حسن أبو طالب

بشئ من الثقة يمكن وصف الاسبوع الماضي بأنه أسبوع الافتراءاتrlm;,rlm; والأكاذيب الاسرائيلية والامريكية بشأن شيء لم يحدثrlm;,
rlm; ومن الصعوبة أن يحدث بالصورة التي تحدثت بها مصادر أمريكية وإسرائيليةrlm;,rlm; الشيء الكاذب هناrlm;,rlm; والذي أكده وزير الخارجية أحمد أبو الغيط في زيارته السريعة إلي بيروت قبل خمسة أيام ـ هو نقل أو تهريب صواريخ سكود بي أو أي طراز آخر من سوريا إلي حزب الله اللبنانيrlm;,rlm; وهو أمر كاذب لأن هذه النوعية من الصواريخ كبيرة الحجم إذ يبلغ طولهاrlm;11rlm; متراrlm;,rlm; ومنصتها المتحركة يصل طولها إليrlm;14rlm; متراrlm;,rlm; ومن ثم فهي سهلة الرصد والمتابعة في كل المراحلrlm;,rlm; بما في ذلك مرحلة الاطلاق التي تتطلب أكثر من ساعة للتجهيزrlm;,rlm; وحين تقوم قائمة تل أبيب وواشنطن استنادا إلي شيء كاذبrlm;,rlm; فهنا ينبغي النظر إلي الأمر بقدر كبير من الحذر والاستعداد إلي ما هو أسوأrlm;.rlm;
ووفقا للموقف الاسرائيلي الذي تم تسريبه إلي الصحافة البريطانيةrlm;,rlm; وأشار إليه من قبل شيمون بيريز ثم أكده وزير الحرب ايهود باراك وعدد آخر من القيادات العسكريةrlm;,rlm; فإن وصول هذه الصواريخ إلي حزب الله في الداخل اللبناني سيعني تغيرا كبيرا في حالة الهدوء القائمrlm;,rlm; مما يستدعي القيام بهجمة كبيرة علي مرافق وبنية تحتية سورية أولا ولبنانية ثانياrlm;,rlm; ستعيد سوريا إلي العصر الحجري وفقا للتعبير الذي نشرته صحيفة صينداي تايمز البريطانيةrlm;18rlm; ابريل الحاليrlm;.rlm;
هذه التصريحات الفجة هي أكثر من مجرد تعبيرات بلاغية أو انشائية للتعبير عن الغضب أو مجرد توجيه تحذير عابرrlm;.rlm; انها تهديد صريح بالعدوان والحربrlm;,rlm; وتهديد باستخدام كل مفردات وعناصر الآلة العسكرية الهمجية الاسرائيلية ضد سوريا أولا ولبنان ثانياrlm;.rlm; هذا التهديد يمكن فهم دواعيه ومسبباته بحالة الأزمة التي تعيشها اسرائيل الدولة والمجتمع في آن واحد في ظل حكومة يمينية متطرفة لاتؤمن بالسلام أو بالحقوق المشروعة للفلسطينيين وكل همها الأول والأخير الاستيلاء علي الاراضي العربية عبر الاستيطان بلا قيودrlm;,rlm; ووضع المنطقة برمتها تحت الضغط والتهديد بالحربrlm;.rlm;
هذه الحكومة الاسرائيلية المتطرفة التي تعيش أزمة معلنة مع ادارة الرئيس أوباماrlm;,rlm; وترفض الاستجابة إلي الحد الادني من متطلبات المفاوضاتrlm;,rlm; وترفض حل الدولتين وتطرح صيغا عجيبة لامعني لها لنهاية المفاوضاتrlm;,rlm; يهمها بالقطع أن تهرب من التزامات التسوية التاريخية عبر اعادة تشكيل الواقع الاقليمي من خلال الحرب أو علي الاقل التهديد الدوري بهاrlm;,rlm; ومن ثم ادخال عناصر جديدة في اللحظة الجارية بهدف إرباك الامور أمام ادارة الرئيس أوباما وأمام العربrlm;,rlm; ومن ثم التغيير القسري للمعادلات المطروحة والهروب من التزامات المفاوضاتrlm;.rlm;
