عبدالمنعم مصطفى
لو كنت في موقع الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لأمرت بتخصيص أوسمة رفيعة المستوى لأعداء إيران، فهم خصوم مثاليون لا تحتاج ايران الى حلفاء أفضل وأنشط وأكفأ منهم في خدمة أهداف الثورة الإيرانية. التي ما كان يمكن لها أن تستمر لولا دعم هائل من أعدائها في الخارج ، فعقب الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي في فبرايرعام 1979بدا العالم منشغلاً بمحاولة فهم ماذا حدث؟،. وماذا يعني؟ وفي أي اتجاه يمكن أن يمضي؟ وما هى انعكاساته اقليميا ودوليا ونفطيا؟ وبعد ثمانية عشر شهراً فقط بدا وكأن هناك من اعتقد بأنه حصل على إجابات، وامتلك رؤية، واتخذ قرارا بالتحرك، فقد اندفع جيش الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين الى داخل الأراضي الإيرانية، متكئأ على عنوان يستنهض روح الفتوح الإسلامية في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب،كان عنوان الحرب عند الرئيس العراقي هو laquo;قادسية صدامraquo;.
كما نرى كان العنوان مضللا وصادما،فبينما كانت قادسية سعد بن أبي وقاص لنشر دين الله في بلاد فارس وإخماد نار المجوس الى الأبد ، فإن حروب صدام حسين كانت لنشر فكر الزعيم المهيب، وسطوته وسلطانه، على أية حال فقد قادت الحرب العراقية ضد النظام الخوميني في طهران على مدى ثماني سنوات الى توحيد الشارع الإيراني خلف النظام ، وتأجيل المواجهة معه، حول استحقاقات بدت مهمة الدفاع عن التراب الوطني المحتل أمامها هى الأكثر أهمية، والأعلى أولوية، وهو أمر منطقي. كذلك فقد انضمت واشنطن منذ البداية الى صفوف أعداء دعموا النظام الإيراني بقوة، بدءا من ضرب حصار اقتصادي عليه ، وتجميد أرصدة النظام الشاهنشاهي في البنوك الأمريكية- مازالت مجمدة منذ أكثر من ثلاثين عاماً- الحصار الأمريكي - الغربي هيأ ايران لابتكار أدوات اختراقه، وشجع نمو صناعات محلية سدت الحاجة رغم رداءتها وتدني جودتها، وأخيراً هبط بابا نويل على ملالي قم مرتين بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، فقد خلصت واشنطن ملالي طهران من حركة طالبان الجار اللدود في افغانستان، وغسل الأمريكيون عار طهران التي لم تكن قد تمكنت بعد من الثأر لقتل دبلوماسييها في أفغانستان على يد نظام الملا عمر،
وفي ليلة تالية هبط بابا نويل مجددا في قم ، بعدما (تمكن) الرئيس الأمريكي بوش وحليفه البريطاني توني بلير من تخليص طهران وبضربة واحدة من نظام صدام حسين، ذلك النظام الذي قال الخوميني إنه يتجرع السم وهو يوقع معه اتفاقا لوقف اطلاق النار،غير أن الهدية هذه المرة كانت مزدوجة، فالأمريكيون لم يخلصوا الملالي من نظام صدام وحسب، وانما سلموهم مفاتيح العراق أيضاً، واستيقظ الايرانيون ذات صباح فإذا صوتهم الأعلى في بغداد وكلمتهم الأكثر تاثيرا في الشأن العراقي.
آخر وأهم هدايا بابا نويل للنظام الايراني، كان هذه المرة من بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي، الذي قررت حكومته بناء 1600 وحدة سكنية في القدس الشرقية المحتلة، ردا على قرار عربي صدر تحت الحاح أمريكي بالموافقة على البدء في محادثات غير مباشرة تستمر أربعة اشهر بين الفلسطينيين واسرائيل حول الحل النهائي، فقرار حكومة نتانياهو الذي تزامن مع زيارة جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي لاسرائيل، قد نسف فكرة المفاوضات حتى قبل أن تبدأ ،وهذا القرار قد وضع معسكر الاعتدال العربي في مواجهة مأزق حقيقي، حيث يعني القرار الاسرائيلي أنه لا جدوى من التفاوض فيما تقوم اسرائيل بالتهام الأرض التي يجري التفاوض حول السيادة عليها. والغريب أنه بينما كان نتانياهو يحاول الاعتذار لنائب الرئيس الأمريكي بدعوى أن توقيت القرار ربما لم يكن مناسبا، أي أن القرار مناسب بذاته لكن توقيته سيئ!!
كانت صحيفة ها آرتس الاسرائيلية تكشف عن وجود خطط جديدة لبناء خمسين ألف وحدة سكنية في منطقة القدس الشرقية المحتلة ،خلال الأعوام القادمة وقالت الصحيفة أن هذه الوحدات ستقام في ضواحٍ مختلفة من القدس وتقع خلف الخط الأخضرraquo; في إشارة إلى الأراضي التي يعتبرها الفلسطينيون محتلة في العام 1967 ، مشيرة الى أن خطط البناء أصبحت في مراحل متقدمة من التخطيط وبعضها ينتظر الموافقة النهائيةraquo; ، وقال مسؤولون شاركوا في اعداد خطط البناء في القدس أنها معدة لإتمامها خلال سنوات قليلة قادمة بتركيز خاص على شرق مدينة القدسraquo;.
قرار حكومة نتانياهو.. أية هديه .وأي بابا نويل هذا الذي يزود ملالي قم وأحمدي نجاد بوقود الرحلة نحو امتلاك أول رأس نووي؟!..
الرئيس الايراني الذي زار افغانستان بعد يوم واحد من زيارة وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس لها، لم يعلق على الهدية ولم يجب عن السؤال، لكنه رد على صحافيين معلقا على تصريحات جيتس بشأن الدور الايراني قائلاً: laquo; اسألوه هو : ماذا تفعل أنت يا جيتس في منطقتنا ؟! ولا حظوا عبارة منطقتنا فسوف يكررها نجاد في بندر عباس في اليوم التالي محذرا واشنطن من أن laquo;شباب منطقتنا سيقطعون أيديكمraquo;!! منطقة من؟! وبأي منطق يتحدث نجاد؟! يبدو أن الرجل سعيد بغفلة خصوم ايران معتبرا أن بابا نويل الواقف على ابواب ايران لا يحمل للملالي سوى الهدايا .. واسألوا التاريخ القريب.
التعليقات