حسين اليوسفي

كلما طال جدل السياسيين الفائزين في الانتخابات الأخيرة لتشكيل حكومة جديدة، واختيار رئيس وزراء لها مع بقية المناصب السيادية الأخرى، تصاعدت عمليات العنف، التي يريد تنظيم القاعدة من ورائها النفاذ إلى المجتمع العراقي ثانية، بعدما لفظه هذا المجتمع وأخرجه من المناطق التقليدية التي كان يتمترس فيها.
وللأسف، فإن من طبيعة النظام الديمقراطي أن تشكّل الكتلة الفائزة- إن كانت تمتلك أغلبية برلمانية- الحكومة، ويبقى الآخرون في المعارضة. ولما كانت الكتلة الفائزة (قائمة العراقية بقيادة إياد علاوي) التي حصلت على أعلى المقاعد، هي في الوقت نفسه لم تحصل على العدد الكافي منه، بحيث تتمكن من تشكيل الحكومة بمفردها، فإن ذلك يجبر كتلة علاوي، أو المالكي، أو أي كتلة أخرى تريد أن يكون رئيس الوزراء منها، يجبرها على عقد تحالفات مع الكتل الأخرى. وهذا يفتح الباب أمام مساومات سياسية صعبة، قد يكون من بينها تراخي الأجهزة الأمنية عن مسؤوليتها بشكل كامل، لأن هذه الأجهزة، إنما هي في واقع الحال من النسيج الاجتماعي القائم، وتتأثر بتفاعلاته.
والغريب أن الكل يسعى إلى السلطة في العراق، فالكل يريد أن يشكّل الحكومة، وأن تكون رئاستها من كتلته، ولا أحد يريد أن يكون في المعارضة، علماً بأن laquo;الحكومة والمعارضةraquo; جناحا أي سلطة ديمقراطية. فالمعارضة تقوم وتراقب عمل الحكومة، والحكومة بدورها تنفّذ برنامجها تحت عين وبصر ونقد المعارضة. ويبدو أن كل الكتل السياسية في العراق تريد laquo;غنائمraquo; المنصب الحكومي، والكل يأنف من laquo;مغارمraquo; المعارضة.
وإن جرت الأمور على هذا المنوال، فستفشل التجربة الديمقراطية المتعسرة، وسيفتح هذا الوضع الباب أمام تقسيم العراق، وربما عودة الدكتاتورية إلى دويلاته التي ستنبثق على أطلال الدولة العراقية الأم!