المأساة هنا أن الولايات المتحدة تدرك تماما هدف حكومة نيتانياهوrlm;,rlm; ولكنها لاتتصرف بطريقة تتناسب مع كونها القوة الاولي في النظام الدوليrlm;,rlm; ولا مع كونها الحامية لاسرائيل والمانح الاول لاقتصادها ومصدر تفوقها العسكري تكتيكيا واستراتيجياrlm;,rlm; وهي مجالات تمنح البيت الابيض قوة كبري في الضغط علي الحكومة الاسرائيليةrlm;,rlm; ولكنه يتناسي ذلك ويتجاهلهrlm;,rlm; بل تتصرف واشنطن أحيانا بطريقة تعكس انحناء تام أمام تل أبيب وأكاذيب قادتهاrlm;,rlm; وهو ما ظهر في استدعاء الخارجية الامريكية للدبلوماسي الثاني في السفارة السورية بواشنطن ونقل تحذير لدمشق من مغبة ما وصف بتهريب صواريخ سكود إلي حزب الله اللبنانيrlm;,rlm; في خطوة عكست تناغما تاما مع الموقف الاسرائيلي المهدد بالحربrlm;,rlm; وربما ضلوعا في العدوان الاسرائيلي علي سوريا أو لبنان لاحقاrlm;.rlm;
ولنلاحظ هنا ما قاله نائب وزير الدفاع الاسرائيلي ماتان فيلناي ان قدرات حزب الله علي اطلاق النار تحسنت كثيرا وهدفه الرئيسي هو ضرب المواقع الخلفية لاسرائيلrlm;..rlm; سنقوم في نهاية الشهر المقبل بتدريب عسكري لمواجهة هذا الواقع كما فعلنا العام الماضيrlm;,rlm; وهو تصريح يؤكد بصراحةrlm;,rlm; وإن كانت تحت ستار القيام بمناورات عسكرية تدريبية لمواجهة واقع جديدrlm;,rlm; ان اسرائيل تستعد للحرب وتعمل علي الهروب إلي الامامrlm;,rlm; وإن التقارير التي أشارت إلي صيف ساخن بالنسبة لسوريا وايران ولبنان ليست من فراغrlm;.rlm;
والأمر المؤكد هنا ان استعدادات اسرائيل الدائمة للحرب والعدوان هي جزء عضوي من وجودها وبقائهاrlm;.rlm; والمؤكد أيضا أنها توظف الحالة التي يكون عليها العرب من أجل تمرير عدوانها وترسيخ وجودهاrlm;,rlm; وتمديد استيلائها علي أراض عربية جديدةrlm;,rlm; فلولا الانقسام الفلسطيني وسطوة الانانية السياسية للفصائل الفلسطينية الكبري علي الوضع الفلسطيني لما وصل الحال إلي ما نراه الآن من تشرذم وفقدان التماسك وتهديد مستقبل السلطة الفلسطينية وترسيخ الانقسام الجغرافي بين الضفة والقطاعrlm;,rlm; واستمرار حصار غزة وأهلها إلي أمد غير معروفrlm;,rlm; ولولا الانقسام العربي لما وصل الصلف الاسرائيلي إلي هذا المدي الذي يهدد فيه بالحرب بلدين عربيين علنا بعد تمرير الاكاذيب والافتراءاتrlm;.rlm; ان التهديد الذي تتعرض له سوريا هو تهديد للدول العربية كلهاrlm;,rlm; وتهديد للاستقرار والسلم الدولي أيضاrlm;,rlm; ومن هنا خطورة الأمر وحساسيته الشديدةrlm;,rlm; من هنا أيضا الضرورة التي تفرض تحركا سياسيا واستراتيجيا يتناسب مع حجم التهديدrlm;.rlm; فالمصالحة الفلسطينية مصحوبة بمصالحة عربية لم تعد ترفاrlm;,rlm; بل ضرورة حياة وضرورة بقاءrlm;,rlm; وتلك التحفظات التي تقولها بعض فصائل فلسطينية حول الورقة