مرسى عطا الله

أعتقد أن ما يصدر عن واشنطن من ملاحظات وانتقادات حول الشأن الداخلي المصري بشكل عام والانتخابات النيابية بشكل خاص يؤكد أن تيار المحافظين الجدد مازال موجودا ومؤثرا داخل جنبات الإدارة الأمريكية الحالية حيث يتكرر ذات الطرح الأمريكي الذي تبنته إدارة بوش السابقة.

رغم فشلها في إثبات مصداقية إيمانها بكل أطروحاتها المتعلقة بكافة قضايا الشرق الأوسطrlm;.rlm;
والحقيقة أن أسوأ ما في الطرح الأمريكي لا يتعلق فقط بتصادمه ـ من ناحية المبدأrlm;-rlm;مع ما تتطلبه الديمقراطية من حرية الاختيار الذاتي ورفض سياسات الإملاء مهما تكن صحتها ومشروعيتها ولكنه يتعلق بالتعامي عن رؤية الواقع وتجاهل نفسية وثقافة شعوب المنطقة طبقا لدرجة التطور الاجتماعي والسياسي في كل بلدrlm;.rlm;
أقول بوضوحrlm;:rlm; إن أسوأ ما في الطرح الأمريكي لما يسمي الديمقراطية المنشودة في الشرق الأوسط أنه يجيء في شكل روشتة علاج موحدة لكل دول المنطقة تحتوي علي أدوية لا يقدر المريض علي ابتلاعها دفعة واحدة من ناحية ولم يكلف الطبيب ـ الذي كتب الروشتة ـ عناء الاستفسار عما إذا كانت هذه الأدوية تلائم المريض أم لا ؟ وهل ستترتب عليها آثار جانبية خطيرة أم لا؟
ولست أعرف كيف يغيب عن الذين يتبنون هذه الأجندة الأمريكية جملة حقائق تتعلق بأوضاع المنطقة ويستحيل في ظل وجودها إمكانية الحديث عن ديمقراطية بالمفهوم الأمريكي وأهم هذه الحقائق ما يليrlm;:rlm;
rlm;1-rlm;إن هناك فجوة زمنية بين خطوات التطور الاجتماعية وإجراءات التطور الاقتصادي في معظم دول الشرق الأوسط ونتيجة لهذه الفجوة فإن من الطبيعي أن يكون هناك تردد اجتماعي قد يصل إلي حد المقاومة في القبول بأي نوع من الوصاية خصوصا في المجتمعات التي لديها تاريخ بعيد في الممارسة الديمقراطية مثل مصر التي عرفت الحياة البرلمانية منذ قرنين من الزمانrlm;.rlm;
rlm;2-rlm;إن هناك تفاوتا ملحوظا لأهم عوامل البناء الديمقراطي الصحيح بين عدد كبير من دول المنطقة بدءا من درجة التعليم ومرورا بعمر المؤسسات الدستورية ووصولا إلي تعدد جذور الوحدة الفكرية نتيجة استشراء الروح الطائفية والقبلية والممتزجة بجذور الصراعات الدينيةrlm;.rlm;
rlm;3-rlm;باستثناء مصر فإن ثقافة العشيرة هي الثقافة الأغلب والأعم في معظم أنحاء العالم العربي ومن ثم فإن أي تحول فجائي من ثقافة العشيرة إلي ثقافة الديمقراطية يمثل قفزة غير مأمونة لأن عدم التدرج سوف يعني أن تصبح الأحزاب بديلا للعشائرrlm;,rlm; وبالتالي فإن رؤساء الأحزاب سوف يصبحون ـ تلقائيا ـ مثل شيوخ العشائر لهم السمع والطاعة دون أن يكون لأحد حق المناقشة أو حق الاعتراض حيث الولاء لفكر القبيلة والطائفة وليس لفكر الحزب ومبادئهrlm;.rlm;
وليس معني ذلك أنني أدعو إلي تأجيل أو رفض دعوات الانتقال بمجتمعاتنا العربية من خنادق الطائفية والعشائرية إلي منابر الحرية والديمقراطيةrlm;,rlm; وإنما أتحفظ ـ وبشدة ـ علي أن تجيء الديمقراطية بإرادة أجنبية ليست مبرأة من الشبهات من ناحية ولليقين الكامل بأن هذا التحول يحتاج إلي خطوات متدرجة ـ حسب ظروف كل وطن علي حدة ـ من ناحية أخريrlm;.rlm;
وغدا نواصل الحديث
rlm;***rlm;
خير الكلامrlm;:rlm;
ـــــــــــــــــ
rlm;**rlm; لا تطارد الريح إذا خطفت غطاء رأسكrlm;!rlm;