على الحان 'ضاق خلقي يا صبي' و'انا بتنفس حرية' وشعارات تعتبر الرجل جزءا من الحل:

بيروت- من زهرة مرعي

في حملتها التي تواصلت على مدى عشرة أيام وانتهت مساء الجمعة الماضي بهدف الضغط لإقرار مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري، لجأت جمعية كفى عنفا واستغلالا، والتحالف الوطني لمناهضة العنف ضد المرأة إلى الأغنية كواحدة من أساليب المواجهة والتوعية والخطاب المباشر. كذلك كان الشريط السينمائي واحداً من أساليب تسليط الضوء على العنف اللاحق بالنساء والذي يصل لحدود القتل، وذلك نتيجة غياب القانون، ولهذا كان فيلم 'عن لطيفة وأخريات'.
ففي الاحتفال الختامي لهذا النشاط وقف عشرات الشبان والشابات والكثير من النساء على شكل سلسلة بشرية قريباً من قصر الأونيسكو في بيروت حاملين الشعارات التي تدعو إلى سلوك إيجابي للرجولة مثل: الرجّال بيدعم إقرار قانون العنف الأسري. الرجّال بيعرف حقوق النساء جزء من حقوق الإنسان. الرجّال جزء من الحل، العنف هو المشكلة. الرجّال بيرفع إيدو ضد العنف. الرجّال بيستعمل عضلات عقلو. وغيرها من الشعارات التي كان يتباهى الشبان والشابات بحملها على أنغام صوت فيروز وهي تصدح 'ضاق خلقي يا صبي'، وعلى صوت جوليا بطرس 'أنا بتنفس حرية'. في حين أعدت جمعية كفى بالتعاون مع المغنية والكاتبة والملحنة مونيتا يوسف أغنيتين من وحي النضال من أجل مكافحة العنف الأسري من خلال قانون عصري يصدر عن المجلس النيابي. وقد أدت مونيتا يوسف الأغنيتين في الاحتفال الختامي في قصر الأونيسكو الذي كان برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ممثلاً بوزير الشؤون الاجتماعية الدكتور سليم صايغ وحضور عدد من النواب.
في أغنية 'سوا مناخد القرار' تقول مونيتا يوسف في رسالة للرجل: أنا بدّي حاكيك لتسمع شي بيعنيك...إيدي بإيدك وبأعلى صوتي بناديك... إنت وأنا الضحية ومتجاهل هالقضية... ضد العنف معي خليك (...) بشرعة حقوق الإنسان ما في مرا ولا رجّال... حقوقنا بالتساوي ما حدا أهم من التاني...بيكفي ظلم وهوان.
وفي أغنية 'أنا نص الكون' تقول مونيتا: ليش بدي إبقى المرا المقهورة... وليش لازم كون برّات الصورة... اتركني طير وعلّي لا تكسرني... اتركلي صوتي يغني واطلقني... لازم تعرف اليوم... إني هون... وأنا نص الكون وماراح إبقى مكسورة... من حقي عيش بكرامي... من دون لا عنف وإهاني... أنا المرا متلك إنساني... وبكون نصّك التاني... أنا يمكن كون إمك...إختك، بنتك، أو مرتك... أنا بحس وبفكر متلك... ودوري بكمّل دورك.
هاتان الأغنيتان اللتان خاطبت من خلالهما الفنانة مونيتا يوسف الرجل شكلتا خير دليل على الواقع الذي ترجوه المرأة لنفسها، كما وجدتا ترحيباً كبيراً من الجمهور الذي صفق بقوة بعد كل أغنية. 'القدس العربي' سألت الفنانة مونيتا عن دوافعها لكتابة وتلحين شعر يتحدث عن موضوع اجتماعي فقالت: قمت بمهمتي هذه بكثير من الاندفاع الناتج عن كوني امرأة تؤمن بهذه القضية وتناضل مع غيرها من النساء من أجل رفع الظلم عن النساء عبر إقرار قانون في المجلس النيابي يحمي من العنف الأسري. وأرى أن الدعوة لكسر الجدار بين الزوجة والزوج يجب أن ينبع من قلب كل امرأة حرة وواعية، وترغب بمستقبل مزدهر من خلال أجيال جديدة تعي أهمية نبذ العنف الأسري المنتشر بكثرة في مجتمعاتنا.
