يوسف الكويليت

أعداء الحرب الباردة السوفييت والأمريكان هما أكبر من صنع وخزن وهدد بالأسلحة النووية أثناء أزمة كوبا والحرب العربية الإسرائيلية، وبتوقيع الاتفاق على تخفيض هذه الأسلحة بين البلدين، ثم إعلان العقيدة الأمريكية النووية بعدم استخدام القوة النووية ضد البلدان الموقعة على عدم انتشار هذه الأسلحة عدا إيران وكوريا الشمالية يعني أن تقدماً حدث على اعتبار أن العالم بدون تلك الترسانات أكثر أماناً لا أن التسابق لامتلاكه من قبل دول قد تدفعها حماقات معينة لاستخدامه يفترض إعطاء نموذج يحتذى من قبل الدول العظمى لفرض قيود على غيرها..

هناك دول وصلت إلى امتلاك ترسانة هائلة مثل إسرائيل والهند والصين وباكستان، وأيضاً سعي إيران للحصول على هذا السلاح، في وقت أوقفت جنوب إفريقيا مشروعها وفككت وضربت مواقع عربية حاولت أن تبدأ مشروعاً جديداً.

لقد ظلت الأسلحة النووية مجرد رادع للعدو وخاصة بعد آثاره التي تركها على اليابان، وانفجار مفاعل laquo;تشيرنوبلraquo; مما أقنع الفرقاء أن الإبقاء عليه مجرد سلاح معنوي يوضع لأقصى حالات الطوارئ، ثم ان انفلات هذه التقنية وتوزيعها على دائرة أكبر من محتكريها، خلق هاجس الرعب من امتلاك منظمات إرهابية قوة تدمير بيولوجية أو كيماوية، أو نووية، وهنا جاء الالتزام بالتخفيض بين القوتين الأكبر مقدمة للحاق دول أخرى في أوروبا وآسيا بهما..

المعيار هنا ليس موقفاً أخلاقياً أو إنسانياً فقط، بل إن مضاعفات كلفة إنتاج وخزن هذه الأسلحة أثقلت عبء ميزانيات تلك الدول، وأن ما يجوب البحار والفضاء والقواعد الأرضية الأخرى من هذه الأسلحة يظل خطراً محتملاً لو حدث أي خطأ تقني قد يخلق كارثة إنسانية هائلة..

صحيح أن البحوث العلمية ووجود علماء في معظم دول العالم ودخول بيع الخبرات بالسوق السوداء، وكذلك تهريب المواد التي تدخل في هذه الصناعة، صارت سهلة التداول والبيع والشراء، وانخفاض الرقابة عليها وسط فوضى أمنية عالمية، جعلت الأمور تتعقد أكثر، ومن هنا صارت الدعوات إلى خطر الأسلحة والتفتيش على المفاعلات الحديثة، وكشف الدول التي تملك السلاح بالاسم والموقع ربما يوفر عدالة عامة بين دول العالم مجتمعة..

لقد امتلكت الهند والصين سلاحهما النووي، ثم لحقتهما باكستان، وفي الطريق، وفقاً لمجريات الأحداث، سوف تكون إيران عضواً في هذا النادي، ولا تزال إسرائيل تسكت على ترسانتها، وبالتالي إذا كان السعي لعالم بلا أسلحة دمار شامل فإن تسوية القضايا السياسية ومسائل الحدود وإيقاف التوتر وقهر الإرهاب، هي عناوين السلام العالمي لمن يريد السلام..