احمد عياش
الازدحام الذي عاشه اللبنانيون في عدد من المدن والمناطق عشية عطلة الفصح هو نموذج صغير ربما لما هو آت من ازدحامات يقبل عليها لبنان في الاشهر القادمة. ما شهدته البلاد العام الماضي في فصول ومواسم عدة لا بد من ان يكون في حسابات المسؤولين ليديروا بكفاءة اكبر الخير الذي يتدفق على الوطن. فمن يراودهم الحنين ليكون لبنان مقصدهم الدائم، سواء أكانوا مغتربين أم اشقاء ام اصدقاء يهتمون جداً بالتفاصيل التي اصبحت مؤمّنة في كل انحاء المعمورة إلا في الدول الفاشلة. فعسى الا يصبح لبنان مثل القمر الذي يبهر جماله الناظرين اليه من بعيد وهو بدر. لكن اذا ما صعد الانسان اليه، هذا ما حصل مرارا، اكتشف انه مساحات قاحلة مليئة بالصخور ولا تصلح مكاناً للعيش فوقها.
عندما التقى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري قبل ايام مجلس نقابة الصحافة تحدث عن امور عدة بينها الكهرباء. بالطبع، يفضل كثيرون من المسؤولين والقيادات ان يملأوا الدنيا ضجيجاً حول المحكمة واسرائيل وايران وكيف ستنتهي العلاقات بين اوباما ونتنياهو ولكن يبدو ان من تظاهروا في النبطية وقطعوا الطريق بالاطارات المشتعلة بعد مقابلة السيد حسن نصرالله التلفزيونية لم يفعلوا ذلك غضباً مما اثاره الامين العام لـquot;حزب اللهquot; في شأن المحكمة، بل احتجاجاً على الحال المزرية للشارع العام في مدينتهم. أما البطريرك صفير فهو ساوى في رسالة الفصح ما بين السياسة والامن الذي اصبح شغلاً شاغلاً بعدما تكاثرت جرائم الاخفاء والسرقة الموصوفة في مناطق 8 و14 آذار على السواء. وحتى كتابة هذه السطور لا يزال مصير جوزف صادر مجهولا. وحسناً فعل الدكتور ناجي الصغير في المقال الذي نشره منبر quot;النهارquot; تعليقاً على طاولة الحوار الاخاذة بأبهتها، فلفت عناية فرسانها الى ان كثيرين من مرضاه يتخلون عن شراء أدوية فعّالة بسبب غلاء اسعارها.
بالتأكيد ان لبنان لم يتفوق بعد على احوال الدول الاسكندنافية في رفاه العيش وسهولته حتى يغرق زعماؤه في الكلام على القضايا الكبرى في المنطقة والعالم. وبشيء من التبسيط المفيد يمكن القول ان تسليم سوريا لبنان وثائق الترسيم في مزارع شبعا التي تحتلها اسرائيل هو من اجل تحويل اهتمام quot;حزب اللهquot; بتدمير اسرائيل نحو اعمار الجنوب. وفي المناسبة يكاد مشروع نهر الليطاني ومنسوب الـ800 متر الذي يحوّل الجنوب مساحات خضراء مثل شمال اسرائيل يصبح نسياً منسياً رغم التخطيط له منذ عشرات السنين.
كل العناوين التي تحتل الصدارة اليوم مهمة بقدر ما هي في خدمة حياة الناس. فالانتخابات البلدية هي اكثر من ضرورية لإبراز كفاءة المجتمع الاهلي في ادارة البلاد. وطاولة الحوار في غاية الاهمية اذا كانت تسعى الى تجنيب لبنان quot;انتصاراًquot; مماثلاً لحرب تموز 2006 حيث لا تزال الاضرار ماثلة والقائمة الطويلة جداً من الضحايا في عالم الغيب من دون ان يتذكر احد حتى اسماءهم. ومشروع الموازنة في اقصى حدود الاهمية لأنها ستقول للبنانيين كيف نلبي حاجاتكم من دون افقاركم.
من المفيد ان نتذكر شيئاً من هذا الكلام بعد اشهر قليلة عندما يصبح الكلام على السياسة ما يشبه اللغو حيال الازدحامات المرورية وانقطاع الكهرباء والمياه وتلوث الهواء. عسى ان تتغيّر الاحوال ونغني quot;لبنان يا اخضر حلوquot;.
التعليقات