حسان حيدر


في أواخر حرب صيف العام 2006، اطلق laquo;حزب اللهraquo; صاروخاً من طراز laquo;نورraquo; على بارجة اسرائيلية فأصابها بأضرار بالغة وقتل بعضاً من بحارتها. وقيل يومها ان ظهور الصاروخ الذي طورته ايران من أصله الصيني والذي يزيد طوله على ستة امتار ويصل مداه الى 200 كيلومتر، فاجأ اسرائيل وساهم في قرارها بوقف القتال، علماً ان طائراتها وأقمارها الاصطناعية كانت آنذاك ترصد الاراضي اللبنانية على مدار الساعة كونها في حالة حرب مع البلد الصغير.

وفي تشرين الاول (اكتوبر) الماضي، نشرت مجلة laquo;جينز ديفنس ويكليraquo; البريطانية الموثوقة ان دمشق زودت الحزب صواريخ من طراز laquo;أم 600raquo;، وهي نسخة سورية من صاروخ laquo;فتح 110raquo; الايراني الذي يبلغ مداه 250 كيلومتراً ويحمل رأساً تفجيرية وزنها 500 كيلوغرام.

وفي مطلع آذار (مارس) الماضي، ذكرت الصحف الاسرائيلية ان الاستخبارات العسكرية ابلغت لجنة الدفاع والشؤون الخارجية في الكنيست بأن سورية قدمت لحليفها الرئيسي في لبنان صواريخ تحمل على الكتف من طراز laquo;ايغلا-اسraquo; المضادة للطائرات والتي يمكنها اسقاط الطائرات الاسرائيلية من دون طيار او تلك الحربية التي تحلق على ارتفاعات منخفضة.

وبعد 2006، اعلن قادة laquo;حزب اللهraquo; في تصريحات علنية متكررة انهم اعادوا تسليح انفسهم وأن ترسانتهم الصاروخية زادت أضعافاً عما كانت عليه قبل حرب ذلك العام، وأن استعداداتهم العسكرية مستمرة تحسباً لأي عدوان اسرائيلي جديد.

واذا كانت هذه اموراً معروفة لاسرائيل وشبكاتها التجسسية وكذلك للعالم اجمع بمن فيه الاميركيون انفسهم، فلماذا كل هذه الضجة التي تثار حالياً حول صاروخ laquo;سكودraquo; الذي تقول الدولة العبرية انه صار بحوزة laquo;حزب اللهraquo; وانه laquo;يخل بموازين القوى في المنطقةraquo;، وهل يزيد هذا الصاروخ كثيراً حجم التهديد الذي تقول اسرائيل انها تتعرض له، ام ان هناك اسباباً اخرى وراء الازمة المستجدة؟ ومن المستهدف بهذه الضجة: laquo;حزب اللهraquo; ام سورية؟

البيان الصادر عن وزارة الخارجية الاميركية قبل يومين ربما يوضح بعض الامور. يقول البيان انها المرة الرابعة التي تلفت فيها الادارة الاميركية نظر سورية الى موضوع تسليح laquo;حزب اللهraquo; في غضون اشهر قليلة. وهذا يعني ان واشنطن سبقت تل ابيب الى اثارة المسألة ولو عبر الطرق الديبلوماسية، ويعني ايضاً ان المعلومات عن السلاح الجديد قد يكون مصدرها الاميركيون، اي انهم قد يكونون وراء الضجة المثارة بهدف ممارسة ضغط ما على سورية.

وتقول مجلة laquo;فورين بوليسيraquo; الاميركية في عددها الاخير ان هناك استياء اميركياً من سلوك دمشق laquo;الاحتفاليraquo; بما يعتبره السوريون laquo;انتصاراًraquo; لهم على اكثر من صعيد. وتوضح ان سورية، وبدلاً من ان تظهر مرونة بعد المبادرات الغربية (الفرنسية والاميركية) والعربية (السعودية) في اتجاهها، اظهرت على العكس قناعة بأن laquo;صمودهاraquo; بدأ يعطي ثماره، فصلّبت مواقفها على الصعيد الاستراتيجي والسياسي والاقتصادي، وانه خلال laquo;القمةraquo; التي عقدت في دمشق بين الرئيس السوري بشار الأسد والايراني احمدي نجاد والامين العام لـ laquo;حزب اللهraquo; السيد حسن نصرالله، اعلنت سورية على لسان وزير خارجيتها وليد المعلم تغييراً كبيراً في عقيدتها الامنية يقحم القوات السورية في اي تجدد للنزاع بين اسرائيل و laquo;حزب اللهraquo;.

ويعني هذا ان سياسة laquo;الانخراطraquo; التي قررتها واشنطن ازاء دمشق قد تخضع للمراجعة اذا لم تعدل سورية في مواقفها وتبدأ في الابتعاد تدريجاً، كما يأمل الاميركيون، عن العباءة الايرانية ومستلزماتها.