عواصم

بعد ساعات من تعهد نائب الرئيس الأمريكي، جوزيف بايدن بالدعم الأمريكي المطلق لأمن ldquo;إسرائيلrdquo;، يوم الثلاثاء، 9/،3 أعلن وزير الداخلية ldquo;الإسرائيليrdquo; خطة لبناء 1600 وحدة سكنية جديدة لليهود في القدس الشرقية . . ويعتبر هذا الإعلان، من الناحية الدبلوماسية، صفعة للضيف الذي جاء لتنشيط عملية السلام، والتمهيد للمفاوضات التي توشك أن تبدأ بين الفلسطينيين وrdquo;إسرائيلrdquo; .

إذا كان توقيت هذا الإعلان، جزءاً مهماً من العرض المسرحي ldquo;الإسرائيليrdquo;، الذي يريد أن يؤكد سياسة الاستيطان بأقسى السبل، فهل يكون غضب بايدن إزاء الإعلان، غضباً أصيلاً، أم جزءاً من العرض أيضاً . .ولا سيّما، إذا أخذنا في الاعتبار، تصريحاته التي لم تترك نعتاً للدعم الأمريكي لrdquo;إسرائيلrdquo; إلاّ واستعملته . .فهو دعم مطلق، وتام، وسافر . .وهل يغيظ الإعلان ldquo;الإسرائيليrdquo; حقاً، شخصاً يعلن أنه ldquo;صهيونيrdquo;، مثل جوزيف بايدن؟

ومع ذلك، دان بايدن هذا التحرك واعتبره ldquo;بالتحديد الخطوة التي تقوض الثقة التي نحتاج اليها في هذه اللحظةrdquo; .

في مجلة ldquo;فورين بوليسيrdquo;، (9/3/2010)، كتب بليك هانشيل ldquo;بدا هذا الصباح وكأن نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن، سينعم بزيارة لطيفة ودية لrdquo;إسرائيلrdquo;، حتى على الرغم من أن الحكومة ldquo;الإسرائيليةrdquo;، أعلنت عشية الزيارة أنها تقرّ عمليات بناء جديدة في أحد المجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية .

وقد كتب بايدن في دفتر زوار الرئيس ldquo;الإسرائيليrdquo;، شمعون بيريز هذا الصباح: ldquo;إن الرابطة بين دولتينا كانت وستظل راسخة . .ومعاً فقط، نستطيع أن نحقق السلام الدائم في المنطقةrdquo; .

ويضيف الكاتب، أنّ بيان وزارة الخارجية الأمريكية حول مسألة الاستيطان كان في غاية التحفظ والاحتراس، ما يوحي بأن الولايات المتحدة كانت راغبة في ابتلاع حجة ldquo;إسرائيلrdquo; التي تدعي أن عمليات البناء الجديدة لا تتعارض والوقف المؤقت لبناء مستوطنات جديدة مدة 10 أشهر، الذي كان قد أعلنه نتنياهو .

ولكن، وبعد ذلك، زاد وزير الداخلية ldquo;الإسرائيليrdquo; الطين بلة، بإعلانه خطة لبناء 1600 منزل جديد في القدس الشرقية المحتلة . وتدّعي الرواية ldquo;الإسرائيليةrdquo; الرسمية، أن نتنياهو لم يكن يعلم بأن هذا الإعلان كان سيصدر، وأن وزير الداخلية، ايلي يشاي، الذي يرأس حزب شاس المتشدد، تصرّف على مسؤوليته ( . . .) .

ويأتي هذا ldquo;الترحيبrdquo; ببايدن، بعد أن أعلن المبعوث جورج ميتشل يوم الاثنين، 8/،3 أن المفاوضين الفلسطينيين كانوا قد وافقوا على استئناف المحادثات غير المباشرة الأسبوع القادم . وهي أول محادثات سلام بين الطرفين خلال أكثر من سنة .

وقال بايدن إنه يأمل في أن تستطيع المحادثات تسكين عدم الثقة بين الطرفين . وقال في اجتماع مع رئيس الوزراء ldquo;الإسرائيليrdquo;، بنيامين نتنياهو ldquo;إن الولايات المتحدة ستقف دائماً مع مَن يجازفون في سبيل السلام . .وأنتم مهيأون لفعل ذلكrdquo; . وقالت صحيفة ldquo;يو اس ايه تودايrdquo; (10/3/2010)، ان ldquo;إسرائيلrdquo; اعتذرت عن إرباك زيارة بايدن، بإعلانها عن بناء 1600 منزل جديد في القدس الشرقية، ولكنها أوضحت أنها لا تنوي التراجع عن ذلك الأمر الذي ألقى بظلاله على جهود الولايات المتحدة الأخيرة الخاصة بالسلام في الشرق الأوسط . ولكن اعتذار الحكومة ldquo;الإسرائيليةrdquo; كان يتعلق بالتوقيت لا بالجوهر، كما قال وزير الداخلية ldquo;الإسرائيليrdquo;، الذي وعد بتلافي الإحراج في ldquo;المرات القادمةrdquo; .

وقال ذلك الوزير لراديو ldquo;إسرائيلrdquo;: ldquo;لم تكن لدينا النية، ولا الرغبة، في إزعاج أو الاستهزاء برجل مهم مثل نائب الرئيس الأمريكي أثناء زيارته . .وأنا شديد الأسف للإحراج . ولكن علينا ان نتذكر أن الموافقات جرت بموجب القانون حتى لو كان التوقيت غير مناسب . .وفي المرة القادمة، سوف نأخذ مسألة التوقيت في الاعتبارrdquo; .

