علي الزعبي

بالأمس، عرفنا جريمة غسيل الأموال أو تبييضها، كما أوضحنا الخطوات الرئيسية لمثل هذه العمليات، وكذلك الآثار المترتبة عليها؛ إما من ناحية المجرمين القائمين عليها، وإما من ناحية تأثيراتها على الدول الحاضنة لمثل تلك العمليات.
وقد لاحظنا جميعاً أن الكثير من الجماعات الإسلامية في الدول العربية والإسلامية قد طالها العديد من الاتهامات والشكوك في عمليات غسيل الأموال، بل إن بعض قيادييها وُجهت إليهم تهم وقضايا تتعلق بجرائم غسيل أموال، وأغلبها في الواقع هي أموال تجارة المخدرات أو تجارة الأسلحة التي تنتعش في المنطقة.
وكانت جماعة الإخوان هي الأكثر تعرضاً لقضايا غسيل الأموال في جمهورية مصر العربية، وقد شهدنا علناً العديد من حالات القبض على أبرز قيادييها في تهم تتعلق بهذا الجانب.
كذلك وجدنا أن العديد من التنظيمات والجماعات الدينية في المنطقة تدور حولها شكوك التمويل أو القبض على بعض أفرادها في بعض الدول الأوروبية، ومنها حزب الله والقاعدة وحماس، وكذلك الجماعات الإسلامية في الجزائر، والحوثيون في اليمن، والحرس الثوري الإيراني (الذي فضحت إحدى عملياته مسألة إلقاء القبض على الوزير البحريني بن رجب)، وغيرها الكثير.
كما لا ننسى أن العديد العائدين من ميادين الجهاد (كما يصفونها) في أفغانستان، ذكروا، وبصورة علنية في أكثر من مناسبة، الصدمة التي سيطرت عليهم عندما فوجئوا بأن أغلب عمليات الجهاد تلك ما هي إلا لدعم تجارة المخدرات! أو يقوم بها مسلحون غارقون في الأفيون والتعاطي!
ولعل عدم قانونية هذه التنظيمات والجماعات، وضعف مداخيلها التي تنحصر بين التبرعات الداخلية والخارجية التي تدعم هذه التنظيمات توجهات أصحابها ومصالحهم، في مقابل كمية المصروفات والالتزامات المفروضة عليها في تنفيذ أبرز مخططاتها وإستراتيجياتها، هي الدوافع الرئيسية للبحث عن مسالك قانونية وشرعية لتلك الأموال المجهولة القادمة من الخارج، أو للضلوع في عمليات الكسب السريع، والتي أخذت أغلب تلك الجماعات هوية الأعمال الخيرية في مشروعات العطاء والتبرعات كغطاء لها.
من جهة أخرى، أطرح تساؤلا بسيطا، هل صادف أحدكم في الفترة الأخيرة إعلاناً لأحد المنتجات الشعبية الطبية، والتي أخذت الجانب الديني في تصنيفها من ناحية الحلال والحرام والمباركة، بالرغم من ختم (Made in China) عليها، وحالة التضخم الهائل في أسعارها، بالرغم من توفرها بأسعار رمزية في جميع البلدان؟!