زيد علي الفضيل

حين يُشبه وزير الخارجية التركي السيد أحمد داود أوغلو ، وخلال لقائه بالسيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية ، الهجوم الإسرائيلي على قافلة الحرية الدولية بتنظيم من هيئة الإغاثة التركية ، بأنه يماثل الهجوم الذي تعرضت له الولايات المتحدة الأمريكية في 11/9 ، لأن مواطنين أتراكاً مدنيين تم مهاجمتهم بقصد وتبييت نية ، وعلى المياه الدولية . حين يُشبه السيد أوغلو هذا الاعتداء بأحداث 11/9 الأمريكية ، فإن للأمر أبعاده السياسية والإستراتيجية التي يصعب إغفالها بشكل أو بآخر . ذلك أن الحكومة الأمريكية خلال تلك الفترة ، قد حددت ملامح رؤيتها الاستراتيجية على الصعيدين السياسي والعسكري في جملة بسيطة وهي :raquo;إما أن تكون معنا أو ضدناraquo;، وكان من جراء ذلك أن اصطف العالم معها حين أعلنت حربها على أعدائها ، واتخذت قرارها بتصفيتهم ماديا ومعنويا ، فكان إعلانها الحرب على طالبان ، واستتباعها بتكثيف حربها للنظام العراقي السالف ، وقرارها بتغيير ملامح المنظومة السياسية للمنطقة العربية ، وفق رؤيتها السياسية الجديدة ، المختزلة في ما عرف بالشرق الأوسط الجديد ، التي يكون للكيان الإسرائيلي فيه الدور الأكبر في قيادة دفة الصراع في المنطقة ، ورسم أبعاده بعد ذلك ، بما يتوافق ومرئيات المرحلة الجديدة ، التي لا يكون فيها للدين والقومية أي تأثير جوهري ، وإنما تصبح القيمة فيه للمصالح والرغبات الفردية الضيقة . إلا أن ذلك لم يتحقق، حيث تحطمت طلائع ذلك المشروع الاستعماري الجديد مع حرب تموز سنة 2006م ، وتم تأبينه كليا مع أحداث الهولوكوست الصهيوني ضد الإنسان الفلسطيني في غزة منذ سنة 2009م وحتى الوقت الراهن ، وللأسف فإن مشاهد هذه المحرقة تحدث أمام مرأى ومسمع جميع التكوينات البشرية على هذا الكوكب ، وبتحدٍ صارخ من قبل الكيان الإسرائيلي لكل القوانين والمعاهدات الدولية ، التي من شأنها أن تكفل المحافظة على حقوق الإنسان والحيوان والجماد . بهذا التطور الدراماتيكي لسيناريو الاستحواذ الصهيوني الغربي ، تأكد انهيار مشروع النظام العالمي الجديد ، الذي تصور قادة المحافظين الجدد وأنصار الحزب الصهيوني المسيحي في الغرب،إمكانية نجاحه،وإمكانية خَلقِه لمشهد جديد على أنقاض المشهد الجغرافي السياسي(Geopolitics) المتكون بعد نهاية الحرب العالمية الأولى فيما عرف باتفاق سايكس بيكو . وبهذا الإعلان التركي يمكن تصور ملامح مشهد عالمي جديد ، يتخلق على نار هادئة ، يجمع بين مختلف التكوينات السياسية الدولية ، المناهضة للصَّلف الصهيوني ، والرافضة للسياسة الأمريكية الأحادية ، خاصة وأن المشهد السياسي الدولي أصبح يُوحي بروز تكوينات دولية جديدة ، تريد أن يكون لها دورها البارز على السطح ، لاسيما وأنها باتت تمتلك مقومات ذلك على الصعيدين المادي والقومي ، كما هو الحال مع البرازيل وفنزويلا على مستوى القارة الأمريكية ، وإيران وتركيا على مستوى منطقة الشرق الأوسط ، والصين ودول الآسيان على مستوى الشرق الأسيوي ، ناهيك عن تجدد الرغبة الدفينة في التكوينات التقليدية كالدب الروسي الذي ملَّ من كمونه الشتوي . والسؤال: هل تدرك الجامعة العربية ملامح هذا التغير المتخلق بقوة ، الشبيه بكرة الثلج؟ أم أن الأمر لم يعد يعنيها من قريب أو بعيد؟ تساؤل من مواطن عربي ، أطرحه برسم الإجابة بين يدي السيد عمرو موسى ، مع خالص التحية والتقدير.