داود الشريان

أوقعت أجهزة الأمن المصرية بعميل مصري يتجسس لمصلحة الموساد. وكشفت التحقيقات ان مصرياً آخر يلقبه الموساد بـ laquo;الأستاذraquo; يعمل لمصلحة الإسرائيليين منذ عشرين عاماً، وهو لا يزال طليقاً. تخيل يا رأفت أن laquo;الأستاذraquo; تمكن خلال هذه السنوات من تجنيد مئات المصريين واللبنانيين والسوريين للعمل لدى جهاز الموساد ضد أوطانهم، واستطاعت إسرائيل في هذا الوقت تركيب شبكة تجسس هاتفية كاملة في لبنان.

قصة العميل الإسرائيلي ذكرتنا بقصتك الحافلة بالبطولة، مع laquo;حسن صقرrlm;raquo; و laquo;محسن ممتازraquo;، و laquo;عزيز الجباليraquo;، وبقية الرجال من ضباط الاستخبارات المصرية. تحسرنا على الأيام الخوالي يا هجّان. هل تصدق أننا لم نسمع، منذ رحيلك، عن قصة جاسوس عربي في إسرائيل. صرنا نشك في أنك شخصية حقيقية. بعضنا يعتقد أنك من نسج خيال الكاتب صالح مرسي. لا تلمنا. فكل جواسيس الموساد الذين جرى كشفهم في البلاد العربية، في السنوات القليلة الماضية، هم من أبناء العرب، ومعظمهم مسلم. كدنا نصدق الرواية الإسرائيلية التي تشير إلى انك عميل مزدوج، وأن الموساد جندك كعميل له في مصر، وأنك نقلت معلومات للموساد ساعدت في القبض على شبكات تجسس مصرية. اعذرنا يا رأفت، فحالنا انقلب. هل تصدق أن إسرائيل أصبحت تستعين بمواطنين فلسطينيين لاغتيال قيادات في المقاومة الفلسطينية. كان آخر هؤلاء الرجال مهندس المقاومة يحيى عياش الذي جرى اغتياله بتفخيخ هاتفه المحمول بتواطؤ من أحد العاملين معه، وربما من أجهزة أمن فلسطينية، ناهيك عن قصة اغتيال ابو اياد التي تدمي القلب، وهي اعتمدت على معلومات من عملاء فلسطينيين.

تخلينا يا رأفت عن مواجهة إسرائيل. وهي لم تتخلّ عن التجسس علينا. كنا في زمن محسن ممتاز والجبالي نتجسس على إسرائيل، فأصبحنا نتجسس على أنفسنا من أجل حماية الدولة العبرية واستمرار عدوانها علينا. في حربها على لبنان كانت تقصف بيوتاً دون غيرها لأنها تعرف من يسكن فيها عبر عملاء لبنانيين، وفي حربها على غزة أرشدتها عيون فلسطينية. هزمتنا إسرائيل معنوياً. ومصيبتنا لم تعد احتلال الأرض بل اختلال القيم. تباً لنا يا رأفت. أصبحنا نتآمر على بعضنا البعض ونسترزق بالخيانة.