السجال بين laquo;حزب اللهraquo; وlaquo;المستقبلraquo; يلامس laquo;الخطوط الحمرraquo;

بيروت - وسام ابو حرفوش

يرزح لبنان تحت وطأة عاصفتين، واحدة مناخية تتجه الى الانحسار اليوم في استراحة تسبق تجددها يوم الجمعة المقبل، وثانية سياسية تتجه للانفجار غداً، اذا فشلت المساعي في استباق جلسة مجلس الوزراء المقررة عصر غداً بتفاهم من النوع الذي يؤدي الى امرارها على خير.
وإذا كانت العاصفة الثلجية التي تضرب لبنان منذ الجمعة الماضي، ادت الى اضرار مادية جسيمة في الطرق والممتلكات، فإن من الصعب تصور حجم الاضرار التي قد تنجم عن تمادي العاصفة السياسية، المرشحة للاستمرار وبلا هوادة الى حين صدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري.
وفي الطريق الى هذا الاستحقاق الاخطر في تاريخ لبنان الحديث يخضع الجميع في بيروت لـ laquo;اختبار صعبraquo; يتمثل في جلسة مجلس الوزراء المقررة غداً، والتي ستتصدى في بندها الاول لملف ما يسمى laquo;شهود الزورraquo;، وسط انقسام بين معسكري الحكومة (8 و 14مارس) حيال هذا الملف.
وعشية هذه الجلسة نشطت الاتصالات الهادفة للتوصل الى تفاهم مسبق من شأنه تفادي إنفجار الحكومة. فزار المعاون السياسي لرئيس البرلمان النائب علي حسن خليل رئيسيْ الجمهورية ميشال سليمان والحكومة سعد الحريري، في الوقت الذي عقد وزراء laquo;8 مارسraquo; لقاء تشاورياً بالتوازي مع المشاورات داخل فريق laquo;14 مارسraquo;.
ورغم ان الانطباعات اوحت بأن مخرجاً ما يتم تسويقه لتفادي اي مجازفات تشكل خرقاً لسقف المساعي السورية ـ السعودية، فإن استمرار الانقسام على حاله قد يفضي الى خيارات اخرى من بينها تأجيل الجلسة، خصوصاً اذا كانت الامور محكومة بمعادلة: التوافق المستحيل والانفجار الممنوع.
غير ان جلسة مجلس الوزراء على اهميتها، لا تشكل سوى laquo;بارومترraquo; لقياس المستوى الذي بلغته المساعي الجارية لكسر المأزق اللبناني، وفي مقدمها المسعى السوري ـ السعودي، ما يحوطه من laquo;ملابسات غامضةraquo;، غالباً ما تنجم عنها تقديرات متناقضة لحصيلته ولمصيره.
واللافت في هذا السياق ان laquo;حزب اللهraquo; الذي كان اكثر حماسة لهذا المسعى الذي من شأنه التوصل الى laquo;تسويةraquo; قبل القرار الاتهامي، بدا اخيراً اكثر ميلاً لإظهار laquo;تضاؤلraquo; الحظوظ امام هذا المسعى، خصوصاً في ظل ابتعاد العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز عن الرياض لأسباب صحية.
هذا laquo;التقويم السلبيraquo; لحصيلة المسعى السعودي ـ السوري ربما يكون السبب وراء معاودة laquo;حزب اللهraquo; تشدده، وهو الامر الذي من المتوقع ان يكون اكثر وضوحاً في الكلمة التي من المرتقب ان يلقيها امينه العام السيد حسن نصرالله الخميس المقبل، امام حشود العاشر من محرم في الضاحية الجنوبية لبيروت.
في موازاة ذلك، تركّزت الاتصالات امس على جلسة مجلس الوزراء والتي واكبها laquo;حزب اللهraquo;، بمزيد من مواقف laquo;السقف العاليraquo; التي بلغت، كما نقلت صحيفة laquo;الأخبارraquo; عن قيادي رفيع المستوى في الحزب، حدّ تاكيد انه سيحصل رد فعل laquo;وسنفعل شيئاًraquo; بإزاء القرار الاتهامي اذا صدر دون حل لبناني ـ سوري ـ سعودي مسبق، معرباً عن اعتقاده laquo;أن في فريق رئيس الحكومة من يحاول تكرار تجربة 5 مايو عام 2008، حين أبلغوا الحكومة بأن حزب الله لن يقوم بردّ فعل على أي قرار تتخذه الحكومة في شأن شبكة اتصالات المقاومةraquo;، وراسماً معادلة laquo;المقاومة لن تقف مكتوفة بحجة أنها لا تريد تلطيخ سمعتها، بينما يريد الآخرون تلطيخ ثوبها بالدماءraquo;.
