كيف يفهمون laquo;حزب اللهraquo;؟

حسام عيتاني
الحياة
تُظهر مداخلات وأحاديث عدد من قيادات قوى 14 آذار (مارس)، أزمة عميقة في تشخيص وفهم ومن ثم التعامل مع مطالب laquo;حزب اللهraquo; وحساسياته.
الكلمات التي أُلقيت في مهرجان طرابلس قبل أيام، تقع في صميم التعبئة الداخلية للفريق الذي أطلقها، وهي لا تعني الكثير أو القليل على مستوى المناخ العام المشحون أصلاً في البلاد. أما العودة إلى تشبيه أفكار laquo;حزب اللهraquo; بالعقيدة النازية، فأقل ما يقال فيه أنه يصدر عن مقارنة غير سليمة للعقيدتين وللبيئتين السياسيتين اللتين ظهر فيهما كل من الحزب الوطني الاشتراكي (النازي) وraquo;حزب اللهraquo;.
فالأخير لم يخدع أحداً يوماً بوهم الخروج من الإطار المذهبي - الأهلي، إلى إطار وطني - دولتي. في حين أن النازية وكل المتفرعات السابقة واللاحقة لها، لا تقوم سوى على أساس مصادرة المجال الوطني برمته وعلى laquo;تسوية النتوءاتraquo; القومية والإثنية والحزبية، بالقوة العارية. ومن الحزب الشيوعي إلى الكنيسة الكاثوليكية، كانت حملات الملاحقة والتصفية لا تتوقف في العهد النازي.
حالة laquo;حزب اللهraquo; ليست على هذه الشاكلة. بل انه في كثير من الظروف اضطر إلى مراعاة laquo;الخصوصياتraquo; الأهلية، كالانتماء العشائري وأوضاع بعض الأسر الدينية. الفلتان الأمني في الضاحية الجنوبية، معقل laquo;حزب اللهraquo; وحصنه، دليل على امتناع الحزب عن الانزلاق إلى مواجهة لا يمكن التنبؤ بنتائجها مع العشائر والعائلات التي تستمد قوتها من مصادر لا يرتاح أي حزب عقيدي لها، بما في ذلك الأحزاب الدينية.
وإذا كان الحزب يسعى سعياً جلياً وواضحاً إلى تسيير الدولة ومؤسساتها وسياساتها بحسب مصالحه ورؤاه، إلا أن ذلك يختلف عن فرض هيمنته المباشرة عليها، وهو ما لا يقبل الفاشيون بديلاً منه.
مهما يكن من أمر، لا تكمن المسألة في تعريف اصطلاحي أو منهجي لأيديولوجيا laquo;حزب اللهraquo;، بل هي تتأسس على عجز 14 آذار عن الرد على التحدي الذي يشكله الحزب، معتمداً على قوته الذاتية وعلى منظومة التحالفات المحلية والخارجية التي بناها. ومقابل القوة والمنظومة تلك، لا تصدر سوى عبارات فارغة تتراوح بين laquo;الاعتماد الكلي على الدولة وأجهزتها للدفاع عن اللبنانيينraquo; وبين التلويح laquo;بكسر الأصابع وقلع العيونraquo;، على ما تفتقت عنه فصاحة النائب محمد كبارة في مهرجان طرابلس.
وليس اعتماد laquo;تكسير الأصابعraquo; كردٍ على أصحاب مقولات laquo;قطع الأيديraquo; بمدخل إلى توازن جديد لعلاقات القوى بين اللبنانيين. ونبرة التهديد والتهويل غير المستند إلى قوى مادية فعلية، لا تكفي لإقناع الطرف الآخر بجدية التهديد. وهذه لعبة مكشوفة لم يعد أي من هواة السياسة يأخذ بها.
قصارى القول، أن قوى 14 آذار تكرر في الخطابة الفشل الذي بلغته في الممارسة السياسية. إذ أن القوى هذه، التي تعلم أن الصراع يدور وسينتهي خارج مؤسسات الدولة، وأن التسوية، السلمية أو العنيفة، ستُفرض على الدولة من خارج مؤسساتها أيضاً، استناداً إلى موازين القوى الحقيقية، لم تفلح في تطوير سلسلة ردود، سياسية وraquo;ثقافيةraquo; على طروحات laquo;حزب اللهraquo;. وبين laquo;تكسير الأصابعraquo; وraquo;التشابه مع النازيةraquo;، فراغ تملؤه أوهام الوساطات الخارجية والمساعي المشكورة
هذه هي البذاءة يا فخامة الرئيس!
