عامر ذياب التميمي
انشغل الرأي العام والمختصون في الكويت بمسألة الإنفاق الرأسمالي المتوقع خلال سنوات الخطة ومدى قدرة الجهاز التنفيذي في الدولة على إنجاز مشاريع تفوق قيمتها الثلاثين بليون دينار كويتي في الوقت الذي يعجز عن تنفيذ مشاريع الميزانية التقليدية والتي لا تزيد قيمتها على البليون دينار . . لكن ما فات الجميع هو مسألة التنمية البشرية ومدى قدرة الخطة على تحقيق إنجازات في هذا المضمار . . . بتقديري المتواضع أن التنمية البشرية تظل الأهم ولكن الأصعب في عملية التطوير الاقتصادي في الكويت . . لقد عجزت الدولة عن تكوين كوادر بشرية تمتلك القدرات المهنية والحوافز الشخصية لتعزيز القدرات الإنتاجية في البلاد . . وبعد أكثر من سبعين عاماً من التأهيل التعليمي النظامي في الكويت لاتزال الحكومة تستعين بكوادر في مختلف التخصصات ومن مستويات تعليمية متعددة . . المسألة ليست ناتجة عن قصور النظام التعليمي أو غياب تمويل برامج التعليم ولكنها جاءت بفعل الاعتماد المستمر على العمالة الوافدة من دون تحفيز حقيقي للعناصر الوطنية . . هل يعقل أن تظل نسبة العمالة الوطنية في إجمالي قوة العمل في البلاد دون ال 17 في المائة بعد هذا الإنفاق الكبير على التعليم والتدريب والتحفيز في الرواتب والأجور؟ ثم لماذا لا توجد سياسات توظيف محددة تؤكد أهمية ldquo;تكويتrdquo; العديد من الوظائف في القطاع الخاص على أسس واضحة وبموجب معايير مهنية ملائمة تتوافق مع متطلبات القطاع الخاص . .
إن من أهم إنجازات الخطة، أي خطة، هو تحقيق نقلة نوعية بكفاءة البشر وتمكينهم من أداء الأعمال بكفاءة عالية وفي ذات الوقت الارتقاء بإنتاجياتهم بما يحسن من معدلات النمو . . . ولذلك فعندما يذكر في الخطة بأن من أهدافها هو زيادة الناتج المحلي الإجمالي فإن المطلوب أن تكون تلك الزيادة هي نتاج الجهد البشري الوطني من دون الاتكال على تحسن أسعار النفط بما يعزز الإيرادات السيادية المتأتية من مبيعات النفط . . . وقد كان من المفترض أن تطرح الخطة تصورات بشأن التنمية البشرية تحدد أهدافاً واضحة مثل تحسين مخرجات التعليم وضبط عمليات استقدام العمالة الوافدة والارتقاء بالتقنيات المستخدمة في مختلف الأعمال في كافة القطاعات . . . وعندما تشير الخطة إلى رفع نسبة العمالة الوطنية في إجمالي قوة العمل من 6 .16 في المائة إلى 21 في المائة خلال السنوات الأربع القادمة فإن الحصيلة في العملية التنموية تظل متواضعة، ولن يكتب لنا تعديل التركيبة السكانية غير المتوازنة حيث لا تزيد نسبة الكويتيين عن 31 في المائة . . ومن المثير للقلق أن يؤدي تنفيذ المشاريع المطروحة في الخطة، أن نفذت، إلى زيادة أعداد العمالة الوافدة بشكل كبير ومضخم ومن دون حاجة فعلية واستمرار تهميش العمالة الوطنية . . إن هذا المأزق الديموغرافي يتطلب وعياً سياسياً ناضجاً ووضع استراتيجيات وطنية لتحقيق نتائج فعلية تؤدي إلى خلق مجتمع منتج قادر على تحمل المسؤوليات ومواجهة المتغيرات المحتملة في الاقتصاد العالمي . . وتظل بعد ذلك عملية تنفيذ المشاريع أسهل بكثير من تنمية البشر والارتقاء بعطائهم!














التعليقات