William Harris - Weekly Standard


حين تحصل إيران على القنبلة النووية، سيتخذ النادي النووي شكلاً جديداً، فمن دون قنبلة إيرانية، ومع استبعاد حصول أي تغيير في النظام الباكستاني، ندرك جيداً عدم وجود أي قوة نووية قادرة على نقل الأجهزة إلى الجيش الخاص بالنخبة الدينية من أمثال 'حزب الله' في لبنان. مع وجود قنبلة إيرانية، ستنتهي تلك الضمانات فوراً، إنها الظروف الملموسة التي تلوح في الأفق، في وجه الحملة الترويجية المتعلقة بسهولة نقل المواد النووية في قمة الأمن النووي التي عُقدت في واشنطن، في أبريل 2010.

يرى مؤيدو سياسة احتواء إيران النووية في إدارة أوباما وفي محيطها ضرورة ردع إيران بأسلوب واقعي تقليدي، لكن جمهورية إيران الإسلامية أصبحت عبارة عن خليط بين 'حكومة الله' وعصابات مسلحة وحشية، وتُحكَم البلاد في ظل حركة تمرد واسعة وجوّ من التهويل وتهريب الأسلحة. ربما يُتوقع أن تؤدي هذه الأمور إلى القضاء على سياسة الاحتواء المزعومة، وتحديداً بعد أن تحصل إيران على الهالة النووية التي تسعى إليها وتواجه قادة العرب القلقين.

في جميع الأحوال، تملك إيران القدرة على التوسع استراتيجياً في أنحاء الشرق الأوسط وصولاً إلى البحر المتوسط، ما يجعلها بمنأى عن سياسة الاحتواء. في 25 فبراير، اجتمع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والرئيس السوري بشار الأسد وأمين عام 'حزب الله' حسن نصرالله في دمشق للاحتفال بتحالفهم وإنجازاتهم. لقد مكّنت الشراكة السورية الإيرانية النخبة الحاكمة في سورية من اكتساب قوة متزايدة في التعامل مع الغرب والعرب، وتتوق سورية إلى تحقيق مكاسب إضافية من شراكتها مع إيران التي تتجه نحو تصنيع قنبلة، فخلال القمة الثلاثية، سخر الأسد من الدعوة التي وجهتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى سورية بالابتعاد عن إيران.

ماذا عن 'حزب الله'؟ بسبب الإحباط الذي بثه قادة الغرب في نفوس أصدقائهم في لبنان، انتقل 'حزب الله' من حكم جزء كبير من لبنان إلى حكم الدولة اللبنانية كاملة. إنها نتيجة الغزل الغربي مع بشار الأسد والضغط الذي مورِس للتوصل إلى 'إجماع' مع الحكام الدكتاتوريين حول الشأن اللبناني، ونتيجةً لذلك، أصبح لبنان، أكثر من أي وقت مضى، ساحة للعمليات الإيرانية في الشرق الأوسط.

يُعتبر 'حزب الله' جزءاً لا يتجزأ من المؤسسة الدينية والعسكرية الحاكمة، فقد تعهد بالالتزام بتعاليم القائد الأعلى علي خامنئي، ومن وجهة نظر القادة الإيرانيين، يشكل 'حزب الله' جناحاً من جهازهم، ويتمتع الحزب بالمصداقية كقاعدة للأسلحة الإيرانية الاستراتيجية المتاخمة لإسرائيل، في قلب العالم العربي، وعلى منتصف الطريق نحو أوروبا، بسبب ترسانته الضخمة وأرضه المحصّنة وقدراته الاستخبارية العالية.

لا نستبعد أن يعمد الحرس الثوري الإيراني إلى تأسيس وحدة تهريب استراتيجية في لبنان مزوّدة بأجهزة نووية، الإغراءات كثيرة: استهداف إسرائيل من دون الحاجة إلى استعمال صواريخ باليستية، نكران الواقع (على الأقل من وجهة نظر طهران)، والحصول على محميّة سرية خارج إيران. لو أن زورقاً سريعاً نجح في نقل عشرة كيلوطن في وقت مبكر من أحد الأيام إلى شاطئ تل أبيب- وتبخّرت جميع الدلائل على ذلك- فمن يستطيع تحديد المسؤول عن العملية؟ مجرد التفكير بأن إيران قد تنفذ عمليات نقل نووي إلى قاعدتها في لبنان بعد عبور معقل الأسلحة سيؤدي إلى تغيير الحسابات على الجبهة بين إسرائيل و'حزب الله'.

