زيّان
واضح للعيان، ومعروف هنا وفي الجوار وعَبر البحار، أن لبنان ليس في أحسن حالاته وظروفه.
فتأكيد اهتزاز الوضع السياسي، وتعطيل المؤسسات، وشلل البلد ودورة الحياة العامة والخاصة، يطلّ مع كل فجر جديد. وأحياناً قبل أن تشرق الشمس تكون التصريحات التهويلية قد شقّت طريقها الى عموم اللبنانيين.
إلا أن ذلك لا يعني، بالضرورة، أن الأخطار تحدق بوطن النجوم والثماني عشرة طائفة من الجهات الأربع.
ثمة اختلاف كبير حول كل شيء تقريبا، تغذيه قوى ودول خارجية، قريبة وبعيدة، تحاول بدورها استغلال الكباش المحرج حول المحكمة الدولية والقرار الظني وابريق الزيت والبيضة والدجاجة، وصولا الى التبولة والفراكة والكبة النية...
وقد يدخل جنس الملائكة لاحقاً كطرف جديد في توفير أسباب الديمومة للانقسام، والتشرذم، والتنافر، والتباغض.
إنما هذا شيء وموّال الانقضاض مجدداً على التركيبة بكل ما تمثّل شيء آخر.
واستناداً إلى مرجعيات مطلعة، ورؤية شاملة وموضوعية، يمكن الاستنتاج أن لبنان ليس ذاهباً الى حرب أهلية، أو الى أي شكل من أشكال العصيان، او الاشتباك، أو quot;الاجتياحquot;... ولو بالطرق والوسائل السلمية.
وخلال التطرّق الى التفاصيل وما يتصل بالسيناريوات التي تكاثر الحديث عنها حديثا، نكتشف سلسلة من العوامل الاقليمية والدولية التي تشكّل ما يشبه صمّام الامان، وما لا يترك أي مجال لأي فريق في اللجوء الى العنف وركوب ظهر المجن والمغامرة وظهر الجنون.
وقد يكون هذ الامر مدرجا في خانة الممنوعات، المتفق عليها ضمناً وصراحة بين دول معروفة في المنطقة، وبين أفرقاء في الداخل وقوى كبرى في العالم.
وثمة مَن لا يتردد في التأكيد أن لبنان ليس متروكاً على كفّ الأقدار، أو تحت رحمة الظروف والمتغيرات السياسية على الجبهة الدولية او ضمن المنطقة.
فأمن المنطقة، كل المنطقة بكل دولها، من أمن لبنان.
واللعب بأمن لبنان، وتركيبة لبنان، هو لعب بأمن كل دول المنطقة وتركيباتها وأنظمتها. والدراسات الكثيرة التي وُضعت في اكثر من عاصمة اوروبية ودولية تشير الى هذا الواقع، وتنبّه الى خطورة التساهل، او التجاهل، او التغافل.
وما حركة الوفود والمبعوثين والزيارات المتتابعة لمسؤولين كبار، سواء من المنطقة او من العالم، الا للتشديد على هذه النقطة quot;الجوهريةquot;، وابلاغ من يعنيهم الامر ان لبنان اليوم يختلف عن لبنان الامس.
كما ان الوضع في المنطقة وتشابكه مع كل المسارات والمفاوضات المتعثرة، ومع كل العراقيل التي تختلقها اسرائيل في وجه المساعي الاميركية والدولية، من شأنه ان ينصح ذوي الالباب بالتأني، والتريّث، والعدّ للمئة لا للعشرة. والعزوف عن إشهار سيوف التعطيل وقرع طبول التهويل.
فلبنان، تكراراً، ليس متروكاً. وما كان جائزاً وممكناً في حروب العقدين القاسيين، بات اليوم مقيماً في خانة الممنوعات والمحظورات.
هل تنطبق وقائع هذه الرؤية على واقع الحال؟
فلننتظر لنرى.
وفي السياق ذاته يأتي كلام الرئيس بشار الاسد في الإليزيه ليضع الامور في نصابها، وليؤكد للجميع quot;اننا نرى ان جميع الاطراف ليس لهم مصلحة في فتنة في لبنانquot;.
التعليقات