المصرية يجب ألا تكون مانعا من أجل حماية القضية الفلسطينية نفسهاrlm;,rlm; فإن ضاعت القضية فكيف يمكن لسوريا وللفصائل الفلسطينية التي تتحالف معها أن تقدم تبريرا للتاريخ والاجيال المقبلة بأن ما كان هو من أجل تحرير فلسطين وشعبهاrlm;,rlm; وإذا كان السوريون قد بدأوا يحصدون كثيرا في علاقاتهم مع لبنان الدولة والحكومة والقوي السياسية المختلفةrlm;,rlm; بعد أن غيروا أسلوبهم السابق من الهيمنة المباشرة علي كل كبيرة وصغيرة في لبنان إلي التعامل مع الجميع من منظور الشراكة والتعاونrlm;,rlm; فهم سوف يحصدون اكثر ان عادوا بقوة إلي الحضن العربي بمنظوره الاستراتيجيrlm;,rlm; ولم يفرضوا علي أنفسهم مجالا استراتيجيا وحيدا وبديلا باعتباره الأهم وذا الأولويةrlm;.rlm;
ان زمن التموضع الاستراتيجي السوري في ركن بذاته لم يعد خيارا مناسبا في ظل التهديدات الاسرائيلية القديمة والجديدةrlm;,rlm; معا وبعد أن ظهر أن الرهان علي ادارة أوباما في تفعيل التسوية التاريخية وانجازها هو رهان خاسر حتي اللحظةrlm;,rlm; ولايوجد ما يؤشر إلي أنه قد يتغير إلي رهان كاسب في مدي زمني معقولrlm;,rlm; وبعد أن تبين ايضا ان فعالية دول جوار بعينها ـ كتركيا مثلا ـ في استيعاب واحتواء النزعات الشريرة لدي اسرائيل ليست مضمونة النتائجrlm;,rlm; كما ان الرهان علي هذه القوي الاقليمية في تمرير صيغ تسوية أو مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة لم يأت بنتائج حتي الآنrlm;,rlm; ولعل السبب في ذلك كله هو ان الجميع يتعاملون مع سوريا باعتبارها بلدا تحت الحصار السياسي وأنها معزولة إلي حد ما عربياrlm;,rlm; وانها التي ترغب في تحقيق عائد سياسي ومعنوي واستراتيجي يساعدها علي الصمود في وجه العدوانية الاسرائيليةrlm;.rlm; ان هذه النتائج وغيرها تستدعي نقلة كبري في التفكير الذي ساد دمشق في السنوات القليلة الماضيةrlm;,rlm; ويستدعي العودة مرة أخريrlm;,rlm; إلي الانخراط أكبر ـ وكما كان في السابق ـ في استراتيجية عربية موحدة بعيدا عن الانقسامات وتوزيع الاوصاف بالبطولة او الرعونة علي هذا الطرف أو ذاكrlm;,rlm; وإلي الانفتاح علي الدول العربية الرئيسية ومد اليد اليهاrlm;,rlm; والتوفيق بين الالتزامات الاقليمية مع ايرانrlm;,rlm; والالتزامات العربية بمعناها الأرحبrlm;,rlm; فلا أحد عربيا أو مصريا يريد سوءا بسوريا لانظاما ولا شعباrlm;,rlm; فسوريا وشعبها دوما في القلب والعقلrlm;.rlm;
وكلاهما يفرحان بتلك الاشارات الايجابية التي تكررت كثيرا بين مصر وسوريا في الاسابيع الاخيرة والتي تمهد لنقلة نوعية في علاقات القاهرة ودمشقrlm;,rlm; بات الوضع العربي في حاجة ملحة اليها اكثر من أي وقت مضيrlm;.rlm; ولتكن زيارة الرئيس الاسد المرتقبة للقاهرةrlm;,rlm; والتي رحب بها الوزير أحمد أبو الغيط هي نقطة التحول التي يتطلع اليها الجميعrlm;.rlm;