وعلى وقع مراكمة laquo;حزب اللهraquo; ملف الهجوم على المحكمة الدولية وداعميها في الداخل، موجّهاً على طريقته laquo;رسالة استعجالraquo; للمسعى السعودي - السوري بان الوقت بدأ ينفد، من خلال laquo;الكلام المسحوبraquo; لرئيس كتلة نواب laquo;حزب اللهraquo; محمد رعد عن مهلة laquo;الأيام القليلةraquo;، بدت الساعات الفاصلة عن جلسة مجلس الوزراء حاسمة لجهة المحاولات المبذولة على اعلى المستويات لتجنُّب اي laquo;انفجارraquo; يمكن ان ينزلق معه الوضع اللبناني الى مدارك laquo;بلا ضوابطraquo; مع التوقعات بامكان ان يرفع المدعي العام الدولي القاضي دانيال بلمار هذا الاسبوع قراره الاتهامي الى قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين الذي يمكن ان يحتاج الى ما بين ستة و 10 اسابيع لدرس القرار تمهيداً لمصادقته او ردّه او ردّ قسم منه.
وفي غمرة الاتصالات المكوكية، راوحت سيناريوات laquo;اختبار الاربعاءraquo; الحكومي بين حدّيْ سقفين رسمهما الحريري والمعارضة السابقة وهما: الانتقال بعد مناقشة بند شهود الزور، سواء تم الاتفاق عليه أم لا، الى معالجة بقية بنود جدول الأعمال، ووجوب بت ملف شهود الزور حتى ولو بالتصويت قبل البحث في أي أمر آخر.
وتبعاً لذلك فان المسارات الممكنة للجلسة الحكومية مفتوحة على خياريْن هما:
* مناقشة موضوع شهود الزور وعدم التوصل الى توافُق حول المسار القضائي الذي يجب ان يسلكه (المعارضة السابقة تطالب باحالته على المجلس العدلي و14 مارس على القضاء العادي)، وبعدها يرفع رئيس الجمهورية الجلسة من دون الانتقال الى درس بقية بنود جدول الاعمال، فيكون بذلك وفّق بين مطلب 8 مارس بان يكون شهود الزور البند الاول في جدول الاعمال وتمسُك 14 مارس برفض طرح الامر على التصويت، ومنع اي انزلاق للجلسة laquo;نحو الأسوأraquo; ولكن مع بقاء حال الشلل في مجلس الوزراء المعلّق عمله منذ نحو شهر.
* انسحاب وزراء 8 مارس من الجلسة إذا جرت محاولة لتمييع بند شهود الزور والانتقال الى البنود الاخرى في جدول الأعمال، علما أن من ابرزها التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي تنتهي ولايته بعد أشهر قليلة، وتعيين مدير عام للأمن العام بعد شغور المنصب ببلوغ اللواء وفيق جزيني سن التقاعد، واحالة المفوض الاكبر سنا سهام الحركة، التي تولت المديرية بالوكالة عشرة أيام، الى التقاعد. مع الاشارة الى ان رئيس الجمهورية يتمسك باعادة تعيين جزيني من خارج الملاك بناء لقرار هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، في حين ان الثنائي الشيعي حركة laquo;املraquo; وlaquo;حزب اللهraquo; يرشحان نائب مدير المخابرات في الجيش العميد عباس إبراهيم لهذا المنصب الذي يتردد ان لزعيم laquo;التيار الوطني الحرraquo; النائب العماد ميشال عون مرشحا مسيحيا له.
وبين هذين السيناريوين، بدت المعارضة السابقة مربكة جراء تنازُل الحريري وموافقته على ادراج ملف شهود الزور كبند اول في جدول اعمال جلسة يوم غد، وهي تتعاطى مع هذا الأمر على انه laquo;فخraquo; ومحاولة لرمي الكرة في ملعب المعارضة وإظهارها في مظهر المعطّل لعقد جلسات الحكومة وتسيير شؤون الناس. أما قوى laquo;14 مارسraquo; فتتعاطى بـlaquo;ارتيابraquo; مع اعلان فريق 8 مارس إصراره على التصويت على بند شهود الزور حتى لو خسر، وهي ترى ان هذا الفريق يحاول laquo;استدراج وزراء الأكثرية، ومعهم وزراء الرئيس سليمان الى التصويت، لاطمئنانهم الى أن النتيجة قد تكون لمصلحتهم في حال صوت وزراء النائب وليد جنبلاط الثلاثة الى جانبهم مع وزير أو آخر من وزراء رئيس الجمهوريةraquo;، او ان المعارضة السابقة تريد ان تشكّل خسارتها التصويت منطلقاً لخطوة تصعيدية هي استقالة وزرائها، وبالتالي دفع الحكومة الى الاستقالة كأولى مراحل laquo;السيناريو الانقلابيraquo;.
وبإزاء ذلك، لامس السجال بين laquo;حزب اللهraquo; وتيار laquo;المستقبلraquo; الدوائر laquo;المحرّمةraquo; وسط استخدام الفريقيْن أسلحة من laquo;عياراتraquo; غير مسبوقة.
وفي هذا الإطار، دعا رئيس كتلة نواب laquo;حزب اللهraquo; محمد رعد الفريق الآخر الى laquo;ان يعيد حساباته ويراجع خياراته لأن البلد أيضا سيتعرض للاساءة وسيهتز وضعهraquo;.