نسألها عن المؤثرات التي جعلتها تكتب نصاً شفافاً وواعياً؟ تقول يوسف: أعمل في الحقل العام منذ زمن بعيد. وأتعاطى مع نساء معنفات ومنتهكات الحقوق، وهذا بالتأكيد يؤدي إلى تفاعل بيني وبين هذه القضية، إذ أني ومن خلال هؤلاء النساء أتعايش مع قضاياهن المؤثرة جداً. ومن ثم أرى في جمعية كفى العديد من النساء اللواتي يتم إخراجهن من الزوايا المعتمة جداً، لهذا أحببت أن أمد يدي بما أوتيت به من إمكانات للأخذ بأيديهن.
وتتحدث مونيتا يوسف عن حضورها في دنيا الفن والغناء منذ 18 سنة، خاصة الفن الإنساني الذي تؤمن به وتقول: لست جديدة في عالم الغناء والكتابة والتلحين. وقد يكون حان الوقت حتى أقدم نفسي لجمهور عريض يؤمن بضرورة حماية المرأة من العنف. كما أني على اهتمام كبير بالقضايا الإنسانية قاطبة وقد كتبت ولحنت وغنيت عن الكثير منها. فقد سبق وكتبت ولحنت وغنيت للصليب الاحمر، وعن السيدا والوقاية منه. كما كتبت عن البيئة، وعن حماية الأطفال من التحرش الجنسي. كما أني حالياً بصدد كتابة أغنيات تحكي عن حقوق الطفل. هذا هو ندائي الفني الذي ولد معي وسوف أتابعه عبر البحث والتقصي والاجتهاد.
رداً على سؤال ما إذا كان الإحباط يرافق مسيرة مونيتا يوسف الفنية كون أغنياتها لا تُبث عبر الإذاعات سوى في المناسبات؟ تقول: لا أحبط مطلقاً لأني أعرف سلفاً أن هذا الطريق محفوف بالكثير من المخاطر وهو طريق مساره صعب. وأعرف أن المتلقين ليسوا جميعاً من الذين يأخذون آذانهم صوب القضايا التي لها دلالات إنسانية. لكني أعرف أن الوجع الذي يلازمنا على حقوق النساء المسلوبة يجب أن يجعلنا نلتفت إليها. وباعتقادي أن البيوت اللبنانية والعربية الخالية من هذا الوجع قليلة.
أما فيلم 'عن لطيفة وأخريات' فهو من إعداد مسؤولة البرامج في تلفزيون المستقبل الإخبارية ديانا مقلد، التي سبق وأعدت الكثير من الأفلام التلفزيونية التي اقتربت من اللغة الوثائقية، وعن قضايا إنسانية اجتماعية متنوعة العناوين كانت فيها المرأة هي الأساس. ديانا تأثرت بقصة لطيفة قصير التي قتلها طليقها. وتأثرت أكثر بولديها جنى وخليل اللذين كانا أول من اكتشف موتها إثر عودتهما من المدرسة. وقد تمكنت جمعية كفى من الاستفادة جيداً من مضمون هذا الفيلم وعرضته في صالة مسرح بابل كافتتاح لحملتها السنوية لمناهضة العنف ضد النساء، بحيث ضاق المكان بالحضور الذي افترش الأرض.
وفي حين تعيش قصة لطيفة في طفليها اللذين يبحثان عن عاطفتها بزيارة قبرها بشكل متكرر، فإن الفيلم قدم كذلك حكاية الصبية آمنة بيضون التي تزوجت ابن عمها لأربعة أشهر أمضت منهما شهرين في لبنان، وشهرين في أفريقيا عادت بعدها إلى لبنان جثة متحللة. وفي هذا الفيلم تحدث أهل آمنة محاولين الاستشراف من ماضي قاتلها الذي سبق له وتزوج مرتين. حيث تبين لهم بأنه يعاني من سلوك سادي. لكن وفي كل الأحوال بقيت أسرار الحياة القصيرة التي أمضتها آمنة في أفريقيا مدفونة هناك مع دمها الذي سال على أرضها.
أما الحكاية الثالثة فلا تزال تعيش حتى اللحظة في ألماسة حوراني وولديها منذ 13 سنة. فبعد أن عاشت شتى أنواع التعنيف من زوجها هي وولداها تمكن من سلبها كافة ممتلكاتها وتركها على الأرض. وها هي الآن تعيش ابتزاز المحامين الذين يتوالون على قضيتها من أجل إرجاع حقوقها المسلوبة.
'عن لطيفة وأخريات' فيلم أخرجته فرح فايد بلغة بصرية معبرة جداً، وهي تمكنت من إيصال الموضوع بكامل الحساسية التي يتضمنها، خاصة في قضية مقتل لطيفة التي استحوذت على القسم الكبير من الفيلم الذي عرض مرتين على شاشة المستقبل الإخبارية.