مشاري الذايدي
الشرق الاوسط
يقول الخبر، حسب جريدة laquo;إيلافraquo; الإنترنتية، إن رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان اتصل بوزير الإعلام طارق متري، مؤخرا، وأبلغه بأنه مستاء مما يتضمنه برنامج laquo;أهضم شيraquo; الذي تقدمه محطة laquo;إم تي فيraquo; M.T.V التلفزيونية، من عبارات بذيئة وكلمات مسيئة للذوق العام تحت ستار إطلاق النكات التي يقوم عليها البرنامج المذكور.
وذكر رئيس الجمهورية أنه وزوجته تلقيا عشرات الاتصالات من شخصيات مختلفة لوضع حد لما سمته هذه الشخصيات الاعتبارية بـlaquo;الفلتان الإعلاميraquo; المتمادي الذي ينعكس سلبا على الأسرة اللبنانية.
لست متابعا لهذا البرنامج الذي غضب منه الرئيس سليمان وعقيلته وآخرون من أهل لبنان، وإن كان هو البرنامج الذي أطلعني صديق على جانب من إحدى حلقاته، من خلال laquo;إيميلraquo; أرسله لي، فهو برنامج لا يجوز أن يصنف برنامجا عائليا مفتوحا للجميع.
ومن حق، لا بل من واجب، الرئيس، أي رئيس في العالم، أن يتفاعل مع قيم مجتمعه العامة والمتفق عليها من الجميع كأساسات مشتركة، ويحمي الذوق العام من laquo;الفلتانraquo;.
لكن لا يملك المرء إلا أن يتساءل: هل laquo;الفلتانraquo; محصور فقط في نكتة جنسية أو إيماءة بذيئة من هذا أو ذاك؟!
نتحدث عن لبنان تحديدا، وبما أن الخبر يتعلق به، فأين هو laquo;الفلتانraquo; الأكبر؟ هل في برنامج فكاهي laquo;بذيءraquo;، أو في laquo;اغتصابraquo; الدولة علنا، وأمام أنظار العالم من قبل فريق يظهر خنجره من تحت ثياب القدسية ويغرزه في خاصرة الدولة ويسوقها عبر الأزقة المظلمة إلى حيث يريد ورغم أنف laquo;أهل الحارةraquo; كلهم؟.. أليس هذا هو laquo;الفلتانraquo; الأكبر؟!
البذاءة الحقيقية هي في التصريحات التي يطلقها هذا النائب أو السياسي مهددا بالويل والثبور وعظائم الأمور، وألف laquo;7 أيارraquo; ثانية، وأنه يجب على الجميع أن يخافوا من laquo;صرمايةraquo; العماد أو قبضة النائب الجبلي، أو من حزب الله لو غضب، وأنه لو أخضع أحد فردا من أفراد حزب الله للمساءلة القانونية، فستقطع يد من يمس عضوا من هذا الحزب الإلهي الذي لا يأتيه الباطل من خلف يديه ولا من ظهره! أو على اللبنانيين أن يخافوا من جحافل السلفيين الجدد أتباع laquo;القاعدةraquo; في الشمال الذين سيكررون بالشيعة ما فعله الزرقاوي بهم في العراق.
حماية الأخلاق العامة أمر جيد، ومطلوب، ولكن الأخلاق والذوق العام ليست حكرا على الجنس وما يتعلق به، فمهما كانت خطورة laquo;الفلتانraquo; في هذا الجانب، فإن قيم الأسرة الخاصة، وحرص الأب والأم، كفيلان بالانتباه لأولادهما دون laquo;الاضطرارraquo; الملح إلى تدخل الدولة التفصيلي.
لا مشكلة مصيرية في هذا، المشكلة الكبرى في أنه ليس هناك من يحمي الدولة، وقيم الدولة، وجسد قيم المواطنة العامة من التحرش والاعتداء، بل والاغتصاب اليومي العلني. تحرش واغتصاب يعري الدولة من ملابس الانتماء المشترك بين كل أهلها، ويبقيها مهيضة الجناح في العراء.. ومن يفعل ذلك بها، للأسف، هم بعض أهلها!
تلك هي البذاءة، وهذا هو laquo;الفلتانraquo; الأكبر يا فخامة الرئيس!