محمد صلاح

لم يخرج عن مؤتمر الحزب الوطني الحاكم في مصر الذي انتهى أول من أمس نتائج، فالمؤتمر السنوي يخصص أصلاً للنقاش بين قادة وأعضاء الحزب، وقد جرى النقاش حول أمور مختلفة بينها أداء الحزب في السنة الماضية، وخططه في السنة المقبلة.

وغلب الكلام laquo;الورديraquo; على النقد الذاتي إلا لو كان النقد واكتشاف الأخطاء والعمل على تصحيحها جرى في جلسات غير معلنة، لكن أمام الناس تحدث قادة الحزب عن إنجازات بينها ما يخص المواطنين وخصوصا ما يتعلق بمكافحة الفقر ودعم السلع والمشاريع التي يفترض أن تصب في مصلحة تحسين حياة الناس، وبينها أيضا إنجازات الحزب في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، استخدم بعض رموز الحزب لهجة فسرها البعض على أنها تزهو بالفوز الساحق بغالبية مقاعد مجلس الشعب مع تحميل الأحزاب الأخرى المسؤولية عن تبديد المقاعد وفشلها في الفوز بعدد وافر من المقاعد من دون الاشارة إلى التجاوزات والانتهاكات التي جرت أثناء الانتخابات أو التخفيف والتهوين منها.

وكان لافتاً بالطبع تكرار الهجوم على جماعة laquo;الإخوان المسلمينraquo; والكشف عن خطط لمواجهة نشاط الجماعة، ولكن عن طريق القضاء. صحيح أن غالبية أحزاب المعارضة التي شاركت في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية وقاطع بعضها الجولة الثانية تعاني خلافات داخلية، وصحيح أن حزب التجمع اليساري الذي شارك وحده مع الحزب الوطني في الجولة الثانية تفجرت الخلافات بين قادته بسبب المشاركة وأن نقاشاً جرى داخل جماعة الإخوان المسلمين التي لم يفز من مرشحيها سوى واحد فقط انشق عنها ورفض قرار المقاطع في الجولة الثانية حول جدول المشاركة في الانتخابات، لكن هذا لا يعني أن سلوك الوطني في الانتخابات كان على خير ما يرام، وأن المقاعد التي نالها مرشحوه كانوا يستحقونها بالكامل، وأن العيوب والأخطاء تغلف كل الأحزاب والقوى السياسية في مصر من دون الحزب الحاكم، وأن الحوار وحده بين الوطني وباقي الأحزاب كفيل بتجاوز ما جرى.

هنا تجدر الإشارة إلى كلام الرئيس حسني مبارك في خطابه أمام الهيئة البرلمانية للحزب عن التجاوزات والانتهاكات والعنف الذي جرى أثناء الانتخابات واستخدام الأموال لشراء الأصوات للتأكيد على أن ما جرى في الانتخابات لم يكن أمراً بسيطاً وأن من الواجب الدعوة إلى علاج أمراض الانتخابات والبحث عن صيغة تضمن في المستقبل انتخابات سليمة وحفظ فرص لكل المرشحين في المنافسة تضمن وصول أصوات الناخبين إلى المرشحين الذين اختاروهم، وكذلك تضمن سلامة الناخبين الذين سيأتون إلى مراكز الاقتراع فيصابون جراء العنف وraquo;البلطجةraquo; التي أصبحت من سمات كل انتخابات تجرى في البلاد.

من حق الحزب الحاكم في مصر أن يزهو باكتساحه الانتخابات لكن من حق مراقبي الانتخابات والذين تابعوا وقائعها ومن يدركون ملامح المشهد السياسي في مصر أن يحذروا من أن تكرار الانتخابات مستقبلاً على الوتيرة نفسها وبالأسلوب نفسه لا يحقق ديموقراطية أو تجميلاً للصورة، وإذا كانت أحزاب المعارضة منغمسة الآن في علاج أخطائها أو علاج أمراضها فإن على الحزب الحاكم أيضاً أن يفعل الشيء نفسه وإلا تكررت الأخطاء بل واستفحلت في المستقبل ما دام يعتبر أن لا أخطاء له وأن الآخرين هم المسؤولون عن المشهد السياسي كما عكسته الانتخابات الأخيرة.