يوسف الكويليت

الأسرتان الملكيتان في المملكة والبحرين، هما من تنطبق عليهما بدون تحفظ الأسرة الواحدة، ليس فقط بدفء العواطف والمشاعر المشتركة، وإنما بالتلاحم التاريخي، حتى ان الذهاب والإياب لا تعقده الشكليات أو تعقيدات الحدود أو العوائق التي تشهدها بعض الدول العربية..

خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله في البحرين أمر طبيعي، أي إن اللقاء بين العاهلين والأسرتين هو لمداولات الأحداث العربية والعالمية، وهموم الأمن وكيف يُدارالعالم من خلال آفاق التنمية وانتشار الثقافات والمعارف، وكيف سيصبح موقفنا في هذه الدورة الهائلة التي تتصل بكل إنسان وبلده؟

فالمملكة هي القوة الاقتصادية والروحية في المنطقة، وهي من مؤسسي مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية والمنظمات الإسلامية والدولية الأخرى، وبالتالي إذا كانت مسؤولياتها الداخلية لها الأولوية في البناء في مختلف الميادين، فإن البحرين ليست المملكة التي بلا معنى ولا قوة حتى لو كانت الجغرافيا صغيرة، فهي تماثل غيرها مثل هونج كونج وسنغافورة وبلدان أخرى لا تختلف عنها بالحجم، ولكن من منظور التنمية، ورغم بساطة الموارد الطبيعية، فهي أفضل من العديد من الدول، إذ إن تضافر حكومتها، ودينامية شعبها وثقافته وندرة الأمية، أعطتها امتياز الموقع الحساس والهام على الخليج العربي كممر دولي ومركز مالي مرموق، واتجاه إلى خلق فرص عمل لكل مواطن، إلى جانب أنها واحدة من المناطق السياحية الجاذبة في المنطقة..

الزيارة تأتي في أجواء عربية وإقليمية مشحونة بحالات مد وجزر، ومنها ما يؤثر على البلدين سياسياً وأمنياً، وأخرى تحتاج إلى جهود مشتركة، ثم إذا قفزنا دولياً، نجد آسيا القريبة منا جغرافياً أصبحت قارة عظمى، إذ تتجه مصادر القوة إليها بشواهد ما يجري من طفرات اقتصادية وعلمية، وتواجد سكاني هائل، جعل الخليج العربي ممراً هاماً في تقاطع القارات، وباعتبار المملكة ومملكة البحرين هما على نفس الطريق يجدان في تميز هذا الموقع ما يترتب على إبعاده عن أي نزاعات أو مداخلات دولية، ويتحتم تحييده عن الصراعات كشريان رابط للتجارة العالمية ومصادر النفط والغاز ومصالح العالم الأخرى..

الملك عبدالله الذي حظي بسمعة دولية كبيرة عندما بنى علاقات مع كل الدول وأسس لحوار شامل لكل أصحاب الأديان والثقافات وشرع بجعل السلام غاية، ومكافحة الإرهاب فرضاً على كل شعب وأمة، هو الذي ينهض بشعبه وأمته أن يكونا مركز الأضواء والاهتمامات، لأن المنافسة باتت كبيرة ولا مجال للتقهقر والتباطؤ، ولعل نموذج دول مجلس التعاون الخليجي التي حققت قفزات كبيرة وعالجت قضاياها بعقل متفتح، والتزامها بواجباتها القومية والإقليمية جعل هذا الشريان من خلال أعضائه واحداً من أهم المواقع العالمية استراتيجياً واقتصادياً، ولذلك فإن عائد زيارة الملك عبدالله يصب في هذا الاتجاه للأهداف المشتركة..