عبدالرزاق الصافي

منذ سنوات وأنا أتابع موضوع ضرورة البحث، بشكل جدي،انضمام العراق الى عضوية مجلس التعاون الخليجي، انطلاقاً من واقع ان العراق دولة خليجية اولاً ولزوال الأسباب التي كانت تمنع ذلك قبل سقوط النظام الدكتاتوري السابق في التاسع من ابريل/نيسان 2003 ثانياً، ولكون مثل هذا الانضمام هو في صالح دول مجلس التعاون الخليجي والعراق ثالثاً، ولأن خطوة كهذه تصب في الاتجاه الواقعي للتقريب بين الدول العربية وسعيها نحو تحقيق الكثير من المشاريع التي ظلت على الورق، رغم تبنيها من قبل الجامعة العربية، وفي مقدمتها مشروع التكامل الاقتصادي العربي رابعا، ولغير ذلك من الاسباب.
وقد ثأرتُ الموضوع عند تناول جسر المحبة، وسكة التواصل، التي يراد لها ان تربط دول الخليج من عمان حتى الكويت، والتي من المؤمل ان تظهر للوجود في العام 2017، إذ اقترحتُ يومها دراسة الجدوى الاقتصادية لتمديد هذه السكة ودمجها بخطوط السكك الحديد في العراق لربط دول الخليج بالبحر الابيض المتوسط عبر العراق وسوريا، وبأوروبا عبر العراق واسطنبول في تركيا، في ما سمـّي بالقناة الجافة.
وتناولت الموضوع ايضاً عندما ثمنـّت عالياً مبادرة وزير خارجية البحرين بإثارة الموضوع، ودعمه للفكرة قبل سنوات.
وما حملني على اثارة الموضوع الآن، هو ما تفضل به سمو رئيس وزراء البحرين، في اطار التحضيرات لانعقاد المجلس الاعلى لمجلس التعاون الخليجي في العاصمة الاماراتية ابوظبي في السادس والسابع من هذا الشهر، إذ دعا سموه الى عودة العراق كبلد قوي وفعـّال في منظومة العمل الخليجي وأكـّد بصواب:raquo;ان عودة العراق القوي الى منظومة العمل الخليجي والعربي سيزيدها قوة ومنعةraquo;. ذلك ان هذا التأكيد يعكس تقديراً واقعياً لحاجة دول الخليج، بما فيها العراق، الى مزيد من الترابط والتعاون في مجالات الاقتصاد والنقل والسياحة والتبادل التجاري والثقافي والفني وغيرها من المجالات التي تصب في صالح جميع دول الخليج.
فالعراق بعد خلاصه من النظام الدكتاتوي البغيض الذي دمـّر علاقاته الاخوية بدول الخليج، وروابط التضامن العربي المشترك، بغزوه الغادر للكويت في العام 1990 يسعى بشكل حثيث الآن، لاستعادة مكانته كبلد قوي وفعال ليس فقط في منظومة العمل الخليجي، بل وفي الشرق الاوسط والعالم ككل. وذلك عن طريق تصفية الآثار المدمرة التي تركها النظام السابق ويواصل أيتام هذا النظام اعمالهم التخريبية المدمرة، وتحقيق الأمن والاستقرار بما يتيح الانطلاق في اعمار البلد بجهود ابنائه والمستثمرين من اشقائه ومن بينهم المستثمرين الخليجيين، ومن جميع انحاء العالم ،وتطوير اقتصاده الوطني بما يخدم مصالح شعبه ويمكنه من خدمة اشقائه عن طريق التعاون المشترك وتبادل المنافع على اسس صحيحة ترعى مصالح الجميع.
ان عالم اليوم هو عالم تجمع الدول في اتحادات وتجمعات ترعى مصالح الدول التي تنضم اليها، وخير مثال لذلك هو اتحاد الدول الاوروبية التي تركت صراعاتها التاريخية وراء ظهورها واستطاعت ان تبني هذا النموذج للتعاون الايجابي. وبامكان مجلس التعاون الخليجي ان يتطور، لو اراد قادته، ليكون خطوة جدية نحو اتحاد عربي حقيقي يشكل كتلة دولية مرموقة في المستقبل، وذلك بالاستفادة من الجوانب الايجابية القليلة في عمل جامعة الدول العربية التي لم تستطع ان ترقى الى ما طمحت وتطمح اليه الشعوب العربية عندما قامت هذه الجامعة.
فهل سيتصدى مجلس التعاون الخليجي للسعي بهذا الاتجاه عن طريق التوسع بدعوة العراق بالانضمام اليه؟
دعونا نأمل ذلك.