وحذّر من laquo;ان الكرة ستتدحرج تلقائيا في شكل سلبي يهدد الاستقرارraquo;، لافتاً الى ان laquo;الحكومة ما زالت تعيد النظر في أن تجتمع او لا تجتمع وعطلت البلد، وإذا كانت مسألة جزئية ولها علاقة بشيء من القرار الاتهامي أو من المحكمة عطلت البلد شهرين، فماذا اذا صدر قرار ظني مزور ومفبرك وتضمّن اتهامات ملفقة ضد أبرياء، فهل سيبقي بلد او حكومةraquo;؟ مضيفاً: laquo;في النهاية نحن معنيون في ان ننبه ونعطي الحجة تلو الحجة والدليل تلو الدليل، وكل واحد يتحمل مسؤوليتهraquo;.
ونبّه نائب laquo;حزب اللهraquo; علي فياض إلى أن اللبنانيين باتوا الآن laquo;في الربع الساعة الأخيرraquo; قبل أن ينتقل الحزب laquo;إلى مرحلة أخرىraquo;، مؤكدا انه laquo;إذا ظل البعض يمارس لعبة تضييع الوقت في سبيل الوصول إلى لحظة صدور القرار الاتهامي فساعتئذ لا خيار إلا مواجهة محاولات الفتنة منفردينraquo;.
في المقابل، استدرج كلام رعد عن laquo;تبليط البحرraquo; وlaquo;النعالraquo; ردود فعل سياسية قاسية من جانب تيار laquo;المستقبلraquo; وقوى سنية في الشمال بلغت حد اعلان النائب محمد كبارة (من كتلة الحريري) من طرابلس laquo;عاصمة اللبنانيين السنّةraquo; ان laquo;كل إصبع سيغامر بالإرتفاع في وجه لبناننا الحبيب سنكسره، وكل لسان سيتطاول على مؤسساتنا سنقطعه، وكل عين ستنظر شذرا إلى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان سنقتلعها، ولن نسكت بعد اليوم عن إستهدافنا في السياسة والقضاء والإدارة والأمن، ولن نسمح لأحد مهما بلغت غطرسته بأن يستهدف الموقع السني الأول في مؤسسات الدولةraquo;.
وأوضح في إحتفال لمناسبة بدء العام الهجري الجديد، أقامته القوى الإسلامية والوطنية في الشمال، في معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس، انهم laquo;يريدون عصر رئيس الحكومة سعد الحريري ليكسبوا منه تنازلا عن العدالة الدولية ومحكمتها، فليحاولوا، ولكن أقول لحلفاء حزب الله، كل حلفائه وفي أي مكان في لبنان، إن السنة لن يكونوا مكسر عصا وليسوا جناحا مكسوراraquo;، مضيفاً: laquo;أي محاولة لإلغاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان سيتم التصدي لها جديا فلا يخيفنا تهديد ولا برق ولا رعد ولا زعيقraquo;.
وفي الاحتفال نفسه، تحدث عضو المكتب السياسي في laquo;تيار المستقبلraquo; النائب السابق مصطفى علوش والنائب خالد الضاهر، الذي قال laquo;إن أهل السنّة والجماعة لا ينامون على ضيم وهم حماة الدولة والمؤسساتraquo;.
وتوجه الضاهر إلى النائب محمد رعد، قائلا: laquo;نحن نقول له ولكل من يرفع إصبعه أو صوته مهددا أو متوعدا: عودوا إلى رشدكم وأقلعوا عن اللغة العدوانية واحترموا أنفسكم فأهل السنة والجماعة وأبناء البلد مسلمون ومسيحيون لن يتراجعوا عن بناء البلد وحماية مؤسساته والدفاع عن كرامتهم ووجودهم. ونقول له أيضا: هوّن عليك وهدِّئ من روعك فتهديداتك أنت وغيرك لن تخيفناraquo;.
من ناحيته، وصف البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، وضع لبنان بانه laquo;محزن نظراً الى التجاذبات الحاصلة بين الافرقاء السياسيينraquo;، مبدياً تخوفه من laquo;اختلال التوازن الوطني فتتعطل الصيغة التي يُبنى لبنان على أساسهاraquo;.


بو حبيب: لا نشاط لي
في الولايات المتحدة

أوضح سفير لبنان السابق في واشنطن عبدالله بو حبيب ان لا علاقة له بما ذُكر عن لوبي لبناني ـ سوري في الولايات المتحدة بدأ ينشط في مواجهة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
وقال بو حبيب لـ laquo;الرايraquo; تعليقاً على التقرير الذي نشرته امس من واشنطن: laquo;بعدما عدت الى بيروت في العام 2001 يتركز نشاطي على إدارة laquo;مركز عصام فارس للشؤون اللبنانيةraquo;، المهتم بقضايا ذات طابع فكري ووطنيraquo;.
وأشار الى ان له في الولايات المتحدة صداقات كثيرة بحكم عمله سابقاً كسفير للبنان، لكن نشاطه الحالي يقتصر على توليه مسؤولية مدير عام laquo;مركز عصام فارسraquo; في بيروت.