وتضيف الصحيفة أن بايدن تعمّد الوصول متأخراً 90 دقيقة ليلة الثلاثاء، عن موعد عشائه مع رئيس الوزراء ldquo;الإسرائيليrdquo;، بنيامين نتنياهو، في محاولة واضحة للتعبير عن استيائه .

وتقول الصحيفة، إن نتنياهو قال لبايدن على عشاء الثلاثاء، إنه فوجئ بإعلان الوزير . وتضيف الصحيفة . . بينما يعتبر نتنياهو القدس الشرقية جزءاً من ldquo;إسرائيلrdquo;، اعترف بأن توقيت الإعلان كان غير مناسب، وقال إنه لم تكن لديه نية لتخريب زيارة بايدن .

وعن المحادثات غير المباشرة، بين الطرفين الفلسطيني وrdquo;الإسرائيليrdquo;، وآفاق نجاحها، كتب دانييل كورتز، المحاضر في كلية وودرو ويلسون، للشؤون العامة والدولية في جامعة برنستون الأمريكية، في مجلة ldquo;فورين بوليسيrdquo; (9/3/2010) ldquo;إن على الولايات المتحدة، إذْ تمضي نحو تلك المحادثات، ان تكون لديها استراتيجية، أي رؤية لما تريد وتتوقع للطرفين أن ينتهيا اليه . وقد ظلت هذه الرؤية غائبة حتى الآن . وظل معظم ما قالته الولايات المتحدة، كما عبرت عنه وزيرة الخارجية كلينتون، أنها سوف تسعى الى تحقيق ldquo;نتيجة تنهي الصراع وتصالح ldquo;الرؤيتين المتنافستين: وهما الهدف الفلسطيني المتمثل في دولة مستقلة قابلة للحياة ضمن حدود ،1967 مع تبادلات متفق عليها، والهدف ldquo;الإسرائيلي المتمثل في ldquo;دولة يهودية ذات حدود آمنة ومعترف بها تعكس التطورات اللاحقة، وتلبي المتطلبات الأمنية ldquo;الإسرائيليةrdquo;rdquo; .

ويضيف الكاتب، ldquo;إن هذا ليس كافياً . فنحن نعرف الرؤيتين المتنافستين لدى الطرفين . ونحتاج الآن الى أن نعرف رؤية الولايات المتحدة- وما ترغب في فعله لتحقيقهاrdquo; .

والإدارة الأمريكية بحاجة الى استراتيجية متشعبة لتحقيق رؤيتها للسلام، تشتمل على أجندة مفاوضات أساسية تضعها الولايات المتحدة، وتحدد فيها من أين تبدأ المفاوضات، وتوجهها نحو الاتفاقات الممكنة . وهذا يتطلب رغبة شديدة في أن تكون الأجندة مبادِرة وأن تتدخل في المحادثات من أجل ردم الفجوات وتجسير الخلافات . وينبغي أن تتضمن جهداً لإقامة بنى اقليمية ودولية مسانِدة، وrdquo;شبكات أمانrdquo; للعملية، بتركيز خاص على مبادرة السلام العربية . وقد تتضمن إحياء وإعادة هيكلة مناقشات متعددة الأطراف حول قضايا مثل التطور الاقتصادي، والبنية التحتية الاقليمية، والصحة والمياه والبيئة، والأمن، والسيطرة على الأسلحة وما الى ذلك . كما ستحتاج الى جهود مستمرة لتجميد الاستيطان، وتعزيز الجهود الفلسطينية الرامية الى استئصال البنية التحتية للإرهاب، وإنهاء التحريض، وزيادة الموارد والدعم لإجراءات بناء الدولة الفلسطينية وإصلاح الأمن .

ويقول الكاتب، ldquo;لا شيء من ذلك يضمن النجاح . ولكن، من دون رؤية أمريكية قوية، واستراتيجية أمريكية قوية ، ودبلوماسية أمريكية مصمِّمة، يبدو الفشل مضموناًrdquo; .

في صحيفة ldquo;الغارديانrdquo; البريطانية (10/3/2010)، كتب سايمون تيسدال . ldquo;إنها ليست المرة الأولى التي تصدّ فيها ldquo;إسرائيلrdquo; باراك اوباما في محاولاته لبدء مفاوضات سلام الشرق الأوسط . ولكنّ الإعلان المفاجئ والمهيّج الى درجة كبيرة، عن خطط بناء 1600 منزل آخر في القدس الشرقية المحتلة، في غمرة الزيارة التي يقوم بها الى ldquo;إسرائيلrdquo; نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، كان بكل تأكيد، أقسى صدٍّ يرشح بالازدراء، لصنع السلام الأمريكي حتى الآنrdquo; .

وعلى الرغم من الإحراج الواضح والضرر السياسي الكبير اللذين سببهما القرار، لم يحرك نتنياهو حتى الآن ساكناً لنفيه أو التنصل منه .

ويقول الكاتب: ldquo;لا يبدو أن ldquo;إسرائيلrdquo; تدرك الأمر، ولكنها لا تستطيع أن تستمر في التصرف بهذه الطريقة المسيئة مع أصدقائها . سواء كان الأمر احتقارها للأسس الدولية في ما يتعلق بحماية الحياة المدنية، كما في غزة؛ أو إهاناتها المحسوبة الموجهة ضد جيرانها، مثل تركيا؛ أو سرقة جوازات السفر والهويات من دول صديقة، واغتيال أعدائها المخالف للقانون، كما في دبي، فإنها تتمادى وتتجاوز الحدود بكثيرrdquo; .

والآن، أغضب نتنياهو أفضل وأقوى الدول الصديقة لبلاده- مرة أخرى . وستكون الرسالة القادمة لبيبي: لا تتجاوزْ الحدّ .