حسن أل عامر

عندما وقفت كاميرات النقل التلفزيوني في حفل افتتاح مهرجان (الجنادرية 25)على وجه الشاعر المبدع جاسم الصحيح حيث بدأ يلقي قصيدة الافتتاح بالفصحى، أيقنت أن هذه الليلة، لن تكون مجرد ليلة افتتاح أحد أكبر المهرجانات الثقافية العربية، بل إنها ليلة الرسالة الكبرى ـ الواضحة بدون تورية أو إشارة من بعيد ـ أن وحدة الوطن لن تكون بدون وحدة البشر والمساواة في الحقوق والواجبات، والأهم أن إخلاص الفرد لوطنه وإبداعه هو المحك الأول، ولذلك فالرسالة التي فهمها الجميع تقول quot;اصمتوا يا دعاة التفرقة والعنصرية والمذهبية، فهذا ليس عصركمquot;، وهو ما أكده الأوبريت الذي كان هو الآخر رسالة أقوى، عندما أشرك كل فئات المجتمع رجالا ونساء وأطفالا، وتطرق لمعظم القضايا الوطنية الكبرى.
الشيء الوحيد المحزن أنه وفي الوقت الذي كانت فيها كل كاميرات وفلاشات وزوايا الوطن الكبير، تنقل مباشرة، معالم ووجوه quot;وحدة وطنquot;. كان العالم والمسلمون في أصقاع الأرض يتداولون مقطعاً بثته إحدى الفضائيات عن هدمٍ ما، وليته أي هدم..!!. إنه (هدم المسجد الحرام هدما كاملا، وإعادة بنائه من جديد بشكل يعزل النساء كليا عن الرجال) كما قال ـ ولا أقول كما أفتى ـ الداعية السعودي يوسف الأحمد في قناة quot;بدايةquot; الفضائية التي تعيش على شريط رسائل الوصفات الشعبية وكريمات التجميل..!!. فبينما الوجوه متسمرة أمام شاشات quot;وحدة وطنquot;، كان مقطع (الأحمد/ بداية) قد سارت وطارت به الركبان تحت عنوان quot;داعية سعودي يدعو لهدم الحرم.. درءا للاختلاطquot;.!!.
حقيقة أعتقد أن مثل هذه الآراء ـ ولا أقول الفتاوى ـ التي تظهرنا أمام العالم كمجتمع مهووس بـquot;كابوس المرأةquot;، لا تعدو أن تكون من مبدأ البحث عن مكان وأضواء ما.
والسؤال هنا: من يطفئ كاميرات وأضواء، تشويه صورة الدين الإسلامي الذي ارتضيناه دينا وسطيا لا بديل عنه، وبالتالي صورة وطن يحاول بقيادته وشعبه بناء الألفة والمحبة بين البشرية ـ لا الهدم ـ فما بالك بين أمة الإسلام الواحدة التي قابل الكثير من أبنائها هذاquot;المقطع/ الهدمquot; بذهول كبير؟