حين يتكلم أحمدي نجاد عن نجاح نصرالله في استئصال إسرائيل في عملية 'الانتصار الكبير'، يصعب التفكير بآلية مختلفة عن الآلية النووية، وربما كان أحمدي نجاد يعني ما قاله. لقد أخبرنا بأنه يمثل نور الإمام الثاني عشر أثناء حديثه أمام الجمعية العامة في الأمم المتحدة. ربما لا يحكم أحمدي نجاد إيران فعلياً، لكن تفكيره متفش في الأوساط الحاكمة.

من المرعب التفكير بأن 'حزب الله' تربطه علاقة بالأسلحة النووية، لكن ليس بالنسبة إلى الشيعة اللبنانيين، إذ يجمع الحزب بين التطور التقني والتواصل العالمي والقدرة على إيهام الشعب، وبالنسبة إلى نصرالله، فإن إسرائيل هي مجرد 'شبكة عنكبوتية' ويجب محوها بضربة واحدة، ولايزال 'حزب الله' يردع نفسه حتى الآن، لكن قوته وطموحه المتنامي سيصلان إلى مستوى أعلى بعد حصول إيران على القنبلة النووية.

يبدو المستقبل قاتماً... فتاريخ الطوائف اللبنانية الكثيرة حافل بسوء الحسابات الكارثية. واجه أمير الدروز فخر الدين المعني الثاني الكبير ثورة عثمانية قاتلة بعد أن توسع شرقاً باتجاه تدمر وشمالاً باتجاه حلب في أوائل الثلاثينيات من القرن السابع عشر. في الجبل، واجه الموارنة مآسي هائلة في عامي 1845 و1860 لأنهم بالغوا في تقدير قوتهم في وجه الدروز. تشكّل رحلة 'حزب الله' نحو أي نتيجة سيصل إليها استناداً إلى استخفافه وتكبره المعهودين، نسخة تصعيدية لقصة قديمة ستقود إلى مجازفات عالية، علماً أن هذا المسار سيجرف معه الطائفة الشيعية ولبنان ككل.

في غضون ذلك، يؤدي تواصل الولايات المتحدة مع النخبة الحاكمة في سورية إلى تشجيع بشار الأسد على تزويد 'حزب الله' بمؤن من الصواريخ والذخائر المتنوعة. من بين المخططات الفرعية التي يعتمد عليها النظام السوري وسيلة الابتزاز للعودة إلى بيروت. يشبه الوضع مفتعل الحريق الذي يبيع نفسه ويدعي أنه إطفائي، لكنه يبقى مفتعل حريق لا أمل في ارتداده عن الخطأ، ولا ننسى أن سورية في هذه الحالة هي مشتبه فيها بقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري بحسب تقارير لجنة التحقيق الصادرة عن الأمم المتحدة عام 2005.

ما العمل إذن؟ في البداية، لابد من تعليق 'سياسة التواصل' مع سورية وإيران بعد أن أثبتت عدم جدواها. في الواقع، قد تكون أبرز منفعة من سياسة التواصل تلك هي الاعتراف العلني بفشلها والانسحاب منها. بما أن سبب عملية الاغتيال السياسي التي وقعت في لبنان عام 2005 شبه معروف، لابد من الإصرار على تحقيق العدالة الدولية حتى النهاية. نظراً إلى تشدد المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، قد تنجح العدالة الدولية في إغراق أصدقاء إيران في المشرق. شرقاً، لا يجب اعتبار العراق رهينة لعملية التواصل المعتمدة. لم يضعف تصميم النظامين السوري والإيراني على القضاء على العراق المتعدد الطوائف يوماً. أما بالنسبة إلى حكام إيران، فتقضي الحيلة بالحصول على أكبر قدر ممكن من النتائج من مجلس الأمن مع فرض مستوى جديد من العقوبات الأوروبية الأميركية. وحده التعامل الصارم مع النظام قد يؤثر في بيئة إيران المحلية في السنتين المتبقّيتين. أكد الرئيس أوباما على متابعة التصرف 'بجرأة وسرعة'، لكن لايزال هذا الكلام حبراً على ورق.

* بروفيسور في جامعة أوتاغو، نيوزيلاندا