتتاحيتها يوم الأحد تحت عنوان quot;حزم الإنقاذ لا تمثل حلاً طويل الأمد لليوروquot; قالت الـquot;تلغرافquot;، إنه على الرغم من أن الملاحظات التي أدلى بها وزير الخارجية البريطاني quot;ويليام هيجquot; عن احتمال انهيار اليورو، يمكن أن تعرضه لانتقادات شديدة تتهمه بالمبالغة وإثارة حالة من الفزع، فإن الحقيقة أن تصريحه لا يعدو كونه quot;توضيحاً لما هو واضح بالفعلquot;، وهو أن الأزمة التي تضرب منطقة quot;اليوروquot; في الوقت الراهن هي أخطر أزمة تواجهه منذ اعتماده كعملة موحدة. وتقول الصحيفة إنه على الرغم من أن البريطانيين لا يحبون نظام العملة الموحدة، فإن خطر الانهيار المفاجئ لليورو سيترتب عليه تداعيات وخيمة على الاقتصاد البريطاني - ناهيك عن اقتصادات الدول الأوروبية. وعلى الرغم من أن شكل هذه التداعيات لا يمكن التنبؤ به على وجه الدقة، فإن الأضرار التي ستلحق بتلك الاقتصادات ستكون جسيمة للدرجة التي تتضاءل إلى جانبها الأزمة الحالية التي تواجهها منطقة quot;اليوروquot; على الأقل في المدى القصير.

وترى الصحيفة أيضاً أن الاستجابات الحالية للديون الهائلة التي ينوء بها كاهل بعض الدول، والتي تتمثل في إقراض تلك الدول المعسرة المزيد من الأموال من خلال حزم إنقاذ تجنباً لاحتمال حدوث أزمة في المنظومة المالية لدول منطقة quot;اليوروquot; ليست بالاستجابات المناسبة. والحل الأمثل في رأيها أن تعيد تلك الدول المعرضة لأزمات مالية أو التي تعرضت لتلك الأزمات مثل اليونان، وإسبانيا والبرتغال هيكلة ديونها، لأن ذلك الخيار أفضل من احتمال التعرض لسلسلة متوالية من حالات الإفلاس والعجز عن سداد الديون.

*شبح الحرب

وفي عدد quot;الفاينانشيال تايمز quot;أول من أمس الثلاثاء كتب quot;ايدان فوستر ـ كارترquot; مقالا تحت عنوانquot; الولايات المتحدة ليس لديها خيارات ملائمة للتعامل مع عدوان كوريا الشماليةquot; بدأه بالقول إن القصف المدفعي الكوري الشمالي على جزيرة كورية جنوبية، يبين بما لا يدع مجالاً للشك أن الخطوة الخاصة التي خطتهاquot;بيونج يانجquot; بوضع موضوع قدراتها النووية على الأجندة الدولية، لم يكن سوى جزء من استراتيجية متعمدة لرفع مستوى التوتر في المنطقة. فبيونج يانج كما يرى تقوم بأعمال استفزازية بطرق غريبة قد لا يتخيلها أحد. فقبل حادث القصف المدفعي الأخير كان قرارها بالسماح لعالم نووي أميركي كبير بالقيام بجولة قصيرة لمنشأة تخصيب اليورانيوم التابعة لها، والتي لم تكن قد خضعت لأي تفتيش على الإطلاق يهدف لتحريك الموضوع الكوري الشمالي النووي من مكانه المعتاد على الموقد الخلفي إلى صدارة صفحات الصحف العالمية. ويرى الكاتب أن هذا على وجه التحديد هو ما تهدف إليه بيونج يانج من الهجوم المدفعي الذي شنته على كوريا الجنوبية منذ أيام بالإضافة بالطبع إلى أهداف أخرى منها تعزيز وضع وريث الحكم الكوريquot; كيم جونج إونquot;، وإجبار الولايات المتحدة وحلفائها على استئناف المباحثات quot;السداسيةquot; التي كانت قد توقفت منذ عام 2008.

ويرى الكاتب أنه على الرغم من احتمالات تفاقم العنف خلال الأيام القليلة القادمة، تجد الولايات المتحدة نفسها في حيرة بالغة بشأن كيفية التعامل مع كوريا الشمالية، بل وقبل ذلك كيفية التعامل مع الصين الحليف الوثيق للنظام الكوري الشمالي، والوحيد الذي يملك إمكانية إجبار نظام تلك الدولة على تغيير سلوكه. والخيار الأفضل في رأيه هو أن تقنع واشنطن بكين بالتعاون معاً من أجل إقناع الطرفين الشمالي والجنوبي بالتهدئة، وإقناع الجميع بالعودة لطاولة المفاوضات. أما الاقتراح بقصف المنشأة النووية فيquot; يونجبونquot; فليس خياراً على الإطلاق، والخيار الوحيد أن تبتلع غضبها، وتداري حيرتها، وتعود إلى طاولة المفاوضات مع تلك الدولة العنيدة الخطرة، وتدرك أن الرهانات هذه المرة ربما تكون أخطر مما كانت عليه.

*رفع سقف الطموح

وفي عدد quot;ديلي تلغرافquot; يوم الاثنين الماضين كتب quot;ديفيد لوسquot; مقالاًبعنوان quot;الائتلاف الحاكم في بريطانيا يجب أن يتطلع لتحقيق أهداف أكبرquot; يقول فيه إن التعافي الاجتماعي في بريطانيا بات في المتناول إذا اتخذ الائتلاف قرارات صعبة في الوقت الراهن على أنه في رأيه يجب ألا يكتفي بضبط الدفاتر المحاسبية فقط، وإنما يتطلع لتحقيق أهداف أكثر طموحاً.

وهو يرى أن تقليص العجز في الميزانية سيكون هو الاختبار الرئيسي أمام حكومة الائتلاف، على ألا تسمح الحكومة بأن تقيد نفسها في هذا القالب، وتُعرَّف به، باعتباره هدفها الوحيد. فهي في حاجة لبذل المزيد من الجهد لإثبات أنها حكومة تضم خبراء اقتصاديين ذوي كفاءة، وأن من بين الأهداف التي تضعها في قائمة أولوياتها الهدف الخاص بتحقيق التعافي الاقتصادي، أي العمل على إصلاح النظام التعليمي والنظام الصحي، والقضاء على البطالة المتفاقمة، وهي أهداف لن تتم فقط من خلال تضبيط الدفاتر، وإنما من خلال النجاح في إنجاز هدف تقليص العجز الذي سيوفر الأموال اللازمة لتحقيق هذا الهدف المأمول.

إعداد: